تعليق ((شينخوا)): التعاون مع الصين يجلب الفرص وليس المخاطر
دافوس، سويسرا 17 يناير 2024 (شينخوا) خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي لهذا العام، وجه رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ رسالة حازمة إلى العالم مفادها: الصين ملتزمة بشكل لا يحيد إزاء تقاسم الفرص مع الآخرين.
وبادئ ذي بدء، تنبع الفرص التي تتيحها الصين من سوق هائلة مع تعداد سكاني سريع التحضر يبلغ 1.4 مليار نسمة. ويولد الحجم الهائل للسكان طلبا كبيرا على مجموعة متنوعة من السلع والخدمات، ما يوفر للشركات العالمية سوقا لا مثيل لها.
في قطاع السيارات، شهدت كل من شركات صناعة السيارات الصينية مثل (بي واي دي) ونظيراتها الأجنبية مثل (تيسلا) زيادة في حصتها السوقية في الصين. تشير البيانات إلى أن حصة تيسلا في سوق السيارات الكهربائية في الصين نمت إلى 12 في المائة خلال الأشهر الـ10 الأولى من 2023، ارتفاعا من 10 في المائة في 2022. وسلطت وكالة أنباء ((رويترز)) الضوء على أداء المبيعات القوي لتيسلا في الصين باعتباره "نقطة مضيئة نادرة" لشركة صناعة السيارات الكهربائية.
وتنشأ الفرص أيضا من التزام الصين الثابت بالانفتاح الاقتصادي. وفي الوقت الحالي، تعد الصين شريكا تجاريا محوريا لأكثر من 140 دولة ومنطقة، مع خفض مستوى التعريفة الجمركية الإجمالي إلى 7.3 في المائة، مقتربا من مستوى أعضاء منظمة التجارة العالمية المتقدمة. على مدى السنوات الخمس الماضية، بلغ متوسط العائد على الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين حوالي 9 في المائة، وهو رقم مرتفع نسبيا على الصعيد الدولي.
وفي خطابه الخاص، أعرب لي عن ترحيب الصين الحار باستثمارات الشركات من جميع الدول. وقال إن الصين ستوسع بشكل مطرد الانفتاح المؤسسي، وستواصل تقصير القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي، وتوفر المعاملة الوطنية للشركات الأجنبية. وتشجع بيئة الأعمال المواتية في الصين، إلى جانب المبادرات المختلفة المتعلقة السياسات، الشركات متعددة الجنسيات على توسيع وجودها في البلاد.
على سبيل المثال، تستثمر شركة الكيماويات الألمانية البارزة (باسف)، ما يصل إلى 10 مليارات يورو (نحو 10.7 مليار دولار أمريكي) في الصين حتى عام 2030. وأسست شركة مستحضرات التجميل الفرنسية العملاقة (لوريال) أول شركة استثمارية لها في الصين، وقال رئيس مجلس إدارة الشركة جان بول أغون "نعتقد أن الاستثمار في الصين هو استثمار في المستقبل".
وعلى الرغم من أن الحكومة الأمريكية تشجع الشركات الكبرى على تقليل تعاملها مع الصين، فإن معرض الصين الدولي الأول لسلاسل التوريد، الذي عُقد في نهاية عام 2023، شهد مشاركة الشركات الأمريكية بنسبة كبيرة بلغت 20 في المائة من الشركات العارضة الأجنبية، مما يدل على دور الصين الذي لا غنى عنه في سلاسل التوريد العالمية. وعلى الرغم من الضغوط السياسية، تعرب الشركات الأمريكية عن رأيها، وتعارض فك الارتباط.
في الوقت نفسه، فإن تركيز الصين على الابتكار والتكنولوجيا دفعها إلى طليعة مختلف الصناعات. من الاتصالات السلكية واللاسلكية إلى السيارات الكهربائية، فإن التقدم في البلاد يوفر فرصا تعاونية للشركات العالمية الساعية إلى التعامل مع التقنيات المتطورة.
ويتناقض نجاح الاستثمارات الأجنبية في الصين بشكل حاد مع التحديات التي تواجهها الشركات الصينية في الأسواق الغربية.
ويرى كثيرون أن تدابير مثل سن واشنطن "قانون خفض التضخم" وبدء بروكسل تحقيقا لمكافحة ما أسمته الدعم المقدم للسيارات الكهربائية الصينية ستأتي بنتائج عكسية. ويحذر محللون من أن المحاولات الغربية لاستبعاد الصين من سلاسل التوريد تخاطر بزيادة التكاليف وخفض الطلب وربما "حشر أنفسهم في الزاوية" من خلال إعاقة المساعي الطموحة مثل التحولات المناخية.
علاوة على ذلك، يسلط بحث حديث الضوء على كيف أن تقليل الاعتماد على سلاسل التوريد الصينية من شأنه أن يتسبب في زيادة التكاليف والتعقيدات لجميع الجهات المعنية.
وتشير النتائج التي توصل إليها باحثون في بنك التسويات الدولية في أكتوبر الفائت إلى أن شبكات الموردين عبر الحدود، وخاصة تلك التي تشمل الصين والولايات المتحدة، قد طالت منذ عام 2021 دون أن تصبح أكثر "كثافة". وهذا يعني بشكل أساسي أن متوسط عدد الموردين لكل عميل لم يزد. وذكرت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) أن ظهور سلاسل توريد أكثر التفافا مع نفس العدد من الموردين يشير إلى زيادة التعقيد وانخفاض الشفافية، دون تعزيز المرونة بالضرورة.
وبالنسبة لدول أخرى، فإن التعاون مع الصين والاعتماد المتبادل الذي يرافقه يشكل نعمة محتملة، وليس مخاطرة.
وفي الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد العالمي مخاطر حقيقية مثل الظروف المالية البالغة الشدة والخلافات الجيوسياسية والتقدم السريع في الذكاء الاصطناعي التوليدي، كما هو موضح في أحدث توقعات كبار الاقتصاديين الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن التعاون مع الصين والفرص التي يجلبها أصبح أكثر ضرورة من أي وقت مضى.