(وسائط متعددة) تحليل إخباري: اغتيال هنية أكبر تحد تواجهه حماس منذ 20 عاما وقد يعطل محادثات وقف إطلاق النار
غزة 31 يوليو 2024 (شينخوا) رأى مراقبون فلسطينيون أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية أكبر تحد تواجهه الحركة منذ 20 عاما، وقد يعطل محادثات وقف إطلاق النار للوصول إلى صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل.
وأعلنت حماس في وقت مبكر اليوم (الأربعاء) في بيان اغتيال هنية (61 عاما) في العاصمة الإيرانية طهران، وهي واحدة من عمليات اغتيال عديدة نفذتها إسرائيل ضد قيادات الحركة خلال السنوات السابقة.
وقال البيان إن "هنية رئيس الحركة، قضى إثر غارة إسرائيلية غادرة على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد".
وامتنعت إسرائيل عن الإدلاء بأية تصريحات بشأن عملية الاغتيال.
-- أقوى ضربة لحماس منذ 2004
واعتبر الكاتب المقرب من الحركة إبراهيم المدهون اغتيال هنية أقوى ضربة توجه إلى حماس بعد مقتل مؤسسها الشيخ أحمد ياسين ونائبه عبد العزيز الرنتيسي باستهدافات إسرائيلية في عام 2004، وهو ما أدى إلى تصعيد غير مسبوق بين الجانبين.
وذكر المدهون لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن هنية من أهم الشخصيات المركزية التي قادت حماس سواء في غزة أو الخارج منذ عام 2017.
وقال إن اغتيال هنية من الضربات الصعبة والقاسية على الحركة، وهي بمثابة تعد صارخ على الأعراف الدولية والدبلوماسية، إذ أن الجيش الإسرائيلي ذهب بعيدا في ذلك باستهداف (هنية) أثناء استضافته من قبل إيران.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان إن التحقيقات في أبعاد الحادث وتفاصيله مستمرة من قبل الجهات والسلطات الإيرانية المعنية، مؤكدا أن "دماء هنية لن تضيع سدى".
وجاء اغتيال هنية بعد ساعات من شن غارة إسرائيلية على مبنى في ضاحية بيروت الجنوبية ليل أمس (الثلاثاء) استهدفت القائد في حزب الله اللبناني فؤاد شكر.
-- تداعيات اغتيال هنية
ورأى أستاذ العلوم السياسية من رام الله أحمد رفيق عوض أن حادثة اغتيال هنية من شأنها تعطيل مفاوضات وقف إطلاق النار للوصول إلى صفقة تبادل لفترة من الزمن.
إلى ذلك رجح عوض أن تؤدي عملية الاغتيال إلى اتساع رقعة الحرب الدائرة في قطاع غزة لتطال مناطق أخرى، ولا أحد يعرف إلى أين ستصل إقليميا.
وقال عوض لـ ((شينخوا)) إن إسرائيل تعرف عواقب ونتائج مثل هذه الأعمال، وهي أرادت ذلك لإضعاف وكسر وحدة الجبهات، معربا عن اعتقاده بأن اغتيال هنية سيدفع الجبهات المقاتلة إلى الرد إما بشكل جماعي أو تغيير الأسلوب الذي كان يُعمل به حتى اللحظة.
وجاء اغتيال هنية بعد أيام من عقد اجتماع الأحد الماضي في العاصمة الإيطالية روما، لبحث المقترح الإسرائيلي بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى.
وضم الاجتماع مديري وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز وجهاز الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن في نهاية مايو الماضي مقترحا لوقف إطلاق النار بين الطرفين من ثلاث مراحل تتضمن تبادل أسرى ووقف إطلاق نار وانسحاب إسرائيل وإعادة إعمار غزة.
