مقالة خاصة: ما وراء السرديات السلبية الغربية حول الاقتصاد الصيني
بكين 21 ديسمبر 2023 (شينخوا) في الآونة الأخيرة، بدأت بعض المؤسسات الغربية تقدم مرة أخرى سردية متشائمة حول الاقتصاد الصيني.
تستخدم تلك المؤسسات نفس الحيل القديمة: ترفع أولا توقعات النمو ثم تتذمر لاحقا من الأرقام التي جاءت أقل من التوقعات. وتبقى نواياها دون تغيير إلا وهي رؤية الاقتصاد الصيني يفشل.
لكنهم لن يروا ما يتمنون.
فهذه المؤسسات، الواقعة في فخ "نموذجها الاقتصادي الذي صممته بنفسها"، تهمل هدف النمو المعقول الذي حددته الصين والأساسات التي يقوم عليها الاقتصاد الصيني. وبالتالي أي استنتاجات تتوصل إليها لن تؤدي إلا إلى تشويه الاقتصاد الصيني لخدمة مصالحها الذاتية.
--النمط المشترك في الغرب
"هناك نمو، ولكن النمو ليس بالجودة المتوقعة. هناك إنجازات، ولكن التأثير ليس بالجودة المتوقعة..." يأتي الثناء المفرط أولا، ثم تعقبه الانتقادات. لقد أصبح هذا نمطا شائعا للمؤسسات الأمريكية والغربية في محاولتها للتلاعب بالاقتصاد الصيني.
وفقا للبيانات الاقتصادية للأشهر الـ11 الأولى من هذا العام والصادرة مؤخرا عن المكتب الوطني للإحصاء في الصين، فإن الاقتصاد الصيني يواصل اتجاهه التصاعدي. وارتفعت مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية الاجتماعية بنسبة 10.1 بالمائة في نوفمبر على أساس سنوي، بزيادة 2.5 نقطة مئوية عن أكتوبر، ما يدل على أن سياسة الحكومة لتوسيع الطلب المحلي وتعزيز الاستهلاك لا تزال تحقق التأثير المرغوب.
ومع ذلك، وصفت بعض المؤسسات الإعلامية الغربية، بينها صحيفة ((وول ستريت جورنال)) ووكالة ((رويترز))، البيانات بأنها "أقل من المتوقع". وقالت الأخيرة في تقرير لها إن البيانات "خالفت توقعات المحللين والتي تبلغ 12.5 بالمائة".
ووفقا لمنطقهم، فإن بيانات نوفمبر في الصين يجب أن تكون أعلى بما لا يقل عن خمس نقاط مئوية عن أكتوبر حتى يمكن اعتبارها "مؤهلة". والسبب الذي تعطيه لمثل هذه التوقعات العالية هو الأساس المنخفض في العام الماضي.
في مطلع هذا العام، عندما قامت الصين بتحسين وتعديل سياسة الوقاية من الوباء ومكافحته، ابتدعت وسائل الإعلام الغربية نفس الرواية: ستشهد السوق الاستهلاكية الصينية على الفور طفرة "انتقامية" وسينتعش الاقتصاد الصيني بقوة. وعندما صدرت بيانات الربع الثاني، زعمت أن "الاقتصاد الصيني يواجه مشكلة كبيرة".
ويعتقد المحللون أنه لا يوجد دليل علمي يدعم الطلب لتحقيق زيادة حادة في معدل النمو السنوي لمبيعات التجزئة في الصين في نوفمبر.
وقال الخبير الاقتصادي الأسترالي قوه شنغ شيانغ إن توقع نمو بنسبة 12.5 بالمائة أشبه بعملية مقصودة للوصول إلى نتيجة "أقل من المتوقع". وأشار إلى أن هذه المؤسسات تقوم بشكل متعمد بغربلة النماذج والأساليب الإحصائية غير المواتية في الصين، واستخلاص النتائج أولا ثم إيجاد الحجج في وقت لاحق.
--حيل لتشويه الاقتصاد الصيني
وبما أن المحللين يختلفون في مصادر معلوماتهم وأدواتهم التحليلية وتوجهاتهم، فمن الطبيعي أن تكون لديهم توقعات مختلفة إزاء اقتصاد معين. لكن ما يتوقعه المستثمرون ليس سوى تقارير موضوعية ومتوازنة ومعلومات متنوعة وعقلانية.
ومع ذلك، فقد استخدمت بعض المؤسسات الغربية هيمنتها الإعلامية والخطابية لحجب وجهات النظر المخالفة لنواياها، وتعمدت المبالغة في وجهات النظر المتشائمة بشأن الاقتصاد الصيني لتضليل توقعات السوق.
وبالإضافة إلى وسائل الإعلام ومنظمات الأعمال، يبدو أن الساسة الأمريكيين والغربيين أفضل في ممارسة تلك الحيل.
