إقبال على أزياء "هانفو" الصينية بين مزيد من الشباب يمهد طريقا جديدا لتنمية الثقافة التقليدية الصينية
بكين 17 مايو 2023(شينخوانت)تتجول مجموعة من الشباب في الأجنحة والحدائق الملكية مرتدية أثوابا طويلة وتنانير مطرزة تنسدل أكمامها وتتمايل بلطف مع النسيم. ليس هولاء الشباب ممثلين أو ممثلات في أفلام سينمائية، بل عشاق "هانفو".
وأولت الصين أهمية كبيرة لآداب الأزياء منذ العصور القديمة، وظهرت كلمة "هانفو" لأول مرة في ((هانشو)) الذي اكتملت كتابته في عام 105 بعد الميلاد. وكان "هانفو" في ذلك الحين يمثل الثقافة التقليدية لقومية هان، ويتكون أقدم شكل له من سترة وتنورة. وخلال عملية تعاقب مختلف الأسر الملكية، كان "هانفو" يواصل استيعاب الأنماط الوافدة وامتزاجه بالعناصر الدخيلة. ولم يقتصر على شكل أصلي رتيب فحسب، بل أصبح متنوعا وغنيا بالألوان تدريجيا. ويمكن القول إن "هانفو" ليس من الأزياء التي يرتديها أبناء قومية هان فحسب، بل يرمز إلى نظام أزياء ذي شمول قوي.
وبعد آلاف السنين من التوريث والتنمية، وعلى الرغم من وجود ثقافات أزياء متنوعة في فترات مختلفة، لكن أزياء "هانفو" هي بالفعل مصدر هذه الثقافات.
وعندما نتحدث عن "هانفو" اليوم، يُقصد بالكلمة من جانب أزياء "هانفو" التقليدية، ومن جانب آخر أزياء "هانفو" الحديثة المصممة على أساس أزياء "هانفو" التقليدية.
وبالاستفادة من الشعبية المتزايدة لوسائل التواصل الاجتماعي وشغف المواطنين بالثقافة التقليدية، أُعيد "هانفو" إلى الواجهة بواسطة موجة جديدة وسط الشباب الصينيين الذين يرتدون أزياء "هانفو" ويعتقدون أن أفضل طريقة للحفاظ على التقاليد هي تكييفها مع الحياة العصرية.
واستشفّت الشركات والمصانع الذكية أيضا بنظرة ثاقبة الإمكانات الهائلة في القطاعات ذات الصلة بـ"هانفو".
وتعد محافظة تساوشيان بمدينة ختسه في مقاطعة شاندونغ شرقي الصين أحد مراكز التصنيع الرئيسية لـ"هانفو"، حيث يوجد أكثر من 2000 شركة وقرابة 100 ألف عامل في عملية التصنيع من المنبع إلى المصب، ولدى أكثر من 600 شركة تصميماتها الخاصة ذات حقوق الملكية الفكرية الحصرية.
وبالإضافة إلى الزبائن المحليين، أبلغت مجموعة من الشركات في محافظة تساوشيان عن زيادة في الطلبات الأجنبية هذا العام. وتشير التقديرات إلى أن حجم سوق "هانفو" في الصين سيصل إلى 12.54 مليار يوان (ما يعادل حوالي 1.81 مليار دولار أمريكي) في عام 2022، ومن المرجح أن يرتفع هذا العدد إلى 19.11 مليار يوان في عام 2025، وفقا لما أوردته شركة آي ميديا للأبحاث.
وقد شهدت أزياء "هانفو" تطورات على مدى آلاف السنين الماضية، وكانت في الأصل تجسد التسلسل الهرمي الاجتماعي والآداب الاجتماعية، كما تعكس خصائص مختلف العصور التي تضم تقنية النسيج والذوق الجمالي والعادات المعيشية وغيرها. وأصبحت أزياء "هانفو" نفسها رمزا ثقافيا مهما من خلال التراكم الثقافي المستمر في تاريخها العريق.
وإذا كان "هانفو" يعد رمزا للروح والحضارة القومية، فاقتصاد "هانفو" هو في الواقع نوع من الاستهلاك الثقافي الذي يكشف تلبية الجمهور احتياجاته الروحية بعد تحسين مستوى المعيشة، كما يثبت أن الثقافة التقليدية قد وجدت طريقا آخر لتحقيق التنمية المستدامة، مما يشكل جزءا مشرقا من الثقة بالنفس في مجال الثقافة.
وعلى الرغم من أن أزياء "هانفو" ليست مناسبة جدا لارتدائها في الحياة اليومية، لكنها قد أصبحت رمزا يظهر الشعور بالانتماء إلى المجتمع الثقافي وجزءا من القطاع الثقافي والإبداعي وميراثا للثقافة الصينية التقليدية. ولا يزال هناك شوطٌ بعيد لقطعه وعديد من الأسئلة للإجابة عليها من أجل مشاركة "هانفو" في المزيد من مشاهد الحياة والسماح للثقافة التقليدية بتغذية روح الجماهير.