تعليق شينخوا: جاذبية بريكس في ازدياد مع تغير الديناميكيات العالمية

تعليق شينخوا: جاذبية بريكس في ازدياد مع تغير الديناميكيات العالمية

2023-08-23 11:29:15|xhnews

جوهانسبرغ 22 أغسطس 2023 (شينخوا) بعد مرور سبعة عشر عاما على إنشائها، تعقد مجموعة بريكس قمتها السنوية هنا على نطاق غير مسبوق، مع إعطاءها الأولوية لشراكتها مع أفريقيا وتفكرها في دورها في إعلاء شأن الجنوب العالمي.

وتحمل هذه القمة أهمية كبيرة سواء لأنها أول تجمع لقادة دول بريكس بشكل شخصي منذ أكثر من ثلاث سنوات وكذلك لكونها تستجلب الحكمة من خارج الاقتصادات الوطنية الناشئة الرئيسية الخمسة -- البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

ويواصل العالم مراقبة القمة التي تعقد هذا العام، والتي تجمع البلدان الأفريقية معا من أجل الحصول على حصة أكبر في الاقتصاد العالمي ولسد الفجوة الكبيرة في الحوكمة العالمي.

والجدير بالذكر أن أكثر من 40 دولة، من بينها إيران والمملكة العربية السعودية والأرجنتين وبنغلاديش، قد أشارت إلى نيتها الانضمام إلى عضوية مجموعة بريكس. والقائمة المتزايدة من الطامحين للانضمام إلى المجموعة، والتي تألفت في البداية من الأسواق الناشئة الخمسة، توضح مدى جاذبيتها وشموليتها.

وهذا ليس مجرد مبالغة. يبلغ عدد سكان دول بريكس مجتمعة أكثر من 3.2 مليار نسمة، وهو ما يمثل نحو 40 في المائة من سكان العالم البالغ عددهم نحو 8 مليارات نسمة. وتمثل هذه البلدان مجتمعة ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتمثل 16 في المائة من التجارة العالمية.

ومن خلال دمج الدول الأفريقية في محادثات هذا العام، تقدم بريكس رسالة مفادها أن التعددية والتنمية المشتركة يجب أن تشمل الجنوب العالمي. وباتت هذه الأسواق الناشئة قوة دافعة أساسية للنمو العالمي مع تعزيزها لعلاقات دولية أكثر ديمقراطية.

وقالت ريبيكا راي، كبيرة الباحثين في مركز سياسة التنمية العالمية بجامعة بوسطن، إن "مجموعة بريكس استفادت من طلب لم يتم تلبيته في أي مكان آخر". ويعلق كثيرون آمالهم على هؤلاء الطامحين في "بريكس بلس" لجلب دماء جديدة إلى المجموعة في الوقت الذي توسع فيه تمثيلها لمجموعة كبيرة من الدول النامية التي تشعر بالتقليل من قيمتها أو أنها تُركت خلف الركب من قبل عالم يهيمن عليه الغرب.

مثل هذا العالم معطوب. فالجائحة، مثلا، كشفت عن تفاوتات هيكلية متأصلة وعدم قدرة الغرب ولا مبالاته. ناهيك عن الاستجابة المناخية العالمية، من بين أهداف التنمية المستدامة الأخرى. والسؤال المطروح هو ما إذا كانت البلدان المتقدمة النمو الغنية والواسعة الحيلة قادرة حقا على الوفاء بوعودها مع وجود قيادة موثوقة.

لقد عاد الجنوب العالمي، الذي يعاني من صدمات كوفيد-19 وأزمة أوكرانيا الدائرة والزيادات العدوانية في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى رشده: السبيل الوحيد القابل للتطبيق هو تقوية الذات والاعتماد المتبادل مع الدول ذات التفكير المماثل على متن نفس القارب.

وقال وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار إن جوهر المشاكل العالمية هو "التركيز الاقتصادي الذي يترك الكثير من الدول تحت رحمة قلة قليلة"، وحث التجمع على "إرسال رسالة قوية مفادها أن العالم متعدد الأقطاب، وأنه يعيد التوازن".

ويُنظر إلى بريكس على نحو متزايد على أنها آلية يمكن أن تساعد في إصلاح النظام العالمي المعيب الذي يفتقر إلى الشفافية والعدالة والإنصاف.

وتبحث العديد من دول الجنوب العالمي عن بديل للنظام العالمي الحالي، الذي تهيمن عليه مجموعة من التحالفات التي تقودها الولايات المتحدة وتشوبه القضايا الجيوسياسية المثيرة للانقسام. وهي تتطلع إلى دول بريكس للمطالبة بحقوقها التنموية التي تم تجاهلها.

وعلى مر السنين، توسع التعاون على جبهات متعددة، مدعوما ببنك التنمية الجديد. وتأسس البنك في عام 2015، وهو مرفق داعم لتعبئة الموارد لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة.

وأظهرت الأرقام الصادرة عن البنك في وقت سابق من هذا العام أنه وافق على قرابة مائة مشروع بقيمة إجمالية تبلغ 33.2 مليار دولار أمريكي، مما ساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدانه الأعضاء وتعزيز أوراق اعتماده الخضراء والمستدامة.

وفي الوقت نفسه، دعا أعضاء مجموعة بريكس إلى شراكة بشأن الثورة الصناعية الجديدة لتعميق التعاون في مجال الرقمنة والتصنيع والابتكار. وهذا يساعد على تسهيل تدفق السلع والخدمات وتحقيق الاستقرار في سلاسل الصناعة والتوريد وسط قيود تكنولوجية حمائية وحركات متزايدة لفك الارتباط عن الغرب.

والواقع أن دول البريكس لا تجتمع في ناد مغلق أو مجموعة حصرية، بل في أسرة كبيرة عمادها الدعم المتبادل والتعاون المربح للجميع. وهذا الوصف وحده يميزها عن المجموعات الأخرى العديدة، التي إما تخدم مصالحها الذاتية أو مستلبة بأفكار الحرب الباردة.

وقال كارلوس ماريا كوريا، المدير التنفيذي لمركز الجنوب، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "إحدى القضايا الرئيسية التي يتعين على بريكس النظر فيها هي الحوكمة العالمية. هناك حاجة لتغيير النظام الحالي، وهو نظام غير عادل وغير متماثل. على وجه الخصوص، تحتاج بنية النظام المالي إلى إصلاح كبير".

من خلال سنوات من التنمية، أثبتت بريكس أنها نموذج ملهم للانسجام في ظل التنوع، وتجسد كيف يمكن لدول ذات مصالح وثقافات متباينة أن تشكل وحدة متماسكة مع رغبة شديدة في التعافي والقدرة على الصمود والتمثيل الأوسع.

وباعتبارها عضوا مؤسسا رئيسيا ومساهما في النمو، دفعت الصين من أجل التعاون العملي داخل التجمع. وتظهر البيانات الرسمية أن الصين كانت أكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة 14 عاما متتالية، وهو ما يشير إلى دورها المحوري في اجتماع هذا العام. وبفضل سجلها التنموي الواسع وخبرتها في التخفيف من الفقر، فإن الصين لديها الكثير لتقدمه للجنوب العالمي.

لقد حان الوقت لكي يكون لدول العالم، التي غالبا ما يتم تجاهلها، رأي في الشؤون العالمية. وقمة بريكس في جوهانسبرغ هي المكان المثالي للبدء. 

الصور