(وسائط متعددة) تقرير إخباري: العائدون إلى أم درمان السودانية يشتكون من القصف والجوع والأمراض

(وسائط متعددة) تقرير إخباري: العائدون إلى أم درمان السودانية يشتكون من القصف والجوع والأمراض

2024-09-24 21:58:15|xhnews
في الصورة الملتقطة بواسطة هاتف محمول يوم 17 أبريل 2024، متطوعون يصلحون مرافق إمداد بالكهرباء معطوبة في مدينة أم درمان السودانية. (شينخوا)

الخرطوم 24 سبتمبر 2024 (شينخوا) بينما كان الناس يتسوقون في سوق "صابرين" بمحلية كرري شمالي مدينة أم درمان السودانية، سقطت خمس قذائف لتحصد أرواح 15 مدنيا وأصيب ما يزيد علي 60 أخرين.

جاء الحادث الذي وقع أمس (الاثنين) ضمن سلسلة حوادث أمنية تشهدها مدينة أم درمان، علي الرغم من أنها ما تزال تمثل المدينة الأكثر أمنا نسبيا، مقارنة مع مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري.

ورغم تزايد أعداد العائدين إلى مدينة أم درمان السودانية، إلا أن القصف العشوائي الذي يطال المدينة من وقت لآخر ونقص الغذاء وانتشار الأمراض تهزم محاولات العائدين التعايش مع واقع الحال.

وقال محمود ساتي، وهو معلم عاد إلى المدينة من رحلة نزوح امتدّت لنحو عام بوسط السودان "هذا واقع حالنا الآن، نحاول أن نتعايش مع الوضع، ولكن نخشي أن نستسلم وأن نهرب مرة أخري".

وأضاف ساتي، في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الثلاثاء)، "ما حدث في سوق صابرين أمس شيء مأساوي للغاية، الناس هنا يموتون بسبب القصف العشوائي".

ودعا السلطات الحكومية إلى وضع تدابير أمنية لحماية العائدين إلى ام درمان، ومعالجة الخلل الأمني وتوفير الخدمات الضرورية لسكان المدينة.

وقال بجانب القصف العشوائي، هناك نقص كبير في الخدمات الضرورية، وخاصة خدمات المياه والكهرباء وعدم توفر العلاج مع الانتشار الكثيف للأمراض.

وأضاف "تنقصنا خدمات كثيرة، منها خدمات الصحة، أساسيات المعيشة، السلع الضرورية مثل اللحوم والألبان والخضروات، وهذه من المستلزمات الأساسية للحياة".

وغالبا ما تقصف قوات الدعم السريع محلية كرري شمالي مدينة أم درمان انطلاقا من مناطق تمركزها في مدينة الخرطوم بحري.

وتعد محلية كرري المنطقة الوحيدة في أم درمان التي ماتزال مأهولة بالسكان وخاضعة بصورة كلية لسيطرة الجيش السوداني.

ويتواجد في محلية كرري عدد من القواعد العسكرية التابعة للجيش، منها منطقة وادي سيدنا التي تضم مطارا عسكريا تنطلق منه معظم الطائرات الحربية التي تقصف تمركزات الدعم السريع في مدن الخرطوم الثلاث، بجانب مقر الكلية الحربية وقيادة الفرقة التاسعة المحمولة جوا ومعسكر القوات الخاصة.

في الصورة الملتقطة بهاتف جوال يوم 13 مارس 2024، سوق أم درمان الكبير في السودان. (شينخوا)

انتشار الأمراض عائق آخر

نتيجة هطول الأمطار الغزيرة وعدم فتح مجاري تصريف المياه، وغياب الجهد الحكومي في مجالات مكافحة نواقل الأمراض، تنتشر بمدينة ام درمان، كحال غيرها من مدن سودانية عدة، أمراض أبرزها الكوليرا والملاريا وحمي الضنك والتهابات العيون.

وقال المواطن سعيد الزبير (49 عاما) "هناك احتياجات هائلة في مجالات الصحة، والوضع الصحي بالغ السوء".

وأضاف الزبير لـ((شينخوا)) "هناك انتشار كثيف للأمراض، ولا يتوفر العلاج اللازم وهناك نقص كبير في الأدوية الأساسية، ولا تتوفر مستشفيات قريبة، وحتي المتوفرة منها تعرضت للقصف والنهب".

ودعا السلطات الحكومية بمدينة ام درمان إلى ابتدار حملة لإصحاح البيئة ومكافحة البعوض والذباب.

وقال "لابد من مثل هذه الحملات لأن تردي البيئة عامل مساعد علي الإنتشار الكثيف للأمراض، الناس يموتون بسبب الأمراض وعدم توفر العلاج المطلوب".

ووفقا لآخر إحصائية لوزارة الصحة السودانية فإن عدد الإصابات بمرض الكوليرا في 10 ولايات سودانية، بلغت 12896 إصابة، منها 388 حالة وفاة.


نازحون يتجمعون للحصول على وجبات إفطار مجانية في أحد أحياء مدينة أم درمان بالسودان، في أول أغسطس عام 2024.  (شينخوا)

الجوع ونقص الغذاء وارتفاع الاسعار

ويعاني سكان مدينة ام درمان من ارتفاع أسعار المواد الغذائية مع فقدان سبل الدخل وقلة الموارد المالية.

