تعليق ((شينخوا)): التعاون السليم بين الصين والاتحاد الأوروبي لا غنى عنه لتحقيق الرخاء العالمي
جنيف 3 مايو 2024 (شينخوا) في الوقت الذي لا يزال فيه اسم قطار الشرق السريع يستحضر المغامرات الشهيرة التي صورتها الكاتبة أجاثا كريستي خلال رحلة سارت على مهل واستغرقت ثماني ساعات بين المجر وصربيا، فإن المجتمع الحديث، الذي اعتاد على حياة سريعة الوتيرة، يتوق أيضا إلى خيارات سفر أكثر سرعة وكفاءة.
وقريبا قد تصبح الرحلات في منطقة البلقان أقل إرهاقا مع اكتماء إنشاء خط السكة الحديد بين المجر وصربيا، وهو مشروع رئيسي يُقام في إطار مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين. وبمجرد تشغيل خط السكة الحديد هذا بكامل طاقته، فإنها سيقلص مدة الرحلة بين عاصمتيهما إلى ثلاث ساعات فقط. وعلاوة على ذلك، سيعمل على تعزيز نقل البضائع، ودفع التجارة، وإنعاش الاقتصادين.
ويأتي خط السكة الحديد هذا ضمن مجموعة من مشاريع الحزام والطريق التي تعود بفوائد ملموسة على أوروبا وما وراءها. ولا يمكن تحقيق مثل هذه الإنجازات بدون قادة لديهم رؤى ثاقبة وحرص شديد على جني منافع مشتركة من التعاون المربح للجانبين.
إن صربيا والمجر وفرنسا هي الوجهات الثلاث لزيارات الدولة المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس الصيني شي جين بينغ في الفترة من 5 إلى 10 مايو الجاري. وهذه الدول الأوروبية تربطها صداقة عميقة بالصين وحققت معها تعاونا مثمرا في السنوات الأخيرة.
فبالإضافة إلى النتائج الملموسة للتعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق بين الصين وصربيا، ظلت المجر الوجهة الرئيسية للاستثمارات الصينية في وسط وشرق أوروبا على مدى سنوات متتالية. وعلاوة على ذلك، تأتي العلاقات الصينية الفرنسية في طليعة علاقات الصين مع الدول الغربية الكبرى، وتعمل الدولتان كعنصري استقرار مهمين في العلاقات الصينية الأوروبية المتقلبة بشكل متزايد، الأمر الذي يجلب مزيدا من الاستقرار واليقين إلى عالم مضطرب ويزيد من دفع التنمية العالمية.
وقد شهدت الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين والاتحاد الأوروبي نتائج مثمرة على مدى السنوات الـ20 الماضية. وحققت الصين والاتحاد الأوروبي، بوصفهما قوتين رئيسيتين تنهضان بالتعددية وسوقين رئيسيتين تدعمان العولمة وحضارتين كبيرتين تناصران التنوع، تعاونا ملحوظا في شتى المجالات، وهو ما أفاد كثيرا مواطني الجانبين وقدم مساهمات إيجابية لتحقيق السلام والاستقرار والرخاء في العالم.
إن وجود علاقات مستقرة بين الصين والاتحاد الأوروبي أمر يصب في مصلحة العالم. فخدمة قطارات الشحن بين الصين وأوروبا، التي تربط بين 219 مدينة في 25 دولة أوروبية، أنشأت شريان حياة آمنا وفعالا للسلاسل الصناعية وسلاسل الإمداد العالمية، وتلعب دورا فريدا في أزمة الشحن البحري بالبحر الأحمر؛ أما سياسة الإعفاء من التأشيرة التي تنتهجها الصين تجاه العديد من الدول الأوروبية فتزيد من تيسير التبادلات بين الأفراد والتجارة؛ وبالنسبة لمشاريع التعاون الرئيسية التي أقيمت في إطار مبادرة الحزام والطريق، مثل خط سكة حديد بلغراد-بودابست، وميناء بيرايوس في اليونان، وجسر بيليساك في كرواتيا، فمستمرة في إفادة الناس على طول الطريق.
وعلاوة على ذلك، تتمسك الشركات الصينية والأوروبية بتفاؤلها إزاء أسواق بعضهما البعض، حيث أظهرت الإحصاءات أن حجم الاستثمارات الثنائية الاتجاه قد تجاوز 250 مليار دولار أمريكي.
ويعمل ازدهار التجارة في جوهره على تحقيق التكامل بين الجانبين ويعود بالفائدة عليهما. فقد ساهمت الأجهزة المنزلية الأوروبية المتطورة في تحسين مستويات معيشة المواطنين الصينيين، وعملت السيارات الكهربائية الصينية الصنع على تسريع التحول الأخضر والرقمي في أوروبا. وإن سعي الصين إلى تحقيق النمو الاقتصادي القائم على الابتكار في القطاعات المتقدمة من شأنه أن يطلق العنان للمزيد من إمكانات التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وهناك العديد من الأدلة التي تؤكد أن الصين وأوروبا شريكتان وليستا خصمتين؛ وأنهما توفران فرصا لبعضهما البعض، ولا تشكلان تهديدا للآخر؛ وأن مصالحهما المشتركة تفوق بكثير خلافاتهما.
إنهما قوتان بالغتا الأهمية في تشكيل ملامح المشهد العالمي المستقبلي: فهما تعارضان انزلاق العالم إلى حرب باردة جديدة تنطوي على المواجهة بين التكتلات؛ كما أنهما من أشد أنصار التعددية. ونظرا لكون العالم غارق في عجز صارخ في الحوكمة، فإن التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي ضروري لمواجهة التحديات العالمية التي يفرضها تغير المناخ، والانتشار النووي، والذكاء الاصطناعي، وذلك من بين أمور أخرى.
إن وجود علاقات سليمة بين الصين والاتحاد الأوروبي لا يعود بالفائدة على مواطني الجانبين فحسب، بل يمثل نموذجا للتعاون بين الدول في مختلف أنحاء العالم. كما يتحمل الجانبان مسؤوليات أكبر تجاه الحفاظ على انفتاح الاقتصاد العالمي في المستقبل. وعلى الرغم من أن قطار الشرق السريع تجاوز ريعان شبابه، إلا أن قطار الصين السريع يعد بفرص لا نهاية لها. وإن أوروبا والعالم الأوسع مرحب بهما على متنه.