مقالة خاصة: مدفع الإفطار ... تقليد وذكرى جميلة لأجيال من سكان القدس

مقالة خاصة: مدفع الإفطار ... تقليد وذكرى جميلة لأجيال من سكان القدس

2024-04-03 21:19:45|xhnews

القدس 3 أبريل 2024 (شينخوا) يرتبط وقت الإفطار في شهر رمضان بصوت المدفع وهو التقليد القديم الذي يتم استخدامه لإعلام الناس باكتمال وقت الصيام والتوجه إلى الإفطار عند غروب الشمس يوميا، حيث يبدأ المسلمون الذين صاموا يومهم فور إطلاقه في شرب المياه وتناول الطعام.

ويمثل إطلاق مدفع رمضان بالنسبة للفلسطيني رجائي صندوقة من سكان مدينة القدس ذكرى جميلة وجزءا مهما من تاريخ عائلته، حيث أنه منذ الإمبراطورية العثمانية، كانت عائلته مسؤولة عن إطلاق مدافع الإفطار في القدس.

وكان رجائي صندوقة، (62 عاماً)، مسؤولا عن إطلاق مدافع الإفطار لأكثر من 30 عاماً منذ إطلاق المدفع الأول.

ويتم إطلاق المدافع في العديد من البلدان بجميع أنحاء الشرق الأوسط للإشارة إلى نهاية صيام اليوم والذي يعد من الذكريات الجميلة، وتعرف هذه المدافع باسم مدفع الإفطار، ويعتقد أن هذا التقليد قد بدأ في مصر منذ أكثر من 200 عام، حيث بدأ التقليد على يد الحاكم العثماني خوش قدم عندما تصادف اختبار مدفع جديد عند غروب الشمس، أطلقه خوش قدم بطريق الخطأ في رمضان وقت أذان المغرب، وأصدر صدى صوت في جميع أنحاء القاهرة، وظن الناس في حينه أن السلطان أطلق المدفع عمدا لتذكيرهم بالإفطار، فعبروا له عن امتنانهم، وتوجه إليه الشعب لشكره من مختلف الأحياء و طلبت منه ابنته أن يجعل هذا تقليدا في رمضان، وفي النهاية جعله الحاكم العثماني تقليدا رمضانيا.

ويتوجه صندوقة، هو ممثل مسرحي للأطفال والكبار خلال شهر رمضان، كل صباح ومساء لأكثر من نصف ساعة إلى مقبرة المجاهدين خارج البلدة القديمة في القدس لإطلاق مدفع الإفطار.

وقال صندوقة، في مقبرة المجاهدين التى تقع على أرض مرتفعة على طريق صلاح الدين في القدس الشرقية، وتطل على محطة للحافلات لمراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) إنه في عهد الإمبراطورية العثمانية، بالإضافة إلى القدس، كانت هناك مدافع إفطار في العديد من المدن الفلسطينية مثل نابلس وبيت لحم والخليل.

وأطلق جده مدفعا من العصر العثماني معروض الآن في المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى.

وخلال فترة الانتداب البريطاني في النصف الأول من القرن العشرين، تم نقل مدافع الإفطار في القدس من البلدة القديمة إلى المقبرة، وتم استبدال مدافع الإفطار بالمدفع الحالي.

وقال صندوقة إن مدفع الإفطار كان يستخدم البارود، لكن بعد اندلاع "الانتفاضة الأولى" عام 1987، منعت السلطات الإسرائيلية تصنيع واستخدام البارود، ما أدى لاختفاء مدافع الإفطار من كافة المدن الفلسطينية.

ومع ذلك، لا يمكن فقدان تقليد إطلاق مدافع الإفطار وبعد أعوام من الصراع مع الحكومة الإسرائيلية، جرى التوصل إلى حل وسط باستخدام القنابل الصوتية بدلا من البارود، حسب صندوقة.

وأضاف "بالنسبة لي، لا أهتم بالمواد المستخدمة في المدفع وما يهمني هو إطلاقه والحفاظ على هذا التقليد".

وقال صندوقة إنه تعلم كيفية إطلاق المدافع من والده، لكن عليه الآن الخضوع للتدريب والحصول على ترخيص.

على الرغم من أن صندوقة لا يستطيع أن يفطر مع عائلته كل يوم خلال شهر رمضان، لكنه لم يشكو من هذا، بل كان فخورا، قائلا "إذا لم يطلق مدفع الإفطار، فإن المقدسيين لن يفطروا وهذا اعتراف ومسؤولية"، مؤكدا أن ابنه سيرث هذا التقليد.

وقال طارق جبارين، (33 عامًا)، وهو حارس مقبرة المجاهدين لوكالة أنباء ((شينخوا))، الذي جلس مع زملائه على المائدة لينتظروا بهدوء إطلاق المدفع، إن مدافع الإفطار تعد من أبرز ملامح الطقوس الرمضانية و"كل الناس في القدس وضواحيها ينتظرون المدافع ليفطروا".

ومن جهته، قال محمد مصطفى، (40 عاما)، الذي يعيش في البلدة القديمة في القدس لـ ((شينخوا)) إنه نشأ وهو يسمع صوت مدافع الإفطار، وما زال يتذكر أنه عندما كان طفلا كانت مدافع الإفطار محشوة بالبارود باستخدام ملابس رثة، وفي كل مرة يتم إطلاق المدافع كانت محطة الحافلات القريبة مليئة بقطع من القماش.

وأضاف مصطفي الذي أحضر ابنه الصغير وابنته لزيارة مقر المدفع والتقاط الصور التذكارية عنده أن هذا من التقاليد والذكريات الجميلة لأجيال من المقدسيين. 

الصور