تحليل إخباري: خبراء: قرار تحرير سعر صرف الجنيه ورفع الفائدة مسار حتمي يستعيد استقرار الاقتصاد في مصر

تحليل إخباري: خبراء: قرار تحرير سعر صرف الجنيه ورفع الفائدة مسار حتمي يستعيد استقرار الاقتصاد في مصر

2024-03-07 18:30:45|xhnews

القاهرة 7 مارس 2024 (شينخوا) رأى خبراء مصريون أن قرارات البنك المركزي بتحرير سعر الصرف ورفع معدلات الفائدة 6 في المائة كانت بمثابة مسار حتمي متوقع لحل أزمة الدولار في البلاد والقضاء على السوق الموازي والسيطرة على ارتفاع معدلات التضخم ومن ثم استعادة استقرار الاقتصاد المصري.

وأصدر البنك المركزي المصري أمس (الأربعاء) عدة قرارات شملت رفع قيمة الفائدة على القروض والمدخرات بنسبة 6 في المائة، وتحرير سعر صرف الجنيه، ورفع القيود عن استخدام البطاقات الائتمانية بالعملة الأجنبية.

وأعلن البنك في بيان رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب.

وأكد البنك التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، وتابع أنه "تحقيقاً لذلك، يلتزم البنك المركزي بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق".

واعتبر البيان أن "توحيد سعر الصرف إجراء بالغ الأهمية، حيث يساهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي".

وإثر القرارات تراجعت قيمة الجنيه المصري أمس بنسبة حوالي 60.1% ليصل إلى 49.5 جنيه للدولار، بعد أن كان يتم تداوله بـ 30.9، بحسب الموقع الإلكتروني للبنك المركزي.

-- خطوة متوقعة لكن متأخرة

واجهت مصر في الآونة الأخيرة أزمة اقتصادية تجسدت خصوصا في شح الدولار، ما أدى إلى خفض قيمة العملة المحلية أكثر من مرة وانتعاش السوق الموازي في البلاد وقاد إلى ارتفاعات في أسعار السلع والمنتجات بشكل غير مسبوق.

وعمق هذه الأزمة انخفاض التحويلات المالية للمصريين العاملين في الخارج خلال العام المالي 2022 - 2023 بمعدل 30.8% لتقتصر على نحو 22.1 مليار دولار، إذ بلغت خلال العام المالي 2021 - 2022 نحو 31.9 مليار دولار، وفق البنك المركزي، بالإضافة لتراجع عائدات قناة السويس.

وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 19 فبراير انخفاض عائدات قناة السويس بنسبة تراوحت من 40 إلى 50% بسبب الحرب في قطاع غزة وأزمة الملاحة في البحر الأحمر.

ولمواجهة هذه الأزمة جاءت قرارات البنك المركزي المصري أمس التي اعتبر الخبير الاقتصادي المصري المحاضر بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري كريم العمدة أنها كانت "متوقعة لكن متأخرة".

وقال العمدة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن حل أزمة الدولار والقضاء على السوق السوداء يعتبر الشغل الشاغل للحكومة المصرية، موضحا أن الاقتصاد المصري لا يمكن أن يتحرك بوجود سعرين للدولار لأن ذلك يؤدي إلى تعطل الاستثمارات، وتوقف كل حسابات المنتجين والمصدرين والمستوردين.

وتوقع الخبير الاقتصادي المصري بعد هذه الخطوة أن يشهد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه ارتفاعا خلال الأسبوعين المقبلين قبل أن يعود للاستقرار والتحسن، ما يساهم في جذب تحويلات المصريين بالخارج والقضاء على السوق الموازي للدولار وجذب الاستثمارات الأجنبية والسيطرة على ارتفاع معدلات التضخم.

لكنه لفت إلى أنه مع الأهمية الكبيرة لإجراءات رفع أسعار الفائدة وتحرير سعر الصرف، إلا أنها لن تكون كافية وحدها، مشددا على ضرورة أن تكون هناك إدارة جيدة للتدفقات النقدية والاستثمارية وعوائد الأطروحات الحكومية وحسن إدارة موارد الدولة.

-- إجراءات تمهيدية

ورغم حتمية قرار تحرير سعر الصرف لكن كان من الصعب إنجاحه في ظل ندرة العملة الأجنبية، وفق الخبراء، ولعل هذا ما يوضح سبب تأخر الحكومة المصرية في اتخاذ الإجراءات الأخيرة.

وقال الخبير الاقتصادي المصري عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي وليد جاب الله إن تحرير سعر الصرف "مسار حتمي" كان يتعين على الحكومة المصرية السير فيه.

لكنه استدرك قائلا إنه "لم يكن من الممكن إنجاح هذا المسار في ظل ندرة العملة الأجنبية، ولذلك قامت الدولة المصرية بالكثير من الإجراءات التمهيدية للوصول إلى الحالة التي تمكنها من اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف".

ومن أهم هذه الإجراءات، تقديم مبادرات لتوفير السيولة الدولارية والتوقيع على عدد من اتفاقيات الاستثمار المباشر، من بينها اتفاقية رأس الحكمة، التي تم من خلالها ضخ 10 مليارات دولار في الاقتصاد المصري بصورة فورية، بما يدعم مسار تحرير سعر الصرف، بالإضافة إلى قيام البنك المركزي المصري بعملية رفع تاريخي لأسعار الفائدة، مما يعزز من قدرة الاقتصاد المصري على جذب الاستثمارات الأجنبية والادخار، وفق جاب الله.

وأعلنت مصر في 23 فبراير الماضي أنها وقعت مع دولة الإمارات العربية المتحدة "أضخم صفقة استثمار أجنبي مباشر" في تاريخها لتنمية منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي الغربي لمصر تتضمن ضخ 35 مليار دولار استثمارا أجنبيا مباشرا خلال شهرين قبل أن تتسلم منها الحكومة 10 مليارات دولار.

وأشار جاب الله إلى أنه في مجال السياسات المالية قامت وزارة المالية بخفض الإنفاق الحكومي الاستثماري بنسبة 15%، ووقف البدء في مشروعات قومية جديدة، كما اتخذت الحكومة المصرية إجراءات مهمة للحماية الاجتماعية من خلال زيادة الأجور والمرتبات والمعاشات ورفع حد الإعفاء الضريبي.

واعتبر الخبير المصري "أن كل هذه الإجراءات كانت متكاملة حتى تصل بالاقتصاد كي يكون جاهزا لاتخاذ قرار تحرير سعر الصرف".

-- استقرار اقتصادي

وسيساهم قرار تحرير سعر الصرف بشكل كامل ورفع أسعار الفائدة في خفض معدلات التضخم والوصول لسعر صرف موحد، وتسريع التدفقات النقدية لمصر وجذب الاستثمارات، وفق الخبراء .

وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري فخري الفقي لـ((شينخوا)) إن القرارات الجديدة ستؤدي إلى تسريع دخول التدفقات النقدية لمصر، ما سيؤدي إلى استقرار الأوضاع الاقتصادية.

وتابع أنه رغم ارتفاع أسعار الدولار إلا أن الأمور ستهدأ خلال أيام وسينخفض عدد من يريدون فتح اعتمادات، وبعد استقرار الأمور نهاية العام سيتحول من السعر الموحد التوازني إلى الحقيقي الذي يعكس إمكانيات مصر الحقيقية وستكون هناك وفرة من الدولار وعندها سيهبط سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.

وأضاف أن السعر الموحد سيؤدي إلى زيادة حجم التدفقات النقدية إلى مصر عبر تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات السياحة وتدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، مشيرا إلى أن كل هذا سيتدفق داخل الجهاز المصرفي وليس خارجه.

وأعرب عن توقعه بأن تنخفض الأسعار في مصر.

بدوره، توقع الخبير الاقتصادي وليد جاب الله أن يحدث بعض الارتباك في الأسواق بعد هذه القرارات، إلا أنه من المرتقب القضاء على السوق السوداء نهائيا واستقرار سعر الصرف الجنيه عند معدلات حقيقية تفتح الباب أمام جذب المزيد من الاستثمارات وتحويل عادل لأرباح المستثمرين الأجانب إلى الخارج.

كما أن هذه القرارات ستساعد في توفير احتياجات المصنعين من المواد الخام بصورة تمكن المصانع المصرية من العمل بكامل طاقتها، مما يزيد من إنتاجها وصادراتها، وفق جاب الله.

وأشار إلى أن سرعة توفير الدولار بالسعر الجديد سيؤدي إلى خفض تكلفة تخزين السلع والمنتجات بالموانئ المصرية، ما يقلل من أعباء تكلفتها وبالتالي تخفيض أسعارها.

وأكد جاب الله أنه سيكون هناك متابعة دقيقة لما يحدث في الأسواق خلال الأسابيع القادمة، متوقعا أن يشهد سعر الدولار ارتفاعات مبالغ فيها ثم يستقر عند 40 إلى 45 جنيها خلال فترة قريبة.

وبعد ساعات من تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أمس عن توقيع اتفاقية قرض مع صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن الصندوق رفع قيمة القرض من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار.

وكانت مصر والصندوق قد توصلا في ديسمبر 2022 إلى اتفاق تحصل بموجبه القاهرة على قرض بقيمة ثلاث مليارات دولار على مدار 46 شهرا. وعلق الصندوق صرف شرائح القرض العام الماضي بعدما ثبتت مصر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.

الصور