تحليل إخباري: التصعيد بين إيران وإسرائيل يثير مخاوف دولية بشأن التدهور السريع في المنطقة

تحليل إخباري: التصعيد بين إيران وإسرائيل يثير مخاوف دولية بشأن التدهور السريع في المنطقة

2024-04-15 06:12:30|xhnews

القاهرة / رام الله 14 أبريل 2024 (شينخوا) بعد أن شنت إيران الهجوم مباشرة من أراضيها على إسرائيل والذي لم يحدث من قبل في المواجهات بين البلدين، آثار ذلك مخاوف دولية شديدة بشأن التدهور السريع للوضع في منطقة الشرق الأوسط ، فيما تتبنى كلا من إسرائيل وإيران "سياسة حافة الهاوية".

ويرى خبراء أن الدول الغربية يستحيل أن تقبل فكرة توسيع الحرب في المنطقة حتى لو كان هذا الخيار يتعلق بإيران لأن توسيعها في ظل اقتراب موعد بدء الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة يعني الجنون السياسي بحد ذاته، معتبرين أن خطوة إسرائيل القادمة سوف تلعب دورا محوريا في تطورات الوضع مستقبلا في المنطقة.

-- رد منطقي ومتوقع

وشنت إيران الليلة الماضية هجوما على إسرائيل بإطلاق عدد كبير من المسيرات والصواريخ باتجاه أراضيها ردا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق في مطلع أبريل الجاري، والذي أسفر عن مقتل 7 من الحرس الثوري الإيراني بينهم مسؤول الحرس في سوريا ولبنان الجنرال محمد رضا زاهدي.

وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الأحد) إسقاط 99 بالمائة من الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران تجاه إسرائيل الليلة الماضية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي من الضفة الغربية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن رد إيران "طبيعي ومنطقي لأنها تعرضت لهجوم على قنصليتها وحسب القانون الدولي لها الحق بالرد".

واعتبر عنبتاوي أن الرد الإيراني كان بمثابة رسالة "قوية لإسرائيل باختراق أجوائها أولا، وأن المعادلة تختلف الآن وأن أي اعتداء إسرائيلي سيقابل بالرد".

وتوقع أن الأمور تبقى ضمن إطار التهديد والوعيد من قبل إسرائيل لأن هناك معادلات عالمية لا تريد أن تصل الأوضاع إلى مرحلة المواجهة الشاملة مع ايران.

وانطلاقا من التأثير الفعلي وعلى الرغم من أن حجم الهجوم الإيراني كبير، يبدو أن الخسائر التي لحقت بإسرائيل ليست خطيرة وفي هذا الصدد، يرى المحللون أن وراء ذلك اعتبارات إيران المزدوجة المتمثلة في إظهار القوة وضبط النفس في الوقت نفسه.

وشكل الهجوم على القنصلية الإيرانية انتهاكا لسيادة إيران وأدى إلى مقتل سبعة ضباط إيرانيين، بينهم اثنان من القادة المخضرمين في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، ما أدى إلى غضب الشعب الإيراني.

وقال الأستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية ليو تشونغ مين، إن الهجمات الانتقامية الإيرانية سوف تحقق استرضاء شعبها وحماية الكرامة الوطنية بدرجة كبيرة.

 

-- سياسة حافة الهاوية

وقال الرئيس التنفيذي للمعهد الصيني للدراسات العربية بجامعة (نينغشيا) نيو شين تشون، "إن إيران شنت الهجوم مباشرة من أراضيها على إسرائيل، وهذا لم يحدث من قبل في المواجهات بين البلدين، كما أن هذه أول مرة يحدث فيها صراع عسكري مباشر بين دولتين ذات سيادة منذ اندلاع جولة جديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مما أثار مخاوف دولية شديدة بشأن التدهور السريع للوضع في منطقة الشرق الأوسط".

وقال نيو شين تشون إن إسرائيل لم تشهد أي حرب مع الدول المجاورة ذات السيادة في العقود الأخيرة، على الرغم من أن الدول المعنية، بما فيها إسرائيل والولايات المتحدة وإيران، لا تريد أن يتصاعد الصراع الحالي إلى حرب واسعة النطاق بين دول ذات سيادة، إلا أن جميع الأطراف تتبنى "سياسة حافة الهاوية"، أي ممارسة التهديد بالحرب أو شن شبه حرب استفادةً من نفسية الطرف الآخر المتمثلة في عدم رغبته في الحرب، من أجل تعظيم المصالح الخاصة بها، وهذا النهج خطير للغاية، وبمجرد حدوث سوء تقدير، قد يخرج الوضع عن السيطرة.

ويرى نيو شين تشون أن هجوم إيران على إسرائيل من أراضيها ليس فقط لإظهار قوتها العسكرية القادرة على شن هجمات بعيدة المدى، ولكن لإظهار تصميمها على "ردع إسرائيل" ومنعها من "التقدم أكثر".

ويعتقد المحللون أن رد إسرائيل القادم سوف يلعب دورا محوريا في تطورات الوضع في المستقبل.

ويرى الأستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية دينغ لونغ، أن إسرائيل لن تسكت، فيما يعتقد ليو تشونغ مين أنه بين تصعيد الصراع وإبقائه تحت السيطرة من المرجح أن تختار إسرائيل الخيار الأخير.

وبشأن درجة دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، أشار دينغ لونغ إلى أن إسرائيل تأمل في "إيقاع الولايات المتحدة إلى المياه"، لكن إدارة بايدن قد لا تكون مستعدة لخوض صراع مباشر مع إيران في عام الانتخابات، لذلك فإن احتمال حدوث تصعيد واسع النطاق للوضع الإقليمي في الخطوة التالية منخفض.

 

-- تأثير محدود على مفاوضات التهدئة في غزة

ورأى مراقبون فلسطينيون أن التصعيد بين إيران وإسرائيل لن يؤثر على سير مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وعقد صفقة تبادل للأسرى بين الأخيرة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وقال عنبتاوي إن التصعيد الإيراني الإسرائيلي "لن يؤثر كثيرا على سير المفاوضات لوقف الحرب في قطاع غزة إلا باتجاه أن نتنياهو لا يريد لها النجاح واختلاق الأعذار والحجج".

وتابع أن نتنياهو قد يستخدم "التصعيد للتعنت أكثر وإقناع الداخل الإسرائيلي بعدم الموافقة على التهدئة لأنه يريد المواصلة في هذه الحرب حتى النهاية"، مشيرا إلى أنه لا خيار أمامه إلا مواصلة الحرب لأن عكس ذلك يعني سقوطه سياسيا.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي من رام الله جهاد حرب أن التصعيد بين إيران وإسرائيل خلال الساعات الماضية لن يؤثر على سير مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال حرب لـ ((شينخوا)) "لا يوجد تأثير مباشر" بين ما جرى من تصعيد عسكري على سير مفاوضات التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية.

وأضاف أن التأثير أبعد من ذلك وهي رسالة لإسرائيل أنها "لا تستطيع العربدة وقتل القيادات دون أن يكون هناك رد فعل قد يكون محسوبا أو غير محسوب".

وأشار حرب إلى أهمية ما جرى من إطلاق صواريخ ومسيرات وإن لم تحدث أضرارا أو خسائر فادحة مادية أو بشرية، لكن عملية التصدي كلفت إسرائيل أكثر من مليار دولار، حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية.

واعتبر أن ما جرى من إطلاق صواريخ ومسيرات هو "إغلاق لتصفية حساب ما بين طهران وتل أبيب بعد اغتيال قيادات إيرانية وتدمير القنصلية في دمشق وإذا ما ذهبت إسرائيل للرد عسكريا سيحسب أيضا طبيعة هذا الرد".

ورأى حرب أن رد إيران كان "محسوبا بهدف عدم إثارة نزاع إقليمي ولكن إذا ما كان الرد الاسرائيلي غير محسوب بمعنى تفجير نزاع اعتقد سيكون هناك رد أخر من إيران، لكن على ما يبدو أن الولايات المتحدة وأطراف دولية لا ترغب بالانزلاق إلى نزاع إقليمي" في منطقة الشرق الأوسط.

وجاء التصعيد بين إيران وإسرائيل في وقت تشن فيه الأخيرة منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا واسعة النطاق ضد حماس في غزة تحت اسم "السيوف الحديدية" خلفت حتى الآن أكثر من 33 ألف قتيل فلسطيني ودمار كبير في المباني والبنية التحتية وأزمة إنسانية حادة. وبدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى" أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي، وفق السلطات الإسرائيلية.

 

-- رفض توسيع الصراع

رأى الكاتب والمحلل السياسي من رام الله عبد المجيد سويلم أن الدول الغربية يستحيل أن تقبل فكرة توسيع الحرب في المنطقة، حتى لو كان هذا الخيار يتعلق بإيران لأن توسيعها في ظل اقتراب موعد بدء الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة يعني الجنون السياسي بحد ذاته.

وقال سويلم لـ ((شينخوا)) إن دول الغرب باتت تطالب بصورة أكثر إلحاحا من أي وقتٍ مضى بإنهاء الحرب، وعقد صفقة للتبادل كمرحلة أولى لوقف إطلاق النار ستفضي إلى هذا الإنهاء.

من جانبه قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن الهجوم الإيراني على إسرائيل هو هجوم رمزي ليست له دلالات استراتيجية، ولا نتوقع أن تكون هناك تأثيرات كبيرة في هذا السياق إلا في إطار المعادلة الأمنية والاستراتيجية الحاكمة بين البلدين.

وستكون هناك ارتدادت سلبية جراء هذا الهجوم على الوضع في قطاع غزة، حيث سيلجأ الجانب الإسرائيلي إلى فرض ترتيبات أمنية بصورة كبيرة في غزة، وسوف يتعامل بمنطق دفع المنطقة إلى خيارات أخرى، والترتيبات الأمنية هي أخطر ما يمكن أن يواجه قطاع غزة الآن.

وأشار الدكتور عاطف السعداوي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أنه من الواضح أن الهجوم الإيراني على إسرائيل كان هجوما منسقا بهدف حفظ ماء الوجه لإيران، وهو هجوم سياسي أكثر منه عسكري، وهذا كان واضحا من طريقة تنفيذه وعدم وجود عنصر المفاجأة فيه وإبلاغ واشنطن به قبل الهجوم، لذلك أرى أنه كان لحفظ ماء وجه إيران ردا على قصف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، وفى تقديري أن ما حدث لن يغير كثيرا من المعادلة، وسوف تظل كما هي.

وقال الدكتور مختار غباشي الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات في مصر إن الهجوم الإيراني جاء ردا على قيام إسرائيل بضرب القنصلية الإيرانية في دمشق، ولأول مرة "حرب الظل" بين إيران وإسرائيل تخرج إلى العلن، وتكون مواجهة صريحة من الداخل الإيراني إلى إسرائيل، وهذه معادلة جديدة فرضتها إيران بهذا الرد.

 

-- مفترق طرق صعب

وقال العميد سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية إن الهجمات الإيرانية الأخيرة تضع منطقة الشرق الأوسط في مفترق طرق صعب، لأنه في حال قيام إسرائيل بالرد العسكري على هذه الهجمات ستكون إيران مطالبة برد جديد أكثر قوة وتأثير.

ورأى أن قيام إيران بالرد على الاعتداء الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في سوريا بصرف النظر عن حجم وطبيعة وتأثير الرد يشكل ردا على من كان يشكك في قدرة طهران على رد الفعل إزاء "الاعتداءات" الإسرائيلية.

وأشار إلى أن أمريكا تتحمل جزءا كبيرا من المسئولية عما يحدث لأنها لم تضع روادع لإسرائيل رغم طبيعة العلاقة في الفترة الأخيرة، حيث اتسمت السياسة الإسرائيلية بـ "المنفلتة"، وخروج أصوات إسرائيلية تنتقد السياسة الأمريكية، ورغم ذلك فقد استمرت ازدواجية المعايير الأمريكية وانحيازها الصارخ للاعتداءات الإسرائيلية وعدم ادانتها لها بما في ذلك الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في سوريا في الوقت الذي سارعت فيه بإدانة رد الفعل الإيراني، ورغم أن الأمرين مرفوضان تماما إلا أنه لا يمكن قبول عدم إدانة الفعل وإدانة رد الفعل عليه.

الصور