(وسائط متعددة) تحقيق إخباري: الأعمال العسكرية المتبادلة على جانبي الخط الحدودي بين لبنان وإسرائيل تشل الحياة الاقتصادية

مرجعيون، جنوب لبنان 22 نوفمبر 2023 (شينخوا) وقف المزارع الستيني عادل الحاج حائرا عند مدخل مزرعة الأبقار التي يعتاش منها منذ أكثر من 20 عاما في بلدته ميس الجبل الواقعة بشرق جنوب لبنان عند الخط الحدودي مع إسرائيل نتيجة الخسائر الفادحة التي تكبدها جراء كساد إنتاجه من الحليب وعجزه عن تأمين حاجة أبقاره من العلف والرعاية.

بوجه متعب كئيب وبصوت مخنوق، قال الحاج لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الأعمال العسكرية المتبادلة على جانبي الخط الحدودي بين لبنان وإسرائيل انعكست بشكل مدمر على كافة القطاعات الإنتاجية في هذه المنطقة من جنوب لبنان".

وأضاف أن "كافة مربيي الحيوانات الآليفة وخاصة مزارع الأبقار والتي يزيد عددها عن 35 مزرعة في هذه المنطقة باتوا في حالة يأس يرثى لها، بعدما أقفلت معامل الألبان التي كانت تستوعب الحليب يوميا مما اضطرهم لرمي الحليب الذي يفسد بسرعة في ظل انقطاع التيار الكهربائي نتيحة للقصف المدفعي الإسرائيلي الذي عطل الكثير من محطات التغذية الكهربائية".

وأوضح أن "أصحاب المزارع لم يتمكنوا من التنقل في المنطقة بسبب ملاحقة المسيرات الإسرائيلية لكل من يتحرك على الطرقات، مما عرقل تأمين العلف وحد من معاينة الأطباء البيطريين للأبقار التي نفق الكثير منها خلال الأسابيع القليلة الماضية والخوف أن نفقد ما تبقى في حال طالت الحرب".

وكانت المواجهات اليومية والمتواصلة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي قد أدت إلى نزوح نسبة كبيرة من أبناء القرى الحدودية اللبنانية وإقفال معظم المؤسسات الصناعية والتجارية والخدماتية ليصل الوضع إلى شلل شبه تام للدورة الاقتصادية.

وأشار الشاب الثلاثيني علي غانم أحد رعاة الماشية في قرى العرقوب بشرق جنوب لبنان إلى أن "أكثر المتضررين من تداعيات هذا الوضع المتفجر هم رعاة الماشية وأصحاب المزارع والمصالح التجارية والمزارعين الذين تجمدت حركتهم وتوقفت أعمالهم".

وأضاف أنه "في منطقة العرقوب التي تضم 8 قرى يوجد حوالي 85 راعيا تعذر عليهم رعي مواشيهم في البراري بسبب أعمال القصف والتي أدت في وقت سابق إلى مقتل راعيين في بلدة الوزاني ونفوق العشرات من رؤوس الماعز والأغنام".

وقال إن "الكثير من الرعاة إنهم عملوا تحت الخطر على نقل مواشيهم سيرا على الأقدام إلى القرى السورية في المقلب الشرقي لجبل الشيخ الفاصل بين لبنان وسوريا، حيث يتولى رعاة سوريون العناية بها ريثما يعود الهدوء إلى مناطقنا، في حين اختار رعاة آخرون الانتقال مع قطعانهم إلى قرى في البقاع بشرق لبنان".

وأشار رئيس بلدية الماري يوسف فياض إلى أن "العديد من مزارع الدجاج في قرى المنطقة الحدودية تعرضت للقصف الإسرائيلي، مما أدى إلى نفوق آلاف الطيوروالتي كانت مصدر رزق لأصحابها والعاملين فيها".

وأضاف أن "هناك أكثر من 100 مزرعة دجاج في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان وقد تضرر نصف هذا العدد من الاعتداءات الإسرائيلية، والمزارع التي نجت من القصف تعاني من انقطاع التيار الكهربائي وصعوبة إيصال العلف وتوقف الشركات من إرسال خبرائها وسياراتها إلى هذه المزارع للعناية بطيورها واستيعاب ونقل البيض والدجاج إلى مقراتها". 

وأشار إلى أن "خسائر القطاعات الانتاجية في المناطق الحدودية تقدر بعشرات الملايين ونأمل أن تعمل الجهات المعنية على تقدير الأضرار ودفع المستحقات للمتضررين". 

ويأتي مزراعو الزيتون في مقدمة المتضررين من الوضع المتفجر، كما أكد حسان الأحمد من بلدة المجيدية شرق جنوب لبنان.

وقال حسان الأحمد تخليت عن بستاني الذي يحوي 350 شجرة زيتون معمرة يتجاوز إنتاجها من الزيت حوالي 100 صفيحة بانتظار توقف الأعمال العسكرية، "حتى نتمكن من جني ثمارها التي يؤمن مردودها احتياجاتنا طوال العام، وعدم التمكن من القطاف يعني أننا سنعيش في ضائقة مالية خانقة".

بدوره قال رئيس جمعية النحالين شرق جنوب لبنان ماجد الحلبي إن مربيي النحل في المناطق الحدودية نالوا حصتهم من القصف الإسرائيلي الذي حرمهم من الوصول إلى مناحلهم ورعايتها والاهتمام بها".

من جهته أكد وزير الزراعة بحكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن أنه يتم بذل المساعي من أجل التعويض عن المتضررين في المناطق الحدودية بجنوب لبنان، وذلك من خلال الهيئة العليا للإغاثة وبعض الجمعيات الدولية المانحة".

وقال "إننا نقوم بعملية مسح شاملة للأضرار التي ألحقها القصف الإسرائيلي بالقنابل الفوسفورية والتي طالت مساحة تز يد عن 900 هكتار واحتراق حوالي 55 ألف شجرة زيتون وآلاف الأشجار المعمرة، كما طالت الاعتداءات مزارع الدجاج وتضررت الثروة الزراعية والحيوانية والمناحل".

تشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل بشكل يومي عمليات قصف وإطلاق نار متبادل بشكل متقطع بين حزب الله وحركات فلسطينية والجيش الإسرائيلي، منذ إطلاق حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل، التي ردت بإطلاق عملية "السيوف الحديدية" ضد حركة حماس في قطاع غزة.■