(وسائط متعددة) تقرير إخباري: إسرائيل تزيد معاناة سكان مخيم جنين بعد عمليتها العسكرية وسط جهود كبيرة لإعادة إعمار ما تم تدميره
جنين 10 يوليو 2023 (شينخوا) زادت عملية إسرائيل العسكرية واسعة النطاق في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية من معاناة سكانه جراء حجم الدمار الذي خلفته، وسط جهود كبيرة من عدة جهات لإعادة إعمار ما تم تدميره في أسرع وقت ممكن.
وشن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية شاركت فيها قوات برية وجوية يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين أسفرت عن مقتل 12 فلسطينيا وإصابة 150 آخرين بينهم حالات خطيرة، بالإضافة إلى دمار كبير في البنية التحتية والمحال التجارية والمنازل، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.
ونجت الحاجة سهيلة جربوع من الموت بأعجوبة أثناء قصف الطيران الإسرائيلي منزلها المكون من طابقين الذي كان يأويها وأفراد عائلتها لحظة تأديتها الصلاة، ما أدى لأضرار جسيمة فيه وتطاير الزجاج والممتلكات في كل مكان.
وتجلس سهيلة جربوع على كرسي قرب أكوام حجارة متناثرة في فناء منزلها وحائط خلفها قد يسقط في أي لحظة جراء الغارة الإسرائيلية تستمع لأناشيد الثورة الفلسطينية القديمة، بينما تنهمر الدموع من عيونها لما وصل الحال بها.
وتقول الحاجة سهيلة بينما يلهو أحفادها من حولها بما عثروا عليه من ألعابهم من تحت الأنقاض لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنها "عايشت أحداثا كثيرة جرت في الضفة الغربية، لكن مثل هذا العدوان والقصف والقتل لم أراه من قبل".
وتضيف الحاجة سهيلة التي أصيب ابنها برصاص القوات الإسرائيلية واعتقل في سجونها أن الصاروخ الإسرائيلي استهدف البيت لحظة أداء الصلاة، ما أدى لدمار كبير والزجاج انهال علينا.
أما أم المجد فحرمت العملية العسكرية الإسرائيلية على المخيم من إتمام حفل زفاف ابنتها الذي كان من المقرر أن يكون يوم الاثنين الماضي، وتحولت فرحتهم إلى حزن كبير، حيث دمر منزلهم واعتقل والدها في ذلك اليوم.
وتقول أم المجد لـ((شينخوا)) بينما تخطو بخطوات ثقيلة فوق ركام منزلها إن الجيش الإسرائيلي نفذ عمليته وما اكتملت الفرحة بحفل زفاف ابنتي وتحول الفرح إلى حزن.
وتضيف أم المجد التي خرج زوجها من السجن بعد يومين من العملية العسكرية أن مراسم حفل الزفاف قد تجري في أي وقت ولكن بصمت وهدوء، لأن صوت القصف والدمار أقوى من صوت الفرح في المخيم.
كما بدا الحزن واضحا على وجه المسن أحمد الزرعيني (75 عاما) وهو يسير في طرقات المخيم المدمرة ينظر عن يساره تارة وعن يمينه تارة أخرى، بينما يخبط يديه برأسه من حجم الدمار الذي أحدثته العملية الإسرائيلية.
ويقول الزرعيني الذي جلس متعبا على ركام القصف على جانب أحد الطرق في المخيم لـ((شينخوا)) إن العملية العسكرية في المخيم "لم نشهد لها مثيل من قبل سواء من حيث عدد الجنود المشاركين أو عمليات القصف الجوي التي استهدفت المنازل".
ويضيف الزرعيني الذي نجت عائلته من القصف أنه فضل احتمالات النجاة داخل المخيم على الموت في نكبة جديدة، في إشارة إلى "النكبة" التي جرت عام 1948 حيث طرد ونزح من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل حوالي 957 ألف فلسطيني، أي ما نسبته 66 في المائة من إجمالي الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في "فلسطين التاريخية".
ورغم ذلك، فإن الحياة بدأت تعود تدريجيا إلى المخيم، حيث تقوم بعض النساء فيه بالتنقل بين البيوت المدمرة في محاولة للتضامن مع سكانها، بينما يلعب الأطفال في الأزقة والحارات، فيما يجلس الشبان على جنبات الطرق يسردون حكايات ما جرى في مخيمهم.
وبحسب وزارة الأشغال العامة الفلسطينية، فإن 5 مباني تضررت بشكل كلي خلال العملية العسكرية على المخيم و25 مبنى ضرر جزئي غير صالح للسكن و250 وحدة سكنية أضرار جزئية متنوعة و250 مبنى تجاري وخدماتي أضرار جزئية ومتنوعة، ودمار في الطرق وخطوط المياه والكهرباء والاتصالات.
