تقرير إخباري: عام علي الحرب في السودان … واللغة التصعيدية طغت على خطابي البرهان وحميديتي .. ومجاعة وشيكة

تقرير إخباري: عام علي الحرب في السودان … واللغة التصعيدية طغت على خطابي البرهان وحميديتي .. ومجاعة وشيكة

2024-04-14 19:27:00|xhnews

الخرطوم 14 أبريل 2024 (شينخوا) غدا تكمل الحرب في السودان عامها الأول مخلفة آلاف القتلي وملايين النازحين واللاجئين ، بينما تتعالي الأصوات التي تحذر من مجاعة وشيكة تفتك بمن نجا من الموت بالرصاص.

يمر عام على اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه النظامية والبلاد تشهد تدهورا إنسانيا واقتصاديا وأمنيا.

فيما طغت اللغة التصعيدية العسكرية على خطابي قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بمناسبة عيد الفطر المبارك.

وجدد البرهان، في خطابه عشية عيد الفطر التأكيد على الاستمرار في الحرب، حتى القضاء علي ما أسماه تمرد (الدعم السريع).

وبالمقابل أكد حميدتي أن الخيار الأوحد هو تحقيق النصر، وهنأ قواته علي ما اعتبرها (انتصارات عظيمة) في محور وسط السودان في (ولايتي الجزيرة وسنار) .

-- آلاف الضحايا وملايين المشردين

لا تتوافر أرقام رسمية عن عدد قتلي النزاع المسلح في السودان ، ولكن تقديرات أممية وتقارير إعلامية محلية تشير إلى أن أعداد الضحايا تتجاوز 13 الف قتيل.

ووفقا لآخر إحصائية لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا"، فقد أدي النزاع المسلح إلي مقتل 13100 شخص، وإصابة 26 ألفا و51 شخصا.

وحثت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن السودان، الأطراف المتحاربة في السودان على الوقف الفوري لإطلاق النار، ووضع حد للهجمات على المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لملايين الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها، مع دخول النزاع المميت عامه الثاني.

وقال محمد شاندي عثمان رئيس البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان ، في بيان صحفي نشرته وسائل إعلام سودانية "لقد حان الوقت لتتوقف هذه الحرب المدمرة، ويجب على الأطراف المتحاربة وضع حد فوري لجميع أعمال العنف، بما في ذلك العنف الجنسي، ومساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على أفعالهم".

واتهم المسؤول الأممي طرفي النزاع المسلح في السودان بشن هجمات على مدنيين وبنى تحتية بما في ذلك مستشفيات ومدارس.

وقال "إن الأطراف المتحاربة في السودان ملزمة قانونا بحماية المدنيين، لكنها لم تبدِ التزاما جادا في هذا الصدد، ونحن نحقق الآن في تقارير مقلقة عن هجمات متكررة على المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس".

وتسبب القتال الذي اندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023 إلي فرار حوالي 8.1 مليون شخص من منازلهم في السودان ، من بينهم حوالي 6.3 مليون شخص نازح داخل السودان و1.8 مليون شخص آخر فروا إلى الخارج ، وفقا لأحدث تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا".

وشكك المحلل السياسي السوداني عبد الرازق زيادة في أرقام ضحايا الحرب في السودان ، ورأى أن العدد قد يتجاوز 50 الف قتيل.

وقال ، في تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم" لا أرى أن الأرقام التي تعلنها الأمم المتحدة حقيقية ، هناك أعداد ضخمة من القتلي نتيجة القتال العنيف في الخرطوم وغرب ووسط السودان".

وأضاف " قد يتجاوز عدد القتلي 50 الف قتيل ، هذا غير القتلي من العسكريين سواء من الجيش أو الدعم السريع".

-- عدم الرغبة في أي تسوية

وبينما تقترب حرب السودان من إكمال عامها الأول ، لا يبدي أي طرف من طرفي النزاع أي رغبة في إسكات أصوات الرصاص أو الجلوس إلي طاولة الحوار.

وسارعت تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم) ، وهي تجمع حزبي مناهض للحرب ، إلي انتقاد ما اسمته لغة التصعيد لقائدي الجيش والدعم السريع.

