مقالة خاصة: قطع جبن في مقابر مومياوات أثرية تكشف أسرار التخمير القديم بشمال غربي الصين

مقالة خاصة: قطع جبن في مقابر مومياوات أثرية تكشف أسرار التخمير القديم بشمال غربي الصين

2024-09-29 14:48:45|xhnews

بكين 29 سبتمبر 2024 (شينخوا) استحوذت مومياوات عمرها 3500 عام اكتشفت قبل عقدين في منطقة شينجيانغ على اهتمام عالمي هذا الأسبوع بعد أن قام علماء بتحديد تسلسل الحمض النووي لثلاث عينات من الجبن عثر عليها في موقع دفن تلك المومياوات، ما كشف عن أسرار أقدم منتجات ألبان مخمرة معروفة في العالم.

وتقدم الدراسة، التي نشرت نتائجها مؤخرا في مجلة "الخلية"، صورة تعرض العينات التي ترجع إلى العصر البرونزي، حيث يصل حجم كل منها إلى ما يضاهي غطاء زجاجة. وقام العلماء باستخلاص الحمض النووي من البقايا القديمة للجبن وتحليله، مؤكدين على أنها تنتمي إلى جبن الكفير، نوع من الجبن لا يزال ينتج ويستهلك على نطاق واسع اليوم. وتم صنع الجبن القديم عن طريق تخمير حليب البقر والماعز باستخدام حبوب الكفير، التي تحتوي على ميكروبات تخميرية مثل بكتيريا حمض اللاكتيك والخميرة.

وقد حظيت الدراسة بإشادة واسعة من قبل الأوساط العلمية الدولية باعتبارها إنجازا غير مسبوق، مع إشادات الخبراء بأنها تفتح "آفاقا جديدة لدراسات عينات الحمض النووي القديمة".

وقالت فو تشياو مي، الباحثة الكبيرة والعالمة الدولية الشهيرة من معهد علم الحفريات الفقارية وعلم الإنسان القديم التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، إن "الدراسة أتاحت لنا مراقبة كيفية تطور الميكروبات التخميرية خلال الأعوام الـ3000 الماضية".

ويضم فريق البحث أيضا علماء آثار من منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم وخبراء في مجال الطب التناسلي من بكين.

وظلت فو شغوفة بعلم الوراثة القديمة وخاصة فيما يتعلق باستكشاف أصول وتطور الإنسان من خلال الحمض النووي القديم، حتى أطلق عليها زملاؤها لقب "محققة الحمض النووي".

وقالت فو إن أبحاث الجبن امتدت على مدى 11 عاما، بينما يكمن نجاحها في مجسات الحمض النووي ذاتية التصميم، والتي يمكن أن تزيد بشكل كبير نسبة الحمض النووي المستهدف، بكتيريا حمض اللاكتيك، من أقل من واحد في المائة إلى 80 في المائة، كحد أقصى، من إجمالي الحمض النووي، مما يمكن من إعادة البناء الكامل لجينوم الميكروبات.

وتلعب الأطعمة المخمرة دورا حيويا في الحياة الحديثة للإنسان، ومع ذلك كانت هناك أبحاث محدودة حول تطور الميكروبات المخمرة بسبب ندرة المواد المحفوظة والتحديات المرتبطة باستخلاص الحمض النووي.

ووفقا لأحد التعليقات على الدراسة من قبل باحثين نظراء، فإن تسلسل الجينوم يتسم بأهمية بالغة لأنه يمثل "الأول من عينة أثرية"، ما يوفر رؤى قيمة إزاء الهجرة والتبادل عبر السهوب الأوراسية الوسطى وتاريخ التخمير الغذائي، ويقدم مساهمة كبيرة في فهم النظام الغذائي لأسلافنا وثقافتهم.

كما يتحدى هذا الاكتشاف الاعتقاد المقبول على نطاق واسع بأن جبن الكفير انتشر من شمالي القوقاز إلى أوروبا ومناطق أخرى، مما يشير إلى طريق جديد إضافي من شينجيانغ إلى داخل شرقي آسيا.

وقال يانغ يي مين، المؤلف المراسل المشارك للدراسة والأستاذ بجامعة الأكاديمية الصينية للعلوم، إنه "من المثير أن نرى كم المعلومات التي يمكن استرجاعها من هذا الجبن"، مضيفا "إنه مثل فتح نافذة لفهم سلوكيات وثقافة الإنسان القديم التي لم تدونها السجلات التاريخية".

وفي عام 2003، تم اكتشاف عدة مومياوات في قبر بصحراء تاكليماكان، ولكن أشهر تلك المومياوات يعود لسيدة يطلق عليها اسم "أميرة شياو خه". وعلى الرغم من دفنها قبل أكثر من 3500 سنة، إلا أن جسدها ظل محفوظا بشكل جيد مع إمكانية رؤية شعرها ورموشها الدقيقة بوضوح. كما أن بعض ملامح وجهها، مثل عظام الخد العالية، تشبه ملامح الغربيين، مما يدفع كثيرين للتساؤل عما إذا كان أسلاف سكان شينجيانغ الأوائل مهاجرين.

ولم يكتشف العلماء بعد أسباب العثور على الجبن بين بقايا المومياوات. ومع ذلك، فقد كشفت دراسات سابقة عن وجود الأرز والدخن والأعشاب والجبن في مقابر المومياوات القديمة، مما يشير إلى أن الجبن لعب دورا مهما في حياة الناس خلال العصر البرونزي.

وقالت فو إن "هذه مجرد البداية، ومن خلال استخدام المجسات الجينية، نأمل في استكشاف المزيد من الميكروبات القديمة من البقايا البشرية والتحف". 

الصور