تعليق ((شينخوا)): إخلاف واشنطن للوعود ينُم عن عدم الصدق
بكين 30 سبتمبر 2023 (شينخوا) إن طبيعة عدم القدرة على التنبؤ التي تتصف بها الولايات المتحدة تنعكس في عدم اتساق تمويلها للبنية التحتية في دول جزر المحيط الهادئ.
فبعد أن تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مبلغ قدره 40 مليار دولار أمريكي في كلمة الترحيب التي ألقاها على قادة دول جزر المحيط الهادئ في البيت الأبيض يوم الاثنين في إحدى القمم، سرعان ما صحح أحد المسؤولين الرقم بأنه 40 مليون دولار. وكشف بيان البيت الأبيض في وقت لاحق أن الرقم 200 مليون دولار.
ولكن، لا يهم مقدار ما تتعهد به الدولة وذلك لأن الولايات المتحدة قد لا تمتلك القدر الكافي من الصدق للوفاء بوعدها.
ولنتأمل هنا مبادرة "إعادة بناء عالم أفضل"، التي اقترحتها الولايات المتحدة وغيرها من شركائها بمجموعة السبع قبل عامين. فهذه الخطة العالمية تهدف إلى سد فجوة استثمارية في البنية التحتية بالبلدان النامية تبلغ قيمتها 40 تريليون دولار أمريكي، لكن التقدم لا يزال بعيد المنال.
وكما ذكرت مجلة ((فورين أفيرز))، فإن مبادرة "إعادة بناء عالم أفضل" "مصابة بالوهن" بمشاريع معلنة تبلغ قيمتها "6 ملايين دولار تافهة"، وهو رقم بعيد كل البعد عن المليارات التي وعد بها بايدن.
في قمة مجموعة السبع عام 2022، أُعيد تسمية مبادرة "إعادة بناء عالم أفضل" لتصبح "الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار"، ولكن وضعا مماثلا برز مرة أخرى فيما يتعلق بالتنفيذ.
وحتى مع هذه الخطط غير المنجزة، جاءت مبادرة "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" التي طُرحت مؤخرا وتدعمها الولايات المتحدة، والممر هو ما يسمى بشبكة تهدف إلى ربط السلع والخدمات بين أوروبا وآسيا عبر الشرق الأوسط ولا توضح المصادر المالية.
ومن جانبه قال الباحث السويدي حسين أسكاري في مقابلة إن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا هو لعبة جيوسياسية تهدف إلى استقطاب الهند وجذب دول أخرى مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.
وأضاف الباحث أن الخطة بعيدة كل البعد عن الواقع. فما زال الساسة الذين يدفعون هذه الأجندة منغمسين في إيديولوجيتهم، فضلا عن فهمهم المحدود للاقتصاد وافتقارهم إلى المعرفة بالجغرافيا.
وقبل التعهد بتقديم 200 مليون دولار لدول جزر المحيط الهادئ، كانت هناك معونة قيمتها 800 مليون دولار لم يتم صرفها.
ولا عجب إذن أن يختار رئيس وزراء جزر سولومون ماناسيه سوغافاري ألا يحضر قمة هذا العام مع بايدن.
وكل من يتشدقون بالحديث عنها تدفعهم عقلية الحرب الباردة وطموح الولايات المتحدة إلى الدفاع عن هيمنتها العالمية. فالولايات المتحدة لم تهتم قط بمساعدة البلدان النامية.
إن الغرض من هذه المساعدات الزائفة، كما أشارت رويترز، هو "الحد من وصول الصين إلى منطقة تعتبرها واشنطن ذات أهمية إستراتيجية".
وعندما تحاول واشنطن جاهدة الترويج لشيكها الذي هو بدون رصيد، تستطيع بلدان جزر المحيط الهادئ أن تدرك ذلك بسهولة -- فالقوة المهيمنة تتعامل معها على أنها بيادق يمكن التخلص منها حسب الرغبة.
وأي بلد يتصرف بشكل متقلب لا يمكن أن يكون شريكا موثوقا به ولن يسبب سوى عدم الاستقرار والضرر للعالم. وينبغي على الولايات المتحدة أن تقرن أقوالها بالأفعال بدلا من نشر الخطب الرنانة الجوفاء.