وعلى مدار أشهر حاول الوسطاء من مصر وقطر وبمساعدة واشنطن التوصل إلى اتفاق ينهي النزاع المستمر منذ نحو تسعة أشهر في غزة، وإعادة الرهائن الإسرائيليين حيث تعتقد إسرائيل أن أكثر من 100 رهينة مازالوا محتجزين في غزة.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي يشن الجيش الإسرائيلي حربا واسعة النطاق ضد حركة حماس في قطاع غزة خلفت أكثر من 39 ألف قتيل حتى الآن، ردا على هجوم نفذته حماس على جنوب إسرائيل وأودى بحياة 1200 شخص.
-- السيناريوهات القادمة
واتفق الكاتب والمحلل السياسي من رام الله جهاد حرب مع عوض في أن اغتيال هنية قد يعطل مفاوضات وقف إطلاق النار.
وقال حرب "من المؤكد أن المفاوضات ستتعطل لحظيا أو زمنيا"، معربا عن اعتقاده بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أراد الوصول إلى هذا الأمر.
وأضاف حرب لـ ((شينخوا)) أن عملية الاغتيال شكلت صورة نصر لنتنياهو أمام الجمهور الإسرائيلي وأنه قادر على اتخاذ قرارات صعبة تستعيد جزءا من الردع الإسرائيلي على المستوى الخارجي.
وأوضح أنه مازال من المبكر التكهن باتساع رقعة الحرب، مشيرا إلى وجود سيناريوهات أخرى للرد على اغتيال هنية، كالقيام بعمليات مماثلة ضد إسرائيل أو من خلال رفع حدة المواجهة، بإطلاق صواريخ موجهة ومركزة من لبنان أو سوريا باتجاه بعض المدن الإسرائيلية.
ويتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر الماضي على خلفية الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، وسط مخاوف دولية من تصاعد المواجهات قد تجر المنطقة لحرب واسعة
-- خليفة هنية
وبشأن الخيارات المتاحة أمام حماس لاختيار زعيم جديد لها خلفا لهنية، أوضح عوض أن الحركة لن تتمكن من إجراء الانتخابات بسبب ظروف الوضع في الداخل والخارج، مشيرا إلى أنها قد تعمد إلى اختيار قائم بأعمال كبديل مؤقت يسير عمل الحركة "سريا" لحمايته من أية استهدافات إسرائيلية لحين إجراء انتخابات داخلية للحركة، والتي تجري كل أربع سنوات.
وأكد مصدر مطلع في حركة حماس لـ ((شينخوا)) أن نظام حركة حماس الداخلي يشير إلى أن لرئيس المكتب السياسي للحركة نوابا سريين، موضحا أن أحد النواب كان معلن عنه بشكل رسمي، وهو صالح العاروري الذي تم اغتياله في بيروت في لبنان في يناير الماضي، مستبعدا أن تجري الحركة انتخابات في الوقت الحالي بسبب ظروف الحرب.
وقال المصدر إن هناك عدة مرشحين يعتقد أن الحركة ستختار أحدهم لخلافة هنية من بينهم خالد مشعل الذي سبق أن شغل منصب رئيس المكتب السياسي لسنوات، وكان نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية في الأردن عام 1997 ويقيم حاليا في قطر، بالإضافة إلى يحيى السنوار رئيس حركة حماس في غزة والذي تتهمه إسرائيل بأنه المسؤول عن هجوم السابع من أكتوبر الماضي.
واستبعد المصدر أن يرشح السنوار نفسه بسبب الظروف المعقدة التي فرضتها الحرب.
وقال قيادي آخر في حركة حماس لـ ((شينخوا))، طالبا عدم ذكر اسمه، إن اغتيال هنية لن يؤثر على أداء الجناح العسكري للحركة (كتائب القسام) في الحرب الدائرة في قطاع غزة، إذ تقود قيادته العمليات ضد الجيش الإسرائيلي بشكل شبه مستقل وحسب الوضع الميداني.
وتابع أن "حماس ستواصل مسيرتها في القتال، وأيا كان من يخلف هنية فإنه سيسير على الطريق نفسه، والحركة لا تنحرف ولا تتأثر باغتيال أو قتل قائد فيها".
وأضاف أن "ما نعرفه في حماس أن إسرائيل ارتكبت جريمة كبيرة باغتيال هنية وأنها بالتأكيد ستدفع ثمن ذلك".■