مقالة خاصة: العراق يكافح للحد من عمالة الأطفال بعد عقود من الحروب والصراعات

مقالة خاصة: العراق يكافح للحد من عمالة الأطفال بعد عقود من الحروب والصراعات

2024-06-11 21:01:15|xhnews

بغداد 11 يونيو 2024 (شينخوا) "لم تتح لي الفرصة قط للذهاب إلى المدرسة، أتمنى أن أفعل ذلك، لكنني الابن الأكبر في عائلة مكونة من سبعة أفراد ويجب أن أعمل لرعايتهم"، بهذه الكلمات يروي صالح محمد صالح 12 عاما، الذي توفي والده قبل عدة سنوات بانفجار سيارة مفخخة في بغداد معاناته المستمرة.

ومع حلول اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال الذي يصادف 12 يونيو، تسعى الحكومة العراقية جاهدة للحد من انتشار عمالة الأطفال، حيث اضطرت آلاف الأسر الفقيرة إلى إرسال أطفالها للعمل، مما يعرضهم للأذى الجسدي والنفسي، كما هو الحال في أغلب الحالات، عمل شاق لا يتناسب مع أعمارهم ومن شأنه أن يؤثر سلبا على حياة الأطفال في المستقبل.

وقال صالح لوكالة أنباء ((شينخوا)) بينما كان يدفع عربة محملة بالبضائع التي اشتراها العملاء لتفريغها في شاحناتهم في سوق الجملة المزدحم بمنطقة الشورجة وسط بغداد، "أتمنى أن أذهب إلى المدرسة وأقضي بعض الوقت مع الأصدقاء".

ويتعين على صالح وشقيقه البالغ من العمر 10 سنوات مساعدة والدتهما في كسب لقمة العيش للأسرة، حيث يعيشون في منزل صغير في حي فقير بالقرب من ساحة الميدان وسط بغداد.

وتابع صالح "في بعض الأحيان، في يوم جيد، أكسب 20 ألف دينار عراقي (حوالي 15 دولارا أمريكيا) يوميا، وأحيانا يكون المكسب قليل جدا، اعتمادا على عدد حمولة العربات التي يستأجرونني لنقلها".

يعمل صالح ستة أيام في الأسبوع ما عدا يوم الجمعة لأن السوق مغلق، وعندما سئل عما يريد أن يكون في المستقبل، أجاب "لم أفكر في ذلك من قبل، وبالكاد أستطيع توفير الطعام لأسرتي".

وقصة صالح هي مجرد غيض من فيض في هذا البلد الذي مزقته الحرب.

في بغداد، حيث وصلت درجة الحرارة بالفعل إلى أكثر من 45 درجة، يقف سجاد إبراهيم البالغ من العمر 14 عاما في ورشة الحدادة التابعة لعمه، ويضرب بمطرقته بقوة على قضيب حديدي على السندان، ويكافح من أجل كسب عيشه لمساعدة والده المقعد.

وقال سجاد، الذي يكسب 10 آلاف دينار يوميا (حوالي 7 دولارات أمريكية)، ويعمل من الساعة 8:00 صباحا حتى 5:00 مساء، "أعمل لإعالة أسرتي لأن وضعنا المالي صعب".

وأوضح سجاد لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن "والدي لا يستطيع العمل بسبب المرض، لذلك أحتاج إلى إعالة أسرتي بالمصاريف اليومية"، مشيرا إلى أن والده يعاني من شلل جزئي بسبب كسور في بعض فقرات ظهره نتيجة تعرضه لحادث.

وعبر سجاد عن أمله بأن "يتمكن الأطفال في العراق من العيش بسلام وأمن حتى لا يضطروا إلى العمل عندما يكونون صغاراً".

ومن جانبه قال سرمد العبدلي، المسؤول في المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، لـ ((شينخوا)) إنه على الرغم من أن الحكومة اعتمدت العديد من التدابير والقوانين للحد من انتشار عمالة الأطفال في العراق، إلا أن العوامل التي تؤدي إلى عمالة الأطفال لا تزال موجودة.

وحذر من أن "بعض الأطفال يتركون في الشوارع لكسب لقمة عيشهم لأن عائلاتهم غير قادرة على إطعامهم، ويتعرضون للانجرار إلى تجارة المخدرات والعصابات الإجرامية والإرهاب".

وقالت الأمم المتحدة في يونيو 2023 إن "سنوات من الصراع والنزوح والانكماش الاقتصادي تركت العديد من الأطفال في العراق عرضة لعمالة الأطفال"، بحسب المسح العنقودي متعدد المؤشرات الذي دعمته اليونيسف عام 2018، والذي أشار إلى أن "5 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 سنة في العراق ينخرطون في عمالة الأطفال، وترتفع المعدلات بين الأطفال الذين يعيشون في الأسر ذات الدخل المنخفض والمناطق الريفية".

وبحسب العبدلي، فإن "العامل الأساسي لعمالة الأطفال حالياً هو العامل الاقتصادي، حيث لا تزال نسبة الفقر في البلاد مرتفعة".

وفي عام 2023، أعلنت وزارة التخطيط العراقية أن نسبة الفقر في البلاد وصلت إلى 25%.

الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، والذي دمر بنية الدولة العراقية، حطم أيضا النظام السياسي المحلي والاستقرار الاجتماعي وتسبب في اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة.

واعتبر المحامي محمد فهيم أن "الاحتلال الأمريكي أدى إلى نكبات في المجتمع العراقي، من بينها غياب سيادة القانون والدولة، مما دفع البعض إلى استغلال الأطفال والزج بهم في حقول العمل".

وأشار فهيم إلى أن "أطفال العراق دفعوا ثمنا باهظا، إذ فقدوا حقهم في التمتع بطفولة آمنة وسعيدة، فضلا عن التعليم وبدلا من ذلك، ترك الكثير منهم في الشوارع للعمل في سن مبكرة". 

الصور