(وسائط متعددة) تحقيق إخباري: مدينة مصرية ساحلية تكتسب شهرة عالمية في مجال بناء السفن

(وسائط متعددة) تحقيق إخباري: مدينة مصرية ساحلية تكتسب شهرة عالمية في مجال بناء السفن

2023-08-31 22:18:30|xhnews
في مدينة عزبة البرج الساحلية شمالي مصر، حيث يلتقي نهر النيل بالبحر الأبيض المتوسط، انشغل العمال بوضع اللمسات الأخيرة على قارب سياحي قبل تصديره إلى قبرص. (شينخوا)

دمياط، مصر 31 أغسطس 2023 (شينخوا) في مدينة عزبة البرج الساحلية شمالي مصر، حيث يلتقي نهر النيل بالبحر الأبيض المتوسط، انشغل العشرات من العمال بوضع اللمسات الأخيرة على قارب سياحي فاخر قبل تصديره إلى قبرص.

وتقع المدينة في محافظة دمياط، على بعد حوالي 190 كم شمال العاصمة القاهرة، وتتصدر صناعة السفن في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا منذ عقود.

بمجرد الدخول إلى منطقة الورش والترسانات البحرية الممتدة على ضفة النهر، يمكن رؤية مئات من القوارب والسفن قيد الإنشاء تصطف في منظر مهيب، مع العشرات من العمال المهرة الذين يعملون وكأنهم خلية نحل.

وقال أحمد الإتربي، صاحب ورشة لبناء السفن في المدينة، في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "هذا اليخت الفاخر سيبحر إلى صاحبه في قبرص خلال أيام، حيث استغرق بنائه نحو ستة أشهر".

وأضاف الإتربي، وهو رجل أربعيني ورث هذه الصناعة عن أسلافه، أن صناعة السفن تعتبر من الصناعات المتجذرة بعمق في تاريخ مصر، حيث تبرز عزبة البرج بين مدن بناء السفن في مصر باعتبارها أحد أهم تلك المدن.

وكشف أن المدينة تضم عشرات الورش التي تعمل في بناء قوارب الصيد واليخوت السياحية بمختلف أنواعها وأحجامها، إضافة إلى سفن الشحن ونقل النفط متوسطة الحجم، لافتا إلى أنها تقوم أيضا بأعمال إصلاح وصيانة السفن والقوارب.

وبالإضافة إلى بناء قوارب الصيد للصيادين المحليين، قال الإتربي إن الورش تقوم أيضا بتصنيع اليخوت السياحية بجميع أحجامها لتصديرها إلى دول مثل اليونان وقبرص وماليزيا والمملكة العربية السعودية والكويت وتونس والسودان والعديد من الدول الأخرى.

وقال الإتربي "معظم السفن المبنية هنا مصنوعة من الخشب المطلي بالألياف الزجاجية، بالإضافة إلى السفن المصنوعة من الحديد و بعض القوارب واليخوت الصغيرة تصنع من الألياف الزجاجية ، لكن بعض المشترين يفضلون تلك المصنوعة من الخشب المطلي بالألياف لأنها أقل تكلفة وأسهل في الإصلاح".

وأوضح أن إنشاء السفينة يتضمن سلسلة من الخطوات،  تبدأ بتصميم هيكل السفينة، ثم صناعة الإطار من الحديد أو الخشب، بعد ذلك يتم بناء هيكل السفينة، ومن ثم تركيب المحرك وخزانات الوقود، ومن ثم عملية الطلاء، وتركيب المعدات الداخلية، وتركيب الأنظمة الكهربائية والأثاث الداخلي، وتنتهي بأعمال الاختبار للسفينة أو اليخت.

وقال الإتربي بفخر بينما كان يتابع بعناية عماله وهم يختبرون الشبكة الكهربائية للقارب: "إن عمالتنا الماهرة والخبرة التي اكتسبناها عبر التاريخ منحتنا مكانة عالمية في بناء السفن.. معظم السفن واليخوت والقوارب التي صدرتها ترسانات عزبة البرج أبحرت في محيطات وبحار العالم".

وأشار إلى أن صناعة السفن تكاد تكون متاحة في جميع المدن الساحلية المصرية، "لكن عزبة البرج تنفرد بمهارات التصنيع عالية المستوى وأساليب التسويق الناجحة"، مؤكدا  أن الصناعة توفر العملات الأجنبية التي من شأنها دعم الاقتصاد الوطني.

وعلى مسافة ليست بعيدة عن ورشة الإتربي، كان محمد أبو عطايا، صاحب ورشة لبناء السفن، يعطي تعليمات لعماله الذين بدأوا للتو في بناء سفينة صيد حديدية جديدة بطول 36 مترا.

وقال أبوعطايا في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن عزبة البرج قادرة على منافسة الدول الأوروبية في صناعة اليخوت و سفن الصيد الكبيرة، على الرغم من أن الورش في المدينة لا تزال تعتمد بعض الأساليب اليدوية التقليدية.

وأشار أبوعطايا، والذي تعمل عائلته في هذا المجال منذ عقود، إلى أن صناعة بناء السفن المحلية تتقدم وتتوسع، حيث تتبنى ورش وترسانات بناء السفن تقنيات حديثة تسهم في تقدم الصناعة.

وقال أبوعطايا بينما كان يحتسي كأسا من الشاي وسط عماله، إن البحر يعد شريان الحياة لسكان المدينة، حيث يعمل معظمهم في مهن مرتبطة بالبحر مثل صيد وتجارة الأسماك وبناء السفن، وهو ما جعل معدل البطالة هنا قليلا جدا، مشيراً إلى أن عزبة البرج تمتلك أكبر أسطول صيد في مصر، حيث يعمل في هذه الصناعة آلاف الصيادين.

كما توقع الرجل البالغ من العمر 46 عاما أن تتطور الصناعة بأكملها في مصر بشكل أكبر حيث تعمل البلاد على توطين وتحديث صناعة بناء السفن في الفترة الاخيرة.

وفي السنوات الأخيرة، بذلت الحكومة المصرية جهودًا لتطوير قدرات بناء السفن وإصلاحها، بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية الجديدة وجذب الاستثمارات الأجنبية للتوسع في هذا المجال.

من ناحية أخرى، قال أبو عطايا إن الأعمال تراجعت خلال العامين الماضيين بسبب الركود الاقتصادي العالمي، مضيفا أن الطلب انخفض بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة في الصناعة، مما أثر على حركة التصنيع في المدينة.

إلا أنه أكد أن هذه الأزمة ستمر كغيرها من الأزمات التي عصفت بتلك الصناعة عبر السنين، موضحا أن الصناعة في المدينة لم تتوقف ولو ليوم واحد رغم الظروف الصعبة.

وقال أبوعطايا: "مثل العديد من الصناعات الأخرى، نواجه تحديات ومع ذلك، من المتوقع أن تستمر الصناعة في النمو"، مضيفا انه سيواصل تصنيع السفن والقوارب للاستخدام المحلي والتصدير أيضا. 

الصور