النص الكامل لمقال موقع من الرئيس شي نُشر في وسائل إعلام جنوب إفريقيا
بكين 21 أغسطس 2023 (شينخوا) نشر مقال موقع للرئيس الصيني شي جين بينغ تحت عنوان "الإبحار بالسفينة العملاقة للصداقة والتعاون بين الصين وجنوب إفريقيا نحو نجاح أكبر" اليوم (الإثنين)، في وسائل إعلام جنوب إفريقيا، حيث من المقرر أن يحضر قمة البريكس الـ15 في جوهانسبرج ويجري زيارة دولة إلى جنوب إفريقيا.
يأتي المقال الذي نشرته صحف ((ذا ستار)) و((كيب تايمز)) و((ذا ميركوري))، وموقع ((إندبندنت أونلاين))، كما يلي:
الإبحار بالسفينة العملاقة للصداقة والتعاون بين الصين وجنوب إفريقيا نحو نجاح أكبر
شي جين بينغ
رئيس جمهورية الصين الشعبية
بناء على دعوة من الرئيس ماتاميلا سيريل رامافوزا، سأجري قريبا زيارة دولة إلى جمهورية جنوب إفريقيا وسأحضر قمة البريكس الـ15. وستكون هذه هي زيارتي السادسة إلى الأرض الواعدة "لأمة قوس قزح". إن جنوب إفريقيا هي وطن رجل الدولة العظيم نيلسون مانديلا، كما تضم جنوب إفريقيا أغنى موارد سياحية وأطول شبكة طرق وأكبر بورصة للأوراق المالية وأكثر المطارات والموانئ ازدحاما في إفريقيا. كما تتمتع بسحر فريد بمزيج رائع من القدامة والحداثة والطبيعة والثقافة.
لقد أعطتني كل زيارة من زياراتي إلى جنوب إفريقيا انطباعات جديدة. لكن الانطباع الأعمق دائما هو مشاعر الأخوة تجاه بعضنا البعض. لقد اجتازت صداقتنا فترة طويلة من الزمن. في أوائل منتصف القرن العشرين، قدمت جمهورية الصين الشعبية المؤسسة حديثا دعما قويا لشعب جنوب إفريقيا في مكافحة العزل العنصري، ووقفت إلى جانب المؤتمر الوطني الإفريقي كرفاق وأصدقاء. لقد تحدت صداقتنا العوائق المتمثلة في الجبال والمحيطات. وفي مواجهة تفشي كوفيد-19، كانت الصين من أوائل الدول التي قدمت إمدادات لمكافحة الجائحة إلى جنوب إفريقيا، في تأكيد جديد على علاقات الأخوة الخاصة. وفي الآونة الأخيرة، قدمت الصين أيضا معدات طاقة للطوارئ في البلاد. وعلى مدار الـ25 عاما الماضية منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، حققت علاقاتنا قفزات تنموية -- من شراكة إلى شراكة استراتيجية، ثم إلى شراكة استراتيجية شاملة. وتعد علاقاتنا من أكثر العلاقات الثنائية النابضة بالحياة في العالم النامي. لقد دخلت علاقاتنا "عصرا ذهبيا"، حتى أصبحت تتمتع بآفاق واسعة ومستقبل واعد.
وخلال السنوات القليلة الماضية، حافظنا أنا والرئيس رامافوزا على اتصال وثيق من خلال الزيارات والاجتماعات والمكالمات الهاتفية والرسائل. لقد استكشفنا معا فرص التعاون وسعينا للتنمية وتصدينا للتحديات المشتركة. لقد تعمقت ثقتنا الاستراتيجية المتبادلة بشكل مطرد. ودعمنا بعضنا البعض بشكل حازم في القضايا المتعلقة بمصالحنا الأساسية وشواغلنا الرئيسية وحافظنا على التنسيق في القضايا الدولية والإقليمية الكبرى. ونعمل معا من أجل ممارسة التعددية الحقيقية والدفع لبناء نظام دولي أكثر إنصافا وعدلا.
