تعليق: "إزالة المخاطر" دعوة مقنّعة لـ"فك الارتباط" مع الصين

تعليق: "إزالة المخاطر" دعوة مقنّعة لـ"فك الارتباط" مع الصين

2023-05-26 18:10:01|xhnews

بكين 26 مايو 2023 (شينخوا) اختتمت مجموعة الـ7 بقيادة الولايات المتحدة أعمال قمتها، التي استمرت ثلاثة أيام، يوم الأحد في مدينة هيروشيما باليابان. وذكر قادة المجموعة في بيانهم الختامي الذي صدر السبت أنهم لا يعملون على "فك الارتباط" مع الصين بل "إزالة المخاطر" بدلا من ذلك.

قد يبدو هذا المصطلح المصاغ بإتقان، والذي استخدمه سابقا حلفاء أمريكا الأوروبيون في سياستهم تجاه الصين ثم ردده المسؤولون الأمريكيون، أخف حدة. ولكن كما كشف العديد من المتشككين، فإن العداء الكامن ضد الصين لا يزال قائما.

ويأتي خطاب فك الارتباط المبجل في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة العديد من المشكلات الاقتصادية في الداخل، والتي تتراوح من إمكانية تخلف الحكومة الأمريكية عن سداد الديون إلى الاضطرابات المالية التي تفاقمت بسبب زيادة أسعار الفائدة والانهيارات المفاجئة لعدد من البنوك.

ويعد فك الارتباط مع أكثر الأسواق الواعدة ديناميكية في العالم قرارا غير حكيم ولا تتحمله الشركات الأمريكية. الأمر نفسه ينطبق على المستهلكين الأمريكيين، الذين يرون أن شراء المنتجات الصينية ذات الأسعار المعقولة يمكن أن تساعدهم في تجنب أزمة تكلفة معيشة أشد وطأة.

وتكشف الأرقام أن فك الارتباط مع الصين يتعارض مع اتجاه العصر، إذ سجلت تجارة البضائع بين الولايات المتحدة والصين رقما قياسيا جديدا بلغ 690.6 مليار دولار أمريكي في عام 2022، وفقا لبيانات نشرها مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي في فبراير.

وتحاول الولايات المتحدة في ظل هذه الظروف تجميل خطابها لفك الارتباط مع الصين حتى يصبح أكثر قبولا لدى المجتمع الأمريكي، وبشكل خاص لدى الشركات الأمريكية. ويعكس هذا التغيير في لهجة الخطاب من قبل الإدارة الأمريكية أيضا عقليتها المتناقضة، إذ أنه بينما تحتاج واشنطن إلى التعاون مع الصين في بعض المجالات، فإنها ترغب في مواصلة سياسة الاحتواء ضدها.

وعلاوة على ذلك، يبدو أن المصطلح الأنيق المصاغ حديثا يمثل جهد واشنطن المتجدد لإرضاء حلفائها. إذا ذهب فك الارتباط مع الصين بعيدا فلن يؤدي ذلك فقط إلى تراجع الاقتصاد الأمريكي، ولكن أيضا إلى ابتعاد حلفائها، وفقا لما حذر مقال رأي نشرته صحيفة ((بوليتيكو)) الأمريكية.

وعلى مدى السنوات الماضية، شكك حتى أقرب أصدقاء واشنطن في سياساتها العدائية تجاه الصين، إذ قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن على الاتحاد الأوروبي والصين العمل معا لتجنب "فك الارتباط وكسر السلاسل".

وذكر تقرير حديث صادر عن مركز أبحاث نمساوي أنه في حال فك الارتباط مع الصين، فإن ألمانيا ستشهد انخفاضا في إجمالي الناتج المحلي يقدر بنسبة 2 بالمئة على أساس سنوي، أي ما يعادل خسارة 60 مليار يورو (نحو 65 مليار دولار أمريكي).

وتهدف الولايات المتحدة من خلال تغيير لهجة خطابها الحادة إلى لهجة ناعمة، إلى معالجة الخلاف مع حلفائها، لكن لا تنخدعوا.

لا يعني التغيير في لهجة الخطاب اختلافا في اتخاذ الإجراءات، إذ أن "إزالة المخاطر" في الواقع لا تختلف إطلاقا عن "فك الارتباط".

صعدت واشنطن من حصارها على الصين في مجال التكنولوجيا الفائقة ومجالات أخرى. كما تتراوح التحركات الأمريكية الأخيرة من طرح مشروع قانون المنافسة مع الصين 2.0 إلى المناقشات الساخنة بشأن ما تسمى سلاسل الإمداد المرنة لأشباه الموصلات في قمة مجموعة الـ7، وكذلك من الدعوة إلى "دعم الأصدقاء" إلى تقييد الاستثمار الأمريكي في الصين.

ومن وجهة نظر واشنطن وبعض حلفائها، فإن المخاطر التي يواجهونها تسببها الصين، ولا يمكن القضاء عليها إلا من خلال احتواء الصين. وهذه العقلية السخيفة تخلق مخاطر حقيقية للعالم.

وفي الآونة الأخيرة، سعت واشنطن وبعض العواصم الغربية إلى تقويض القواعد الدولية، والتحريض على العداء الأيديولوجي، والانخراط في مواجهة التكتلات، وإساءة استغلال الوضع الاحتكاري لعملاتها لفرض ولاية قضائية طويلة الذراع وعقوبات أحادية الجانب ضد دول أخرى، وتصدير التضخم والأزمات المالية الخاصة بها إلى أجزاء أخرى من العالم.

قد يعتقد حلفاء واشنطن أنهم يستفيدون من اتباع أمريكا لاحتواء الصين. لكن الولايات المتحدة تخدم نفسها لدرجة أن حلفاءها أصبحوا "نصف شركاء ونصف ضحايا".

والمثال الرئيسي الأخير على ذلك هو قانون خفض التضخم الأمريكي، الذي يتضمن منح حوافز خضراء وإعفاءات ضريبية للشركات التي تنتج في الولايات المتحدة، حيث أضر هذا القانون بشدة بأوروبا مع إغراء المزيد من الشركات الأوروبية للانتقال للعمل في الولايات المتحدة.

وبالمقارنة مع الولايات المتحدة، فقد جلبت الصين للعالم الفرص والتعاون والاستقرار. ووفقا للإدارة العامة للجمارك، فقد بلغ إجمالي تجارة البضائع الصينية 42.07 تريليون يوان (6.2 تريليون دولار) في عام 2022، بزيادة 7.7 بالمئة على أساس سنوي، لتصبح الأولى على مستوى العالم للسنة السادسة على التوالي.

وتعد الصين شريكة تجارية رئيسية لأكثر من 140 دولة ومنطقة، وتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ إسهام الصين في النمو الاقتصادي العالمي أكثر من الثلث هذا العام.

ومن الواضح أن ما يسمى "إزالة المخاطر" مجرد ذريعة أخرى اختلقتها واشنطن لاحتواء الصين. ومن خلال ممارسة ألعاب الكلمات، تعرض الولايات المتحدة تنمية البشرية للخطر. ولهذا يتعين على واشنطن أن تدرك بأن السير على هذا النهج أمر خطير. 

الصور