شي يلتقي المستشار الألماني ويدعو إلى تحقيق نجاح متبادل
بكين 16 أبريل 2024 (شينخوا) التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ، المستشار الألماني أولاف شولتس، اليوم (الثلاثاء) في دار ضيافة الدولة دياويوتاي في بكين، حيث دعا شي الجانبين إلى المضي قدما في السمات المميزة المتمثلة في المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين وتحقيق نجاح متبادل.
وفي معرض إشارته إلى أن العام الجاري يوافق الذكرى العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وألمانيا، قال شي إنه على مدار الأعوام العشرة الماضية، وعلى الرغم من التغيرات الهائلة في المشهد الدولي، حافظت العلاقات الصينية-الألمانية على نمو مطرد، وتم تعزيز وتعميق التعاون الثنائي في جميع المجالات، ما قدّم زخما للتنمية في البلدين.
وأضاف أنه في الوقت الحالي، يتسارع التحول الذي لم نشهده منذ قرن في جميع أنحاء العالم، وتواجه البشرية مخاطر وتحديات متزايدة، وهذه المشكلات لا يمكن حلها من دون التعاون بين الدول الكبرى.
وقال شي إنه في ظل كون الصين وألمانيا ثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم على التوالي، فإن توطيد علاقاتهما وتنميتها أمر يمثل أهمية تتجاوز النطاق الثنائي، وله تأثير كبير على قارة أوراسيا والعالم بأسره، داعيا البلدين إلى النظر إلى العلاقات الثنائية وتطويرها من منظور طويل الأجل واستراتيجي، والعمل معا لضخ المزيد من الاستقرار واليقين في العالم.
وأكد الرئيس أن الصين وألمانيا قدمتا مساهمات كبيرة في تقدم الحضارة البشرية، وأنه لا توجد مصالح أساسية متضاربة بين البلدين، ولا يشكل أي منهما تهديدا أمنيا على الآخر، وأن التعاون بين الصين وألمانيا لا يعود بالنفع على البلدين فحسب، بل على العالم بأسره أيضا.
وقال شي إنه كلما زاد عدم الاستقرار في العالم، زادت حاجة الجانبين لتعزيز المرونة والحيوية في علاقاتهما. ودعا إلى بذل جهود مشتركة للحفاظ على الاتجاه العام المتمثل في التعاون والتنمية في العلاقات الثنائية المتنامية، والالتزام بإبراز السمات المميزة للشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وأضاف أن سياسة الصين تجاه ألمانيا مستقرة ومتسقة بشكل كبير، مشيرا إلى أن الجانبين بحاجة لمواصلة الانخراط في التبادلات الوثيقة بعقلية منفتحة، وتعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة. وأوضح أنه ما دام الجانبان يحافظان على الاحترام المتبادل، ويهدفان إلى إيجاد أرضية مشتركة مع تنحية الخلافات جانبا، ويعززان التبادلات والتعلم المشترك، ويسعيان إلى تعاون مربح للجانبين، ستظل العلاقات الصينية-الألمانية تتمتع بتقدم قوي ومستدام.
وأشار الرئيس إلى أن سلاسل الصناعة والإمداد في الصين وألمانيا متداخلة بعمق وأن أسواق البلدين تعتمد على بعضها البعض بشكل كبير، قائلا إن التعاون متبادل المنفعة بين الصين وألمانيا لا يشكل "خطرا"، بل هو الضمان لاستقرار العلاقات الثنائية وفرصة للمستقبل.
وأضاف الرئيس أن هناك إمكانات هائلة يمكن الاستفادة منها في السعي للتعاون المربح للجانبين في المجالات التقليدية مثل الآلات والسيارات، والمجالات الجديدة مثل التحول الأخضر والرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وقال شي إن تعزيز السمات المربحة للجانبين في العلاقات بين الصين وألمانيا وتمكين بعضهما البعض من تحقيق النجاح أمر مهم بالنسبة للجانبين، مضيفا أن صادرات الصين من المركبات الكهربائية وبطاريات الليثيوم والمنتجات الكهروضوئية أفضت إلى إثراء الإمداد العالمي والحد من ضغط التضخم العالمي، وساهمت أيضا بشكل كبير في الاستجابة العالمية لتغير المناخ والتحول الأخضر ومنخفض الكربون.
وفي معرض إشارته إلى أن الصين وألمانيا دولتان تعتمدان على الصناعات وتدعمان التجارة الحرة والعولمة الاقتصادية، قال شي إنه من المهم أن يحذر البلدان الحمائية المتزايدة، وينظرا إلى قضية القدرة الإنتاجية بشكل موضوعي وجدلي من خلال منظور سوقي وعالمي يستند إلى القوانين الاقتصادية، ويكرسا المزيد من الجهود لمناقشة التعاون.
وأضاف الرئيس أن الصين ملتزمة بالسياسة الوطنية الأساسية المتمثلة في الانفتاح، وتأمل أن يتمكن الجانب الألماني من توفير بيئة أعمال عادلة وشفافة ومفتوحة وغير تمييزية للشركات الصينية في ألمانيا.
وفي سياق تأكيده أن الصين وألمانيا بينهما قدر كبير من توافق الآراء بشأن قضية تعدد الأقطاب في العالم، أشار شي إلى أن عالما متعدد الأقطاب يعني في جوهره عالما تحترم فيه الدول ذات الحضارات والأنظمة والمسارات المختلفة بعضها البعض وتتعايش في سلام.