وعلى إثر ذلك شكلت الحكومة الفلسطينية لجنة لإعمار المخيم تتكون من وزارات الحكم المحلي والمالية والأشغال العامة والإسكان والنقل والموصلات والصحة وممثلين عن محافظة جنين والبلدية واللجان الشعبية والغرفة التجارية.
وفي الصدد قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في مستهل اجتماع حكومته في مدينة رام الله اليوم إن اللجنة تعمل على مدار الساعة وقد وجدنا دمارا كبيرا في الطرق وشبكات المياه والكهرباء والاتصالات والمباني الخاصة والعامة.
وأضاف اشتية أن الطواقم الفنية عملت منذ الساعات الأولى لانتهاء العملية على إعادة الحياة للمخيم، حيث قامت آليات الأشغال العامة بإعادة فتح الطرقات وإزالة الأنقاض وتأمين المساكن للمتضررين.
وتابع أن طواقم وزارتي الحكم المحلي والاتصالات وسلطة الطاقة تقوم بإعادة ربط شبكات الكهرباء التي أعيدت إلى المخيم، ويجري العمل على إعادة شبكتي المياه والاتصالات، حيث يجري تزويد المواطنين بالمياه عن طريق الصهاريج إلى حين انتهاء العمل.
وأشار إلى أن الفرق الفنية تواصل حصر الأضرار في المدينة والمخيم، لافتا إلى أن اللجنة المشكلة تقود إعادة الإعمار وتقديم العون للمتضررين وتم تكليفها بالتنسيق مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وحول التبرعات التي قدمتها بعض الدول لإعادة إعمار المخيم، أوضح اشتية أن الجزائر تبرعت بمبلغ 30 مليون دولار والإمارات بـ 15 مليون دولار (عبر الأونروا) وتركيا بـ 150 ألف دولار، ومؤسسة أنيرا (غير حكومية) بـ 200 ألف دولار وكلاهما موجه لوزارة الصحة لتوفير مستلزمات طبية.
وتابع أن المساعدات المحلية بلغت 2.5 مليون دولار انقسمت إلى 2 مليون من حكومته ونصف مليون تبرعات من المواطنين، معربا عن شكره للدول وكل من قدم المساعدة لصالح إعادة إعمار مخيم جنين.
وأشار اشتية إلى أن طواقم وزارة التنمية الاجتماعية تقوم بتنسيق جهود الجمعيات الخيرية لمتابعة أوضاع العائلات التي تعرض أطفالها للصدمات، وتوفير الدعم المعنوي والإغاثي لهم وتفتح أماكن لإيواء المهجرين إلى حين إصلاح منازلهم بالتنسيق مع اللجنة الشعبية في المخيم.
وجنين تقع في شمال الضفة الغربية وتبعد عن القدس مساحة 75 كم إلى الشمال، فيما تأسس مخيمها العام 1953 على الطرف الغربي الجنوبي للمدينة ويبلغ عدد سكانه قرابة 14 ألف لاجئ يقطنون على مساحة 450 دونم (الدونم يعادل 1000 متر).
وفي السياق قال المستشار الإعلامي في أونروا عدنان أبو حسنة في تصريحات للصحفيين في غزة إن طواقم الوكالة تتحرك من بيت لبيت في المخيم لحصر الأضرار بصورة دقيقة وهناك تنسيق مع السلطة الفلسطينية وكافة الجهات العاملة.
وذكر أبو حسنة أن الوكالة ستقوم بدفع مساعدات نقدية للعائلات اللاجئة التي فقدت بيوتها في المخيم بعد التشاور مع كافة الجهات، معربا عن أمله أن تجري عملية إعادة الإعمار في أسرع وقت ممكن.
وأشار إلى أن العيادة الوحيدة التابعة للوكالة في المخيم تعرضت لدمار كبير وتحتاج لأسابيع من العمل وإعادة الإعمار و4 مدارس أصيبت بصورة طفيفة وتقوم فرق الوكالة في عملية الكشف عن المواد المفتجرة، لافتا إلى أن الوكالة نقلت العيادة إلى مدرسة قريبة تابعة للسلطة الفلسطينية.
وشهدت المدينة والمخيم العديد من الأحداث خلال الانتفاضتين الأولى العام 1987 والثانية العام 2000 وعادا مرة أخرى إلى الواجهة بداية العام الماضي مع الإعلان عن تشكيل (كتيبة جنين) التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي التي تتهمها إسرائيل بتنفيذ عشرات العمليات ضد أهداف إسرائيلية.■








