(وسائط متعددة) رأي ضيف: التحولات الصينية تلهم التنمية العالمية
مشاركون يتنافسون خلال سباق رأس سباق نهر شانغهاي 2024 في مدينة شانغهاي، شرق الصين، في 28 سبتمبر 2024. (شينخوا)
بقلم: رانيا أبو الخير
في أول أكتوبر، تحتفل جمهورية الصين الشعبية باليوبيل الماسي بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيسها. وعلى مدار الـ75 عاما، شهدت الصين العديد من التحولات الكبرى لتصبح نموذجا رائدا للتنمية في مختلف المجالات، فقد تقدمت الصين من واحدة من أفقر دول العالم إلى دولة صناعية وتجارية كبرى لتشغل ثاني أكبر اقتصاد عالمي.
والحقيقة أن سر النجاح الصيني فيما تحقق يرجع إلى طبيعة نظامها السياسي الفريد القائم على ركيزة سياسية متمثلة في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، أعلى جهاز لسلطة الدولة، والذي احتفلت الصين هذا العام بمرور سبعة عقود على تأسيسه وانعقاد الدورة الأولى له في سبتمبر من العام 1954. واليوم، يلعب هذا المجلس دورا مهما في التفاعل مع عديد التحولات الكبرى التي تعيشها الصين وتلك التي يشهدها العالم، إذ يتمحور دوره في إصدار التشريعات المطلوبة في المجالات الناشئة من ناحية، وتطوير القائم منها لملائمة التطورات والمستجدات من ناحية أخرى.
في الوقت نفسه، يعد هذا النظام "نظاما سياسيا جديدا تماما نبت من الأراضي الصينية" واختراعا عظيما في تطور المؤسسات السياسية في تاريخ البشرية، كما أوضح الرئيس الصيني شي جين بينغ في احتفالية هذا العام بمناسبة تأسيس المجلس، إذ أكد على الحاجة إلى مواصلة تعزيز الثقة في مسار ونظرية ونظام وثقافة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في تطوير الديمقراطية الشعبية كاملة العملية.
وكما سبقت الإشارة، نجحت الصين في تحقيق طفرة تاريخية حقيقية في اقتصادها الوطني لتقود العالم في قطاعي التصنيع والتجارة، حيث ساهمت بأكثر من 30 في المائة في نمو الاقتصاد العالمي لسنوات متتالية.
وخلال زيارتي الأولى إلى الصين للمشاركة في اجتماعات بشأن مناقشة الخطط المنهجية التي وضعتها الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ20 للحزب الشيوعي الصيني والتي هدفت إلى مواصلة تعميق الإصلاح على نحو شامل والمضي قدما بالتحديث الصيني النمط نحو المستقبل، فقد اتجهت أنظاري إلى الجهود المضنية التي تبذلها الصين في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات للحفاظ على ما تحقق من إنجازات ونجاحات.
أشخاص يزورون سانفانغتشيشيانغ (الممرات الثلاثة والأزقة السبعة) التاريخية في فوتشو، بمقاطعة فوجيان، جنوب شرقي الصين، في 6 أكتوبر 2022. (شينخوا)
ولعل ما لفت الانتباه تلك الجهود التي تبذلها الصين للحفاظ على تراثها الثقافي الغني، مع السعي الحثيث لتحقيق التقدم التكنولوجي والاستدامة البيئية، فضلا عن جهود الشركات التقنية التي تعمل على تقديم حلول مستقبلية أكثر استدامة وفعالية، حيث أحرزت الصين إنجازات ملحوظة في التحول الأخضر والمنخفض الكربون، لتشغل المرتبة الأولى عالميا من حيث القدرات المركبة للطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة الكتلة الحيوية.
وقد تحقق كل ذلك في إطار الرؤية التنموية التي يحملها الحزب الشيوعي الصيني لوضع الصين في مكانتها الدولية والإقليمية التي تليق بحضارتها التاريخية وثقلها الاقتصادى واستقرارها السياسي، خاصة في ظل تلك الرؤية العالمية التي تحملها الدولة الصينية لتحقيق الأمن والاستقرار العالمي والتنمية للجميع، إذ تعد الصين شريكاً إستراتيجياً لأكثر من 120 دولة، والوجهة الثانية للاستثمار الأجنبي المباشر في العالم.
ولم تكتف الصين بما حققته لنفسها، لكنها تحولت في ضوء تلك الرؤية إلى بناء شراكة تنموية تحقق الرخاء للجميع من خلالها مبادرة الحزام والطريق ومبادراتها الأخرى على غرار مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية.
كما تبذل الصين بصفتها قوة مساهمة في السلام والاستقرار والتقدم بالعالم، جهودا حثيثة لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. وفي ضوء التزامها التاريخي بالسلام الدولي، والعلاقات القائمة على الاحترام المتبادل، واحترام سيادة الدول واستقلالية قراراتها، تتحمل الصين المزيد من المسؤوليات في تعزيز الاستقرار العالمي. وباعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن، ودولة مساهمة بقوة في جهود حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وراعية لمنع الصراعات، وحاضنة لبناء القدرات، تلعب الصين دورا أقوى بشكل متزايد في تعزيز الاستقرار العالمي.
ومن نافلة القول إنه على هامش الاحتفال الماسي للصين، جاء الاحتفال المصري الصيني بمرور عقد على توقيع البلدين اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بينهما، إذ نظم المنتدى العالمي للدراسات المستقبلية، الذي أتولى أمينه العام ندوة ناجحة بالتعاون مع السفارة الصينية بالقاهرة، للاحتفال بعقد من الشراكة بين الدولتