تحليل إخباري: هل سيبقى منصب رئيس البرلمان العراقي شاغرا؟
بغداد 17 سبتمبر 2024 (شينخوا) رغم مرور أكثر من 10 أشهر على خلو منصب رئيس البرلمان العراقي بقرار من المحكمة الاتحادية العليا لا تزال الخلافات والانقسامات والبحث عن المصالح الحزبية هي سيدة الموقف ما أثار التساؤل حول بقاء كرسي رئيس البرلمان المخصص للسنة شاغرا لما تبقى من الدورة البرلمانية.
وقضت المحكمة الاتحادية العليا في 14 نوفمبر الماضي بإنهاء عضوية محمد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب العراقي من المجلس على خلفية ارتكاب مخالفات قانونية، ما أدى إلى خلو المنصب.
ومنذ ذلك التاريخ أخفق البرلمان خمس مرات في اختيار بديل للحلبوسي بسبب الانقسامات بين الكتل السنية نفسها على اختيار مرشح بديل، بالإضافة إلى الانقسامات بين الكتل الشيعية وهذا ما عكسته الجلسات المخصصة لانتخاب الرئيس الجديد للبرلمان.
وتنحصر المنافسة على رئاسة البرلمان بين سالم العيساوي من أهالي محافظة الأنبار ومرشح تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، ومحمود المشهداني من أهالي بغداد والذي يحظى بنوع من الدعم من قبل الحلبوسي وبعض الكتل الشيعية.
وحسب التقسيم الطائفي في العراق قسمت الرئاسات الثلاث بين فئات الشعب العراقي فذهبت رئاسة الحكومة للشيعة والجمهورية للأكراد والبرلمان للسنة.
وتتوزع أسباب تأخر انتخاب رئيس البرلمان بين الصراعات السنية - السنية، مقابل ثنائية الصراع الشيعي، وكل واحد منهما يعمل وفق مصالح شخصية وحزبية، وفقا لـ علي موسى الباحث في مركز الرفد للأعلام والدراسات الاستراتيجية.
ويرى موسى في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الرئيس السابق للبرلمان محمد الحلبوسي باعتباره رئيس حزب تقدم الذي يملك أكبر عدد بالبرلمان بالنسبة للكتل السنية، لا يرغب باختيار بديلا عنه لا يمتثل لأجندته، فيما يسعى الشيعة لتمديد فترة بقاء رئيس البرلمان بالإنابة محسن المندلاوي التابع له لما تبقى من عمر البرلمان.
وأيد المحلل السياسي صباح الشيخ ما ذهب اليه موسى قائلا "إن الحلبوسي لا يرغب أن يشغل شخص منصب رئيس للبرلمان من محافظة الأنبار، لأنه سوف يسحب البساط منه بالمحافظة ويتوسع على حسابه (الحلبوسي) لذلك قام بزيارات متعددة لخصومه السياسيين وقدم تنازلات حتى لا يتم انتخاب رئيس للبرلمان من الأنبار".
وأضاف الشيخ "أن انتخاب رئيس جديد سيكون له تأثيرات على نتائج الانتخابات المقبلة لذاك يسعى الحلبوسي أن يبقى الوضع الحالي حتى لا يخسر قسم من جمهوره في الانتخابات المقبلة، إذا ما انتخب رئيس جديد للبرلمان من محافظة الأنبار مسقط رأس الحلبوسي".
وتابع "بالنسبة للشيعة الوضع الحالي مفيد لهم فهم يشغلون أرفع منصب مخصص للسنة، وباستطاعتهم إقرار القوانين التي تخدمهم وخاصة قانون الانتخابات المقبلة" على حد قوله.
ورغم أن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي يرمي كرة التأخير في ملعب السنة الذين لم يتفقوا على مرشح واحد، لكن في الحقيقة أن الشيعة يتحملون أيضا مسؤولية تأخير انتخاب رئيس جديد كونهم الأغلبية في البرلمان، وفقا للمراقبين.
وقال الشيخ لـ ((شينخوا)) "إن الحلبوسي يناور لتأخير انتخاب بديلا عنه، فقد وافق مؤخرا على ترشيح زياد الجنابي المنشق عنه، حيث أنه (الحبلوسي) متأكد بأن فتح باب الترشيح من جديد يحتاج لتعديل النظام الداخلي للبرلمان وهذا ما يرفضه الإطار الشيعي".
بدوره يعتقد المحلل السياسي نجيب الجبوري أستاذ القانون بالجامعة العراقية استمرار الشد والجذب بقضية انتخاب رئيس البرلمان بين الكتل السياسية وسيبقى أرفع منصب مخصص للسنة يشغله الشيعة حتى انتهاء الدورة البرلمانية التي تنتهي بعد أشهر.
وقال الجبوري لـ ((شينخوا)) " في ظل الانقسامات بين الكتل السنية فيما بينها وبين الكتل الشيعية فيما بينها حول من سيجلس على كرسي رئيس البرلمان، اعتقد سيبقى الوضع على ما هو عليه حتى انتهاء الدورة الانتخابية السنة المقبلة"، مؤكدا أن الكتل السياسية مشغولة بالأزمات الداخلية والوضع غير المستقر في المنطقة بشكل عام.
وجرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العاشر من أكتوبر 2021 ونتيجة للخلافات السياسية لم يتمكن البرلمان من عقد جلسته الأولى بدورته الخامسة (الحالية) حتى التاسع من يناير عام 2022 والتي انتخب فيها الحلبوسي رئيسا له.
وأضاف الجبوري "ان حل قضية انتخاب رئيس البرلمان بسيطة لو توفرت الإرادة السياسية، وهي أن تعقد جلسة لانتخاب أحد المرشحين وترك الخيار للنواب أنفسهم وليس مثل ما يريد قادة الكتل السياسية".
وربط رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مؤخرا بين إنهاء أزمة انتخاب رئيس للبرلمان والتعديل الوزاري بحكومته عندما أكد في كلمة وجهها الأسبوع الماضي للعراقيين، أن حكومته تنتظر حسم قضية انتخاب رئيس البرلمان التي وصفها بالخطوة المهمة للتقدم إلى البرلمان لإقرار التعديل الوزاري المبني على تقييم أداء الوزراء.
ويحمل موسى مسؤولية ما يجري من إخفاقات لاختيار رئيس البرلمان العراقي للإدارة الأمريكية التي بنت العملية السياسية على أسس طائفية وقومية وغيبت المصلحة الوطنية للعراق.
وقال "لا يخفى على أحد أن ما يجري في العراق منذ عام 2003 هو نتيجة زرع الاحتلال الأمريكي منهج الطائفية والمحاصصة لإشاعة الفوضى الخلاقة وتعطيل نمو الحياة في العراق".