كانت جنوب إفريقيا أول دولة إفريقية توقع وثيقة تعاون الحزام والطريق مع الصين. وكانت أكبر شريك تجاري للصين في إفريقيا على مدار 13 عاما على التوالي، فضلا عن كونها واحدة من الدول الإفريقية التي لديها أكبر مخزون من الاستثمارات الصينية. إن كعكة التعاون الثنائي تصبح أكبر. إن النبيذ وشاي الرويبوس وجل الألوفيرا لدى جنوب إفريقيا من المنتجات الرائجة في الصين. تعمل العديد من الشركات الصينية على توسيع أعمالها في جنوب إفريقيا وفي الوقت نفسه تحمل المزيد من المسؤوليات الاجتماعية هناك. إن السيارات والأجهزة المنزلية ذات العلامات التجارية الصينية المصنّعة في جنوب إفريقيا تحظى بشعبية كبيرة بين المستهلكين المحليين، وهي الآن مملوكة للعديد من الأسر في جنوب إفريقيا. كما تتسابق شركات جنوب إفريقيا للاستثمار في السوق الصينية لاغتنام فرص الأعمال الوفيرة، وقد قدمت إسهامات مهمة في النمو الاقتصادي للصين.
تدعو فلسفة "أوبونتو" لدى جنوب إفريقيا إلى التعاطف والمشاركة. إنها فلسفة تتماشى جيدا مع قيم الكونفوشية - "حب الناس وجميع الكائنات والسعي إلى التناغم بين جميع الأمم". في عام 2015، شاركتُ في أنشطة عام الصين في جنوب إفريقيا، وشهدت الإنجازات المُرضية لبرامج عام الصين / جنوب إفريقيا. في أبريل، كتب إلي معلمو وطلاب معهد كونفوشيوس في جامعة ديربان للتكنولوجيا رسالة باللغة الصينية، يعبرون فيها عن ولعهم بالثقافة الصينية ويشكرون الصين على الفرص القيمة المقدمة للشباب الأفارقة الذين يسعون نحو تحقيق أحلامهم. لقد وجدت أن هذه الرسالة قلبية وصادقة. في الواقع، هذه التبادلات الشعبية النابضة بالحياة تعزز التعاطف بين شعبينا، وتمكن صداقتنا من الانتقال من جيل إلى جيل.
تقف العلاقات بين الصين وجنوب إفريقيا عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة. لقد تجاوزت العلاقات بين البلدين النطاق الثنائي وأصبحت تحمل تأثيرا عالميا متزايد الأهمية. خلال زيارتي المقبلة، أتطلع إلى العمل مع الرئيس رامافوزا لرسم خطة لفصل جديد من شراكتنا الاستراتيجية الشاملة.
ينبغي أن تكون الصين وجنوب إفريقيا رفيقتين تتشاركان المُثُل ذاتها. كما تقول المقولة الصينية المأثورة "الشراكة المصاغة بنهج سليم تتحدى المسافة الجغرافية وتكون أسمك من الغراء وأقوى من المعدن والحجر". إننا بحاجة إلى زيادة مشاركة خبراتنا في مجال الحوكمة، ودعم بعضنا البعض بقوة في استكشاف مسار التحديث الذي يناسب ظروفنا الوطنية بشكل مستقل. ينبغي ألا نخشى الهيمنة وأن نعمل مع بعضنا البعض كشريكين حقيقيين لدفع علاقاتنا إلى الأمام وسط المشهد الدولي المتغير.
ينبغي أن تكون الصين وجنوب إفريقيا رائدتين في التضامن والتعاون. سننجح بفضل نقاط قوتنا في التكامل الاقتصادي العالي والأساس المتين للتعاون. إننا بحاجة إلى مزيد من التضافر بين استراتيجيات التنمية وتعزيز التعاون بشكل أقوى في البنية التحتية والاقتصاد الرقمي والابتكار العلمي والتكنولوجي وتحول الطاقة، والتأكد من أن المزيد من الأفراد في شعبينا سيستفيدون من نتائج التنمية. ترحب الصين بمزيد من منتجات جنوب إفريقيا في سوقها، وتشجع المزيد من الشركات الصينية على الاستثمار والقيام بأعمال تجارية في جنوب إفريقيا وسط جهود لدعم هدف جنوب إفريقيا المتمثل في مضاعفة استثماراتها الواردة خلال فترة الخمس سنوات المقبلة.
ينبغي أن تكون الصين وجنوب إفريقيا وريثتين للصداقة بين الصين وإفريقيا. إننا بحاجة إلى الاستفادة من الآليات الشاملة ومتعددة المستويات والمؤسسية للتبادلات الشعبية بين بلدينا، ومواصلة دفع التبادلات والتعاون في الثقافة والسياحة والتعليم والرياضة والإعلام والجامعات والحكومات دون الوطنية والشباب. يجب أن نحافظ على روح الصداقة والتعاون بين الصين وإفريقيا، حيّة وقوية كما كانت دائما عبر الأراضي الشاسعة لدى الصين وإفريقيا.
