تعليق ((شينخوا)): انتهاج الولايات المتحدة لمبدأ مونرو كان وبالا على أمريكا اللاتينية طيلة 200 عام

تعليق ((شينخوا)): انتهاج الولايات المتحدة لمبدأ مونرو كان وبالا على أمريكا اللاتينية طيلة 200 عام

2023-12-21 15:15:00|xhnews

بكين 21 ديسمبر 2023 (شينخوا) إن يوم 20 ديسمبر، وهو يوم حداد وطني بسبب غزو الولايات المتحدة لبنما عام 1989، هو تذكرة تعسة بمدى ابتلاء الأمريكتين بالسياسة الخارجية الأمريكية سيئة السمعة الممثلة في مبدأ مونرو على مدى قرنين من الزمان.

ففي ديسمبر 1823، طرح الرئيس الأمريكي آنذاك جيمس مونرو فكرة أن أمريكا للأمريكيين في خطابه السنوي عن حالة الاتحاد أمام الكونغرس. وهكذا أصبح مبدأ مونرو حجر الزاوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

ومع تلويحها براية مبدأ مونرو، قامت الولايات المتحدة، من خلال الغزوات العسكرية والتدخل السياسي، بضم أراضي دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، واحتلال مواقع إستراتيجية، والتدخل بشكل مستمر في الشؤون الداخلية والخارجية لدول أمريكا اللاتينية لتوسيع نطاق نفوذها وتعظيم مصالحها.

علاوة على ذلك، تسببت الولايات المتحدة، من خلال التلاعب بالإيديولوجية، في تعطيل التكامل بأمريكا اللاتينية وتعزيز تبعية القارة للولايات المتحدة.

ومن الأحداث الجلية التي وقعت قبل 34 عاما، قيام الولايات المتحدة بغزو بنما والإطاحة بنظام مانويل أنطونيو نورييغا وعقدها العزم على السيطرة بشكل دائم على قناة بنما.

واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق قرارا يستنكر بشدة هذا العمل الذي "يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي واستقلال الدول وسيادتها وسلامة أراضيها".

على مدى الـ200 عام الماضية، قوبلت العقوبات الأحادية والتنازلات القسرية التي فرضتها الولايات المتحدة على دول أمريكا اللاتينية بمقاومة مستمرة. كما انتهجت الولايات المتحدة سياسة في أمريكا اللاتينية تتمثل في إفادة من يسيرون على خطاها وتدمير من يبدون مقاومة. ولمواجهة هذه الغطرسة القائمة على الهيمنة، تضافرت جهود دول أمريكا اللاتينية للدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة.

لقد تفطن مواطنو أمريكا اللاتينية منذ وقت طويل إلى حقيقة مبدأ مونرو، حيث أدركوا أنه ليس راية عدالة تدعم السلام والتنمية في الأمريكتين. بل إنه محاولة صارخة لتنفيذ فكرة أن أمريكا للأمريكيين في الولايات المتحدة التي لطالما عاملت أمريكا اللاتينية على أنها فناء خلفي لخدمة مصالحها الخاصة.

ولا يزال العديد من السياسيين والباحثين في القارة يكشفون للعالم الطبيعة الإمبريالية لمبدأ مونرو. فمقاومة عدوان الولايات المتحدة وتدخلها واستعمارها الاقتصادي وسيطرتها الأيديولوجية تتنامى باستمرار في دول أمريكا اللاتينية، وما فتئت شعوبها، التي تحمل إرادة قوية راغبة في تحقيق الاستقلال والعدالة، تسعى إلى القضاء على وبال الإمبريالية.

وهكذا انتهجت دول أمريكا اللاتينية سياسات دبلوماسية مستقلة ووسعت بنشاط نطاق التعاون مع دول المنطقة، وفتحت فضاء جديدا لتنميتها.

ففي يناير، عقدت مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك) قمتها السابعة وأصدرت إعلان بوينس آيرس، الذي وجه رسالة قوية بشأن ضرورة تعزيز التعاون والتكامل الإقليميين.

وفي مايو، اجتمع رؤساء دول وممثلون من جميع دول أمريكا الجنوبية الـ12 في البرازيل وتوصلوا إلى إجماع برازيليا لتعزيز التعاون الإقليمي. وخلال قمة القادة الإقليميين هذه، دعا الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا إلى إنشاء عملة مشتركة للتجارة في أمريكا الجنوبية من أجل الحد من الاعتماد على الدولار الأمريكي.

وفي الوقت الحاضر، أصبحت أمريكا اللاتينية مختلفة عما كانت عليه من قبل، حيث صارت اقتصاداتها ودبلوماسيتها أكثر استقلالية، وذلك بفضل تزايد التضامن الإقليمي وارتقاء مكانتها على الصعيد الدولي. كما أن ميزان التاريخ بين التدخل ومكافحة التدخل، والقمع ومكافحة القمع يميل لصالح دول أمريكا اللاتينية.

في جميع أصقاع العالم، عزز صعود الدول النامية إضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية والسلام والتنمية، فضلا عن التعاون المربح للجميع، الذي أصبح اتجاها لا يمكن وقفه لهذا العصر. فقد اختارت المزيد والمزيد من الدول، كبيرها وصغيرها، أن تبني معا مجتمعا ذا مستقبل مشترك للبشرية. وبات مبدأ مونرو، الذي يتعارض مع الاتجاه العام للعصر، محكوم عليه بالزوال.

والواقع أن الولايات المتحدة تدرك أن مبدأ مونرو عفا عليه الزمن. ففي 18 نوفمبر، أعلن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري أن مبدأ مونرو "انتهى" وذلك خلال اجتماع لمنظمة الدول الأمريكية.

ولكن نظرا للتاريخ المشين من انتهاج الولايات المتحدة لمعايير تعامل مزدوجة، قد تكون عقيدة مونرو قد انتهت على الورق، لكن سلوك الهيمنة الأمريكية لم ينته بعد. وسيكون هناك بالتأكيد "مبدأ مونرو 2.0" وحتى "مبدأ مونرو 3.0" في المستقبل.

في الواقع، إن شبح مبدأ مونرو مازال باقيا، ولن تتوقف أبدا عملية مكافحة أعمال التدخل والتخريب التي تقوم بها الولايات المتحدة. كما لا ينبغي أن تكون أمريكا اللاتينية "الفناء الأمامي" أو "الفناء الخلفي" للولايات المتحدة. ولا ريب في أن مبدأ مونرو هو شيء من الماضي ومن الواضح أنه قد عفا عليه الزمن.

الصور