وقال المتحدث الرسمي باسم (تقدم) بكري الجاك، في بيان صحفي "ما يفهم من خطابي البرهان وحميدتي هو عدم رغبة الطرفين في أي تسوية سياسية ، وفي ذلك استهانة بحجم المآساة التي يعانيها الشعب السوداني بسبب الحرب".

وأضاف " من المؤكد أن لا إمكانية لأي طرف لكسب هذه الحرب ، والخاسر الوحيد هو الشعب الذي يعاني التشرد والمجاعة والموت ".

وعلق القيادي بحزب المؤتمر السوداني خالد عمر يوسف علي خطابي البرهان وحميدتي بالقول " إن البرهان وحميدتي أغلقا أبواب الأمل بالحلول السلمية".

وأضاف في تغريدة على حسابه بمنصة (إكس) " أن إنهاء الحرب غير ممكن دون توفر الإرادة من قبل الأطراف المتقاتلة، وهو الأمر الذي يغيب كليا الآن".

-- تأثيرات الحرب علي الداخل السوداني

أدت الحرب إلي إيجاد انقسامات حادة في أوساط القوي والكيانات السياسية وخلقت حالة استقطاب ساهمت في إطالة أمد الصراع.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم والباحث المختص في الشأن الإفريقي الزمزمي بشير عبد المحمود " أدت الحرب إلي انقسام حاد في القوي السياسية من أحزاب وحركات مسلحة وكيانات اجتماعية قبلية وغيرها".

وأضاف " هناك حالة استقطاب حاد في أوساط القوي السياسية ، وأدي ذلك إلي إطالة أمد الحرب ، وفشلت القوي السياسية مجتمعة في الاتفاق علي مبادرة سياسية تنهي الاقتتال بين الجيش والدعم السريع".

-- غياب الخدمات مستمر بالخرطوم

تقاوم قلة من سكان الخرطوم ، قررت عدم النزوح ، أوضاعا صعبة بسبب الحرب وغياب الأمن وانعدام الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء وندرة الغذاء.

ولم تتوقع نمارق سليمان وهي مواطنة من منطقة جنوب الخرطوم أن تستمر الحرب لمدة عام كامل.

وقالت في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) " لم نكن نتوقع أن تستمر الحرب لعام كامل، اعتقدنا في بادئ الأمر أنها مواجهات محدودة وستنتهي في غضون أيام".

وأضافت " فضلنا البقاء في المنزل علي النزوح إلي مناطق آخرى ، ولكننا دفعنا فاتورة غالية بسبب انعدام الأمن وغياب الخدمات الضرورية، نعاني من الانقطاع شبه الدائم للكهرباء والمياه وندرة الطعام".

وعبرت إسراء آدم وهي مواطنة من حي الإنقاذ بمنطقة جنوب الحزام بالخرطوم عن أملها في أن يتوافق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع علي تسوية سياسية لإنهاء القتال.

وقالت إسراء لـ ((شينخوا)) "بعد مرور عام علي الحرب كل ما نرجوه هو أن يتوقف القتال ، وأن يعم السلام بلادنا ، ولا نستطيع أن نتحمل أكثر من هذا ، الوضع لا يطاق ، والحياة في ظل الحرب صعبة".

ووصف المواطن محمد علي محمد (62 عاما) ، وهو أحد سكان حي الإنقاذ بمنطقة جنوب الحزام بالخرطوم ، حياة سكان الخرطوم في ظل الحرب بأنها حياة (العصور الوسطي).

وقال "نعيش حرفيا حياة العصور الوسطي ، نحصل علي المياه من خلال عربات الكارو (عربات تجرها الدواب) ، ونستخدم الأخشاب للطهي".

وأضاف " لا تتوفر الكهرباء ولا المياه ، ولا تتوفر شبكة اتصالات لكي نطمئن علي بقية الأسرة التي نزحت إلى ولاية سنار بوسط السودان ، هذه معاناة حقيقية".

-- تحذيرات من مجاعة وشيكة

مع استمرار القتال في السودان ، تتعالي الأصوات التي تحذر من مجاعة وشيكة تفتك بمن نجا من الموت بالرصاص.