ينبغي أن تكون الصين وجنوب إفريقيا مدافعتين عن مصالحنا المشتركة. ما يحتاجه العالم اليوم هو السلام وليس الصراع. ما يريده العالم هو التنسيق وليس المواجهة. يتعين على الصين وجنوب إفريقيا، بوصفهما عضوين طبيعيين في الجنوب العالمي، العمل معا بشكل أكبر للدعوة إلى زيادة صوت وتأثير الدول النامية في الشؤون الدولية وتعزيز الإصلاح المتسارع للمؤسسات المالية الدولية ومعارضة العقوبات الأحادية ومعارضة نهج "السياج العالي حول ساحة صغيرة". ينبغي علينا العمل بشكل مشترك على حماية مصالحنا المشتركة.
قمة البريكس أجندة مهمة أخرى خلال زيارتي لجنوب إفريقيا. هذه هي المرة الثالثة التي تنعقد فيها القمة في هذه القارة المفعمة بالحيوية والأمل. ما زلت أحتفظ بذكريات حية عن القمة التي انعقدت في سانيا الخلابة بمقاطعة هاينان الصينية، عندما ظهرت جنوب إفريقيا رسميا كعضو في عائلة البريكس. على مدى السنوات الـ12 الماضية، قدمت جنوب إفريقيا إسهامات مهمة في تطوير آلية تعاون البريكس، ما زاد من تعزيز تعاون البريكس وتوسيع تأثيره. الآن المزيد والمزيد من الدول تطرق أبواب البريكس، وتطمح إلى الانضمام إلى تعاوننا. وهذا دليل على حيوية وتأثير آلية تعاون البريكس. الصين مستعدة للعمل مع رفاقها من شركاء البريكس للتقدم بروح الانفتاح والشمول والتعاون المربح للجميع، وبناء توافق بشأن القضايا المهمة، والمضي قدما بتقاليدنا الدبلوماسية المستقلة، والتمسك بالمساواة والعدالة على الصعيد الدولي بكل حزم. سندعو المجتمع الدولي إلى إعادة التركيز على قضايا التنمية وتعزيز دور أكبر لآلية تعاون البريكس في الحوكمة العالمية، وجعل صوت البريكس أقوى.
لقد مرت عشر سنوات منذ أن طرحت المبادئ الأربعة المتمثلة في "الإخلاص والنتائج الحقيقية والمودة وحسن النية" كمبادئ لتنمية علاقات الصين مع إفريقيا. شهد العقد الماضي سعينا المشترك نحو مجتمع مصير مشترك بين الصين وإفريقيا في العصر الجديد، واستكمال وتسليم مجموعة من المشروعات، بما في ذلك مقر المركز الإفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها وجسر فاونديوجني في السنغال وطريق نيروبي السريع وخط سكة حديد مومباسا-نيروبي، ما جدد الصداقة الصينية-الإفريقية عبر الأراضي الشاسعة لدى الجانبين.
وفي مواجهة التغيرات العميقة التي لم نشهد لها مثيلا منذ قرن من الزمان، ستوفر العلاقات القوية بين الصين وإفريقيا والتعاون المثمر بينهما مزيدا من الزخم الجديد للتنمية العالمية وسيضمنان قدرا أكبر من الاستقرار في العالم. هذه مسؤولية دولية ومهمة تاريخية موكلة إلى 2.8 مليار صيني وإفريقي. سنعقد حوار قادة الصين-إفريقيا. سأعمل مع القادة الأفارقة من أجل جلب مبادرات إنمائية أكثر نشاطا وفعالية واستدامة إلى إفريقيا، وتوسيع التعاون في الزراعة والتصنيع والطاقة الجديدة والاقتصاد الرقمي، وتسهيل التكامل الاقتصادي والتصنيع والتحديث الزراعي في إفريقيا. تواصل الصين العمل من أجل إحراز تقدم جوهري في انضمام الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين هذا العام، وتتطلع إلى دور أكبر تضطلع به الدول الإفريقية والاتحاد الإفريقي في الشؤون الدولية والإقليمية.
كما تقول قصيدة صينية قديمة "مع ارتفاع المد والرياح الدافعة، حان الوقت للإبحار في قيادة سلسة". بالتطلع إلى السنوات الـ25 المقبلة، ستبحر السفينة العملاقة للصداقة والتعاون بين الصين وجنوب إفريقيا إلى الأمام، وسنحقق تقدما أكبر في بناء مجتمع مصير مشترك بين الصين وإفريقيا في العصر الجديد وكذلك بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.