وتابع شي قائلا إن الصين وألمانيا بحاجة إلى تنفيذ التعاون على الجبهات متعددة الأطراف بصورة مستقلة، ودفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حقيقية لمعالجة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والتنمية غير المتوازنة والصراعات الإقليمية على نحو أفضل، وتقديم إسهامات أكبر في توازن العالم واستقراره.
من جانبه، أشار شولتس إلى أن العلاقات بين ألمانيا والصين في وضع جيد الآن، لافتا إلى أن البلدين أجريا تبادلات وثيقة على جميع المستويات وفي جميع المجالات، حيث عقد الجانبان بنجاح مشاورات حكومية وحوارات رفيعة المستوى بشأن قضايا استراتيجية ومالية، وسيعقدان حوارا بشأن تغير المناخ والتحول الأخضر.
وأشار شولتس إلى أنه خلال اليومين الماضيين، قام هو وممثلون عن مجتمع الأعمال الألماني بزيارة تشونغتشينغ وشانغهاي، حيث شاهدوا التقدم الاقتصادي الكبير الذي أحرزته الصين خلال السنوات القليلة الماضية. وأضاف شولتس أنه أُعجب بشكل خاص بالتعاون الوثيق والسليم بين الشركات الألمانية والصينية.
وأوضح شولتس أنه سعيا نحو المضي قدما إلى الأمام، سيعمل الجانب الألماني مع الجانب الصيني على تعزيز العلاقات الثنائية، وتعميق الحوار والتعاون في جميع المجالات، وتدعيم التبادلات الشعبية في مجالات مثل التعليم والثقافة، لافتا إلى أن اضطلاع البلدين بهذه الأمور يمثل أهمية لهما وللعالم أجمع.
وأكد شولتس أن الجانب الألماني يقف على أهبة الاستعداد لتعزيز التواصل والتنسيق مع الجانب الصيني من أجل التصدي بشكل مشترك لتغير المناخ والتحديات العالمية الأخرى، وأن الجانب الألماني يلتزم بدعم النظام الدولي متعدد الأطراف وتعزيز السلام والتنمية العالميين، ويرفض الصراع والمواجهة، مضيفا أن ألمانيا تعارض الحمائية وتدعم التجارة الحرة.
وأوضح شولتس أن ألمانيا، باعتبارها عضوا مهما في الاتحاد الأوروبي، مستعدة للعب دور إيجابي في تعزيز التنمية السليمة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين.
وتبادل القائدان أيضا وجهات النظر بصورة متعمقة بشأن الأزمة الأوكرانية، مشيرين إلى أن الصين وألمانيا تلتزمان بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتعارضان استخدام الأسلحة النووية أو الهجوم على المنشآت النووية السلمية، وتدعوان إلى بذل الجهود لمعالجة قضية الأمن الغذائي العالمي بصورة ملائمة ومراعاة القانون الإنساني الدولي.
وشدد شي على أنه في ظل الظروف الحالية، يتعين على جميع الأطراف الالتزام باستعادة السلام مبكرا لمنع تصاعد الصراع أو حتى خروجه عن نطاق السيطرة.
وذكر شي أنه لتحقيق هذه الغاية، لابد من اتباع عدد من المبادئ: أولا، التركيز على المصلحة العامة المتمثلة في تحقيق السلام والاستقرار بدلا من السعي إلى تحقيق مكاسب أنانية. ثانيا، تهدئة الوضع بدلا من صب الزيت على النار. ثالثا، حشد الظروف اللازمة لاستعادة السلام بدلا من زيادة تفاقم التوترات. رابعا، الحد من التأثير السلبي للصراع على الاقتصاد العالمي بدلا من تقويض استقرار سلاسل الصناعة والإمداد العالمية.
وشدد شي على أن الصين ليست طرفا في الأزمة الأوكرانية، بل إنها عززت باستمرار محادثات السلام بطريقتها الخاصة، مضيفا أن الصين تشجع وتدعم كل الجهود التي تؤدي إلى حل سلمي للأزمة، وتدعم عقد مؤتمر دولي للسلام في الوقت المناسب يحظى باعتراف روسيا وأوكرانيا ويضمن المشاركة المتساوية لجميع الأطراف، وإجراء مناقشات عادلة بشأن جميع خطط السلام.
واستطرد شي قائلا إن الصين ستحافظ على اتصالات وثيقة مع جميع الأطراف المعنية، منها ألمانيا، بشأن هذه المسألة.
وتبادل الجانبان أيضا وجهات النظر بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والقضايا الدولية والإقليمية الأخرى محل الاهتمام المشترك. واتفق الجانبان على أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2728، ومنع تصعيد الوضع وتدهوره بدرجة أكبر، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام دون عوائق إلى قطاع غزة، ودعم التسوية المبكرة للقضية الفلسطينية من خلال مفاوضات على أساس حل الدولتين، ودعوة الدول المؤثرة إلى القيام بدور بنّاء في الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين، بهدف التوصل إلى حل شامل وعادل ودائم لقضية فلسطين في وقت مبكر.
وعقب الاجتماع، قام شي وشولتس بجولة سيرا على الأقدام وتناولا الغداء معا، وتبادلا خلال ذلك وجهات النظر بشأن مجموعة واسعة من القضايا.