ومنذ وقت ليس ببعيد، أخذت لجنة مجلس النواب الأمريكي المعنية بالصين قواعد اللعبة المعتادة أثناء الحرب الباردة إلى وول ستريت، حيث قدمت للمسؤولين التنفيذيين الماليين "سيناريو افتراضيا" تشكل فيه الصين "خطرا نظاميا" على الاقتصاد الأمريكي.
وقد أكد هؤلاء الساسة المتحيزون إيديولوجيا أن الصين تشكل "مصدرا للخطر" ولم تعد "مناسبة للاستثمار".
وقال إيوين ميلز، المتحدث باسم شركة كومينز، لوسائل الإعلام: "إذا قلت أي شيء إيجابي عن الاقتصاد الصيني، فسوف تواجه مشكلة".
--شبكة مصالح رمادية
إن السرديات الغربية المتشائمة ليست معزولة، فهي كثيرا ما تتعامل مع رؤوس الأموال الدولية الساخنة وحتى مع القوى السياسية الغربية، ما يؤدي إلى نسج شبكة معقدة من المصالح الرمادية.
لنلق نظرة على خطواتها المعتادة--تأخذ وسائل الإعلام والمؤسسات الغربية زمام المبادرة في الترويج لسردية سلبية لجذب الانتباه بينما تقوم وكالات التصنيف الدولية بتخفيض التصنيف الائتماني لجذب اهتمام العملاء. ثم يتبع ذلك رأس المال الدولي الساخن ليشتري بسعر منخفض ويبيع بسعر مرتفع، ويستغل السياسيون الفرص لتعزيز مصالحهم.
إنها معركة سردية، توظف الحرب النفسية، وتستفيد من عدم تناسق المعلومات، وتعرض الفطنة التجارية الذكية-- وقد استخدمت الكيانات الغربية هذا المزيج ببراعة لعقود من الزمن، وحصدت مكاسب مالية كبيرة ومزايا إستراتيجية.
وفي أعقاب تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991، وقعت روسيا فريسة لمعركة سردية مثل هذه. ولم يفشل التغريب والعلاج بالصدمة في عكس مسار الانحدار الاقتصادي في روسيا فحسب، بل أدى أيضا إلى تضخم لا يمكن السيطرة عليه، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حاد في معدلات الفقر، وانخفاض كبير في قيمة أصول البلاد، وبالتالي اغتنم الغرب ووكلاؤه الفرص وتمكنوا ذات يوم من السيطرة على الاقتصاد الروسي.
وفي التسعينيات، هاجم قطب المال والأعمال الأمريكي جورج سوروس البات التايلندي من خلال نشر الأخبار السلبية وتضخيم التحديات التي تواجهها تايلاند عبر ما يسمى بوسائل الإعلام المهنية، ما أرسى الأساس للإضرار بالاقتصاد.
وفي يناير، كشفت وسائل الإعلام الأمريكية أن صحفيين من وسائل الإعلام الكبرى مثل ((سي أن أن)) و((سي بي أس)) و((أن بي سي)) و((أن بي آر)) و((بلومبرغ نيوز)) و((واشنطن بوست)) تلقوا تمويلا من سوروس، بصفتهم شركاء له لتسهيل مضارباته المالية.
ويبدو أن المضاربات المالية قد تحولت إلى صناعة مربحة في الغرب. ويشترك العديد من المستثمرين في فكرة مفادها أنه لتحقيق الازدهار في سوق مضطربة، يجب على المرء أن يصطاد بشكل إستراتيجي في المياه العكرة.
وتنتقد بعض البنوك والمؤسسات الاستثمارية الغربية بشدة الاقتصاد الصيني في حين تستفيد من عدم تناسق المعلومات. ويقترح البعض ما يسمى بخطط الإصلاح التي تتجاهل الظروف الوطنية للصين، وهناك أيضا اقتصاديون يستفيدون من هذه الخطب والكتب التي تحمل نظرة سلبية للاقتصاد الصيني.
لكن الاقتصاد الصيني يتمتع بمرونة عالية. وبينما تسعى الصين إلى تنمية منفتحة وعالية الجودة، فإنها تعمل على توليد فرص جديدة، وضخ اليقين في عالم غير مستقر وتعزيز التنمية العالمية.
وبفضل حجم سوقها الضخم والإبداع التكنولوجي ومرونتها التنموية القوية، تستطيع الصين أن تتحمل الضغوط الخارجية وتتغلب على الصعوبات الداخلية. والواقع أن اقتصادها بدأ ينتعش، وهو ما يدحض فعليا العديد من الحجج المتشائمة.
باختصار، الترويج للروايات الخادعة المتشائمة بشأن الصين محكوم عليه بالفشل.