تحليل إخباري: واشنطن غير معنية بوقف الحرب في غزة لكنها حريصة على منع تمددها لحرب إقليمية
القاهرة 18 سبتمبر 2024 (شينخوا) وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن صباح اليوم (الأربعاء) إلى القاهرة، حيث بحث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي تعزيز الجهود المشتركة بين مصر والولايات المتحدة وقطر للمضي قدما في مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وخفض التصعيد الإقليمي، بحسب بيان للرئاسة المصرية.
وهذه الزيارة هي العاشرة لبلينكن إلى المنطقة منذ بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة قبل نحو عام، لكنها الأولى التي لا تشمل إسرائيل.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حماس في غزة تحت اسم "السيوف الحديدية" أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص ودمار كبير في المنازل والبنية التحتية، وذلك بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى"، أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي واحتجاز رهائن، وفق السلطات الإسرائيلية.
وقال المحلل السياسي الدكتور عبد المهدي مطاوع إن "هذه الزيارة هي العاشرة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للشرق الأوسط، ولن يزور فيها إسرائيل، لأن إسرائيل موقفها من صفقة التهدئة معروف، ولا يوجد أمر جديد، كما أنه لا يوجد ما تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية حاليا لعدة أسباب".
ومن بين هذه الأسباب، حسبما قال مطاوع وهو مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الولايات المتحدة الأمريكية دخلت فترة الدعاية للانتخابات الرئاسية، لذلك يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بكل ما لديه على نتائج الانتخابات لعل صديقه المرشح الرئاسي دونالد ترامب يفوز، وفي هذه الحالة يمكنه تنفيذ مخطط اليوم التالي للحرب حسب رؤيته.
وأضاف مطاوع أن نتنياهو يتعمد تعطيل صفقة التهدئة، ويستعد لتوسيع الحرب، وهذا واضح من الخطوات التي اتخذتها إسرائيل منذ أمس (الثلاثاء)، وهو أمر خطير جدا.
وتعرض لبنان أمس لهجوم سيبراني أدى إلى تفجير أجهزة تلقى الرسائل الـ(بيجر) في عدد من المناطق، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا، وإصابة ما بين 2750 و2800 آخرين، بحسب احصائية لوزارة الصحة اللبنانية.
وتوعد حزب الله اللبناني في بيان إسرائيل بـ "القصاص" وحملها مسؤولية هذا العدوان الإجرامي، ويتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر الماضي على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة.
وتابع الخبير السياسي أن الولايات المتحدة الأمريكية تتفق تماما مع إسرائيل في أهداف الحرب في غزة سواء الأهداف المعلنة أو الخفية، لذلك لم تمارس ضغوطا حقيقية تتعلق بوقف إطلاق النار.
وأردف أن "الإدارة الأمريكية لم تضغط على إسرائيل بشكل كاف، لأن عدم تحقيق إسرائيل لأهدافها في الحرب سوف تكون هزيمة للولايات المتحدة الأمريكية ومشروعها في المنطقة، خاصة أن إسرائيل جزء من المشروع الأمريكي" بالمنطقة.
واستطرد مطاوع قائلا "بل أن الولايات المتحدة الأمريكية شريك لإسرائيل في الحرب والقرارات، وما يعطي إسرائيل قوة في المنطقة هو حجم الدعم الأمريكي سواء على المستوى العسكري أو الاقتصادي، وهذا مصدر قوة إسرائيل".
واستدل على ذلك باستمرار الولايات المتحدة في إمداد إسرائيل بالسلاح والذخيرة طوال الحرب على غزة.
في حين رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية سعيد عكاشة أن هدف الولايات المتحدة ليس وقف إطلاق النار بشكل دائم في قطاع غزة بل منع تمدد الحرب وتحولها إلى حرب إقليمية.
وقال عكاشة لـ((شينخوا))، إن مفاوضات التهدئة في غزة تواجه معضلة عدم موافقة إسرائيل وحماس على الهدنة بالشروط المعروضة، لأن موافقة إسرائيل على وقف إطلاق نار شامل ستؤدي إلى إسقاط حكومة نتنياهو، وستكون بمثابة إعلان الهزيمة أمام حماس، التي ترفض وقف إطلاق نار مؤقت ودون ضمانات.
وعن أسباب عدم زيارة بلينكن لإسرائيل في جولته الحالية، أوضح الخبير المصري أنه "لا توجد مفاوضات حقيقية منذ شهر تقريبا، لكن دول الوساطة وهي مصر وقطر والولايات المتحدة تعقد مفاوضات بين الأطقم الفنية لأجهزة مخابراتها لتقديم اقتراح جديد لكن الموقف الإسرائيلي شبه ثابت".
وأشار إلى أن الهدف الرئيس للولايات المتحدة هو منع تحول الحرب في غزة إلى حرب إقليمية، وعندما تشعر واشنطن أنها قد تمتد لحرب إقليمية ترسل سفنها الحربية للمنطقة لردع إيران والجماعات المحسوبة عليها، وهي نجحت في ذلك حتى الآن.
بدوره، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن جولات بلينكن للشرق الأوسط لم تنجح في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس بسبب "انحياز الولايات المتحدة الأمريكية وبلينكن نفسه لإسرائيل".
وأوضح فهمي لـ((شينخوا)) أن "بلينكن نفسه كان يحضر مجلس الحرب الإسرائيلي قبل حله، وفي تقديري أن أمريكا شريك متواطئ (مع إسرائيل) بصورة كبيرة" في الحرب بقطاع غزة.
وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نجح بمهارة في تطويع الموقف الأمريكي بصورة أو بأخرى للوصول إلى 5 نوفمبر موعد الانتخابات الأمريكية المقبلة، دون أن يوقف الحرب في غزة، وأكد أن جولة بلينكن الحالية لن يكون لها أي تطور إيجابي في هذا السياق.