تعليق ((شينخوا)): انفتاح الصين والتوقعات الاقتصادية الإيجابية تضخ الثقة والطاقة في التنمية عالية الجودة
بكين 27 ديسمبر 2023 (شينخوا) شهد العام الماضي الاقتصاد العالمي المتعثر وهو يكافح من أجل الوقوف على قدميه مرة أخرى في حقبة ما بعد الجائحة. ووسط العديد من الضغوط الهبوطية والمشهد العالمي المعاكس غير المسبوق، أظهر الاقتصاد الصيني قدرا كبيرا من المرونة واليقين بالإضافة إلى مزيج من الاتجاه التصاعدي والاستمرارية.
في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023، حققت الصين نموا في الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي بنسبة 5.2 في المائة، وهي وتيرة دفعت الصين إلى الأمام مقارنة بالاقتصادات الرئيسية بالعالم، وبالتالي وضعت أساسا متينا لتحقيق هدفها السنوي وتنمية أقوى في العام المقبل.
لماذا يستطيع الاقتصاد الصيني المضي قدما في مواجهة الرياح المعاكسة المتمثلة في تصاعد عدم الاستقرار والشكوك العالمية؟. وبالإضافة إلى نقاط قوتها الاقتصادية، يمكن أيضا أن يُعزى الانتعاش الاقتصادي المطرد الذي حققته الصين بشق الأنفس إلى سعيها الدؤوب إلى مبادرات جديدة تهدف إلى تحقيق تنمية عالية الجودة، فضلا عن التزامها الثابت بالانفتاح رفيع المستوى.
فبادئ ذي بدء، يتمتع الاقتصاد الصيني بنقاط قوة فريدة ولا مثيل لها. وعلى مدى 45 عاما من الإصلاح والانفتاح التحويلي، لم تعمل الصين على تطوير نظام صناعي تأسيسي قوي فحسب، بل حققت أيضا قيادة صناعية عالمية في مجموعة واسعة من الفئات.
وتتجلى براعة الصين الصناعية وقوتها الاقتصادية المتطورة باستمرار في عام 2023 من خلال إنجازاتها الرائعة مثل إطلاق أول سفينة سياحية كبيرة، والرحلة التجارية الأولى لطائرات "سي 919"، والتقدم الملحوظ في مشروع "البيانات الشرقية، الحوسبة الغربية".
وتزدهر التضاريس الاقتصادية للصين من خلال دورة محلية قوية تتميز بعدد سكان يتجاوز 1.4 مليار نسمة وطبقة متوسطة الدخل تتجاوز 400 مليون شخص. وتوفر موارد السوق الوفيرة فرصا إنمائية كبيرة وتعزز أيضا تجميع الصناعات وتقوي القدرة على الصمود في مواجهة الاضطرابات الخارجية.
كما أن النهج المبتكر الذي تتبناه الصين، وخاصة تأكيدها على التحول الأخضر، لتحقيق تنمية عالية الجودة يغذي أيضا زخم نموها.
في العام الماضي، خطت صناعات السيارات الكهربائية الصينية خطوات كبيرة. كما يعمل صانعو السيارات الكهربائية الرئيسيون في الصين على زيادة استثماراتهم في الخارج، لا سيما في أوروبا. في عام 2017 ، أنشأت "بي واي دي"، وهي شركة صينية بارزة في مجال السيارات الكهربائية، أول مصنع أوروبي للسيارات الكهربائية في كوماروم بالمجر. وينتج هذا المرفق في المقام الأول الحافلات الكهربائية والحافلات السياحية.
فيما يتعلق ببطاريات المركبات الكهربائية، يكتسب التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي زخما. ووقعت "ستيلانتس"، رابع أكبر مجموعة سيارات في العالم، وشركة "أمبيريكس" للتكنولوجيا المعاصرة، الرائدة في مجال الابتكار في تقنيات الطاقة الجديدة من الصين، مؤخرا مذكرة تفاهم، تغطي التوفير المحلي لخلايا ووحدات بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم لدعم إنتاج المركبات الكهربائية في أوروبا.
كما أن سعي الصين لتحقيق التنمية الخضراء والمستدامة يساعد البلدان النامية على تحقيق انتقال الطاقة والتنمية الأنظف. من مشروع كاروت للطاقة الكهرومائية في باكستان، ومشروع دي آر لطاقة الرياح في جنوب أفريقيا، إلى محطة الظفرة بي في 2 للطاقة الشمسية في الإمارات العربية المتحدة، تعمل مشاريع الطاقة المتجددة التي تعاقدت عليها الصين في جميع أنحاء العالم على تسهيل النمو الأخضر ومنخفض الكربون في المزيد من البلدان. حاليا، 50 في المائة من معدات طاقة الرياح في العالم و80 في المائة من معدات الخلايا الكهروضوئية هي من الصين.
وتعمل الصين على تعزيز نموذج تنمية جديد من خلال الانفتاح عالي الجودة، والذي اعتبر ضروريا لنهضة الصين الاقتصادية المعجزة على مدى العقود الأربعة الماضية.
ويصادف هذا العام الذكرى الـ10 لمبادرة الحزام والطريق والذكرى الـ45 للإصلاح والانفتاح في الصين. وتمثل مبادرة الحزام والطريق انفتاحا عالي الجودة جنبا إلى جنب مع التنمية عالية الجودة. وفي غضون عقد واحد فقط، انضم أكثر من 150 بلدا و30 منظمة دولية إلى المبادرة، وهو دليل على شعبيتها المتزايدة.
وفي شهر أكتوبر، عقدت الصين الدورة الثالثة من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي. وأسفر الاجتماع عن نتائج مثمرة، حيث بلغت قيمة الاتفاقيات التجارية الصينية الأجنبية 97.2 مليار دولار أمريكي. إن نجاح المنتدى يبعث برسالة واضحة تتمثل في السعي إلى التضامن والتعاون والانفتاح والنتائج المربحة للجانبين.
وباعتبارها شريكا تجاريا رئيسيا لأكثر من 140 دولة، تتخذ الصين أيضا تدابير جديدة لتحسين بيئة الأعمال المحلية للمستثمرين الأجانب.
وفي أغسطس، طرحت الصين مبادئ توجيهية تضم 24 إجراء محددا لزيادة تحسين بيئة الاستثمار الأجنبي وتعزيز تدفق الاستثمار الأجنبي، وهي دفعة كبيرة نحو انفتاح عالي الجودة.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الصين توسيع الوصول إلى الأسواق وخفض القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي، فإنها ستسعى جاهدة لتحسين بيئة أعمالها وخدمة الشركات الأجنبية بشكل أفضل. ووفقا لتقرير المسح حول بيئة الأعمال للشركات الأجنبية في الصين في الربع الثالث، فإن أكثر من 80 في المائة من الشركات التي شملها الاستطلاع تقول إنها راضية عن بيئة الأعمال في الصين.
وأظهر الاستطلاع أيضا أن 70 في المائة من الشركات تقول إن تخطيط سلسلتها الصناعية في الصين "سيظل مستقرا"، بزيادة 4.57 نقطة مئوية عن الربع الثاني، وتتوقع 80 في المائة زيادة أرباحها السنوية أو بقائها ثابتة في عام 2023.
وتقف الصين على أهبة الاستعداد للعمل مع الدول الأخرى لجعل كعكة السوق العالمية أكبر، وتعزيز آليات تقاسم المنافع على الصعيد العالمي، واستكشاف سبل جديدة للتعاون الدولي.
وأشار المستثمر والمعلق المالي المشهور عالميا جيم روجرز إلى أن التزام الصين بالانفتاح رفيع المستوى سوف "يفيد العالم بأسره". وهو يرى أن توسع الصين في الانفتاح رفيع المستوى مفيد للغاية لكل من العالم والصين. ويؤكد هذا المنظور على الترابط بين الاقتصادات العالمية والتأثير الإيجابي لسياسات الصين على نطاق أوسع.
وقال إن "كل ما قرأته عن الصين هذه الأيام هو أن بكين قررت أنها ستواصل الانفتاح"، مضيفا "أنها ستستمر في الانخراط بشكل أكبر مع العالم الخارجي".