وقال المواطن سعدان عمر "لا تتوفر محلات لبيع المواد الغذائية وهناك شح كبير في السلع، وارتفاع الأسعار للمتوفر منها".

وأضاف عمر لـ((شينخوا)) "مع ظروف الحرب لا تتوفر فرص للعمل، ولا تتوفر موارد مالية للمواطنين، غالبية الناس يعيشون علي اعانات تصلهم من ذويهم وأقاربهم بالخارج".

وأبان أن الجهد الطوعي الأهلي في إطار (تكايا) الطعام تشكل مصدر الإمداد الأول لتوفير الغذاء لسكان مدينة ام درمان.

وتبذل السلطات الحكومية بمدينة ام درمان جهودا كبيرة لتوفير متطلبات المواطنين ولاسيما فيما يتصل بتوفير الطعام، وتوفير الدعم اللازم للمبادرات المجتمعية.

وقال الوزير المكلف لوزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم صديق حسن فريني لـ((شينخوا)) "إن الهدف الأساسي للجهد الحكومي هو إعادة تطبيع الحياة بمدينة ام درمان".

وأضاف "هناك جهد رسمي وشعبي من أجل خلق إسناد متقدم لإعادة خدمات الكهرباء والمياه وإزالة مخلفات الحرب وفتح الطرقات ونظافة الاحياء، بجانب مبادرات إعادة الحياة للأسواق والمحال التجارية".

ووفقا للأمم المتحدة فأن المجاعة أصبحت متفشية الآن في مناطق من السودان الذي يعاني من نزاع مسلح، ومن المتوقع أن تستمر خلال الشهرين القادمين.

وقال التقرير الصادر بشأن الأمن الغذائي العالمي في أغسطس الماضي إن "النزاع المتصاعد عرقل بشدة الوصول الإنساني ودفع أجزاء من شمال دارفور إلى المجاعة، خاصة في مخيم زمزم للنازحين داخليا".

ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فإن نحو 25.6 مليون شخص (أكثر من نصف سكان السودان) في مرحلة الأزمة أو أسوأ من ذلك من انعدام الأمن الغذائي.

ومن بين هؤلاء يعاني 8.5 مليون شخص من مستويات طوارئ من الجوع، ونحو 755 ألف شخص على حافة المجاعة، في 10 ولايات بما في ذلك دارفور الكبرى (جميع ولايات دارفور الخمس)، وولايات جنوب وشمال كردفان والنيل الأزرق والجزيرة والخرطوم.

لكن الحكومة السودانية تنفي وجود مجاعة في البلاد، وتصف التقارير عن المجاعة بأنها مبالغ فيها.

صورة ملتقطة في 23 يوليو 2024 تظهر دمارا في مبنى تابع لمستشفى آسيا التخصصي في حي الشهداء في مدينة أم درمان بالسودان. (شينخوا)

مشاهد لدمار كبير طال مدينة ام درمان

أظهرت مقاطع فيديو لوكالة أنباء ((شينخوا)) مشاهد لدمار كبير طال المباني في أحياء محلية (ام درمان القديمة).

ورغم ما يبذله متطوعون من لجان المقاومة الشعبية في سبيل نظافة أحياء ام درمان القديمة والتي سيطر عليها الجيش السوداني في فبراير الماضي، إلا ان تلك الأحياء تبدو كمدينة اشباح.

وتبدو آثار المعارك التي دارت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بادية علي واجهات المنازل وجدرانها، بينما خلف القتال دمارا واسعا بالمنطقة.

وتعتبر مدينة أم درمان ثاني أكبر مدينة في السودان من حيث المساحة وعدد السكان، وتشكل الجزء الكبير من ولاية الخرطوم عاصمة البلاد وتقع على طول الضفة الغربية لكل من نهر النيل والنيل الأبيض قبالة مدينة الخرطوم ومدينة الخرطوم بحري، وهي مقسمة اداريا إلى ثلاث محليات هي كرري وأم بدة ومحلية أم درمان الكبري.

وكانت أم درمان مسرحا لمعارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وبسطت قوات الدعم السريع في بدايات الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023، سيطرتها علي معظم مناطق محليتي أم درمان الكبري وأم بدة، فيما حافظ الجيش السوداني على غالب مناطق محلية كرري التي يوجد بها أكبر قواعد الجيش وهى قاعدة وادي سيدنا.

ومنذ مارس الماضي، مالت الكفة العسكرية لصالح الجيش السوداني الذي تمكن من استعادة السيطرة علي كل محلية أم درمان الكبري، والتي يسميها البعض أم درمان القديمة، فيما يقاتل الجيش من أجل استرداد مناطق ما تزال تحت سيطرة الدعم السريع في محلية "أم بدة" بغرب ام درمان.

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلفت نحو 13 ألفا و100 قتيل، حسب الأمم المتحدة، وتسببت في نزوح نحو 7.9 مليون شخص في السودان ولجوء نحو 2.1 مليون شخص إلى دول الجوار.

الصور