وقال نائب ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في السودان آدم ياو، في مقابلة مع ((شينخوا)) " الأمن الغذائي في السودان خطير للغاية ، ويحتاج نحو 18 مليون سوداني إلى الغذاء ، وهم في أزمة ضمن تصنيف الطوارئ وبحاجة إلى مساعدة عاجلة في ظل استمرار تدهور الوضع".

وفي السياق ذاته ، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من أن أزمة الجوع في السودان ستتفاقم ما لم يحصل الشعب هناك على تدفق مستمر للمساعدات عبر جميع الممرات الإنسانية الممكنة.

وقال إيدي رو، ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القطري في السودان، في بيان " أخشى أن نرى مستويات غير مسبوقة من المجاعة، وسوء التغذية يجتاح السودان في موسم القحط هذا".

وأشار المسؤول الأممي إلى أن توقف الممر الإنساني عبر تشاد مؤقتا، إلى جانب القتال الدائر، وإجراءات تخليص الشحنات الإنسانية التي تستغرق وقتا طويلا، والعوائق البيروقراطية، والتهديدات الأمنية، جعلت من المستحيل على العاملين في المجال الإنساني العمل بالحجم المطلوب لتلبية احتياجات الجوع في السودان.

ويواجه 18 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد جوعا حادا بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف السودانيين البالغ عددهم أكثر من 48 مليون نسمة، أي حوالي 25 مليون شخص، باتوا يحتاجون إلى المساعدة، بمن فيهم 18 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.

ومنذ 15 أبريل 2023، يدور نزاع مسلح بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

وانطلقت شرارة الحرب من العاصمة السودانية الخرطوم ، وسرعان ما توسعت دائرة الصراع، ودخلت المعارك ولايات كانت بمنأى عن القتال الذي اقترب من دخوله عامه الثاني.

وبعد اقتراب الحرب من عامها الأول ، يبدو ثمة تغير في خريطة السيطرة الميدانية لكل طرف ، مع استمرار الجدل بشأن حقيقة الغلبة على الأرض، خاصة مع اشتداد المعارك مؤخرا في مدينة أم درمان.

منذ اندلاع الحرب سعت قوات الدعم السريع للسيطرة على مقر سلاح المهندسين التابع للجيش السوداني في أم درمان، لكن محاولاتها فشلت ، ويسيطر الجيش كليا على كامل منطقة سلاح المهندسين.

ويسيطر الجيش على منطقة "وداي سيدنا" التي تقع في شمال أم درمان، وتعد من أهم القواعد العسكرية، كونها تضم قيادة سلاح الجو،الذي لعب دورا محوريا في العمليات القتالية.

وتقول قوات الدعم السريع إنها تسيطر على أكثر من 90 في المئة من مناطق الخرطوم والخرطوم بحري"، فيما يسيطر الجيش على مواقع محددة، مثل أجزاء من القيادة العامة في وسط الخرطوم، ومناطق في الخرطوم بحري.

وما تزال قوات الدعم السريع تسيطر علي مقرات حيوية بالخرطوم مثل القصر الجمهوري وعلى مقار عدد من الوزارات، وكذلك علي مقرات عسكرية رئيسية منها المنطقة العسكرية الاستراتيجية في وسط الخرطوم، ومقر التصنيع الحربي، ومطار الخرطوم الدولي، ومنطقة جبل الأولياء العسكرية في جنوب الخرطوم ، ومنطقة الشجرة العسكرية في جنوب الخرطوم.

كما تسيطر قوات الدعم السريع علي 4 من ولايات دارفور الـ 5 ، وهي جنوب دارفور ، وسط دارفور ، غرب دارفور وشرق دارفور، فيما لا يزال الجيش السوداني يسيطر علي ولاية شمال دارفور.

كما سيطرت قوات الدعم السريع في ديسمبر 2023، على ولاية الجزيرة بوسط السودان، بينما يسيطر الجيش على ولايات سنار، والبحر الأحمر، والقضارف، وكسلا، ونهر النيل والشمالية.

وتشهد ولايات شمال كردفان وكذلك جنوب كردفان، وغرب كردفان، مواجهات مستمرة ، وتحاول قوات الدعم السريع السيطرة علي هذه الولايات التي ما تزال بيد الجيش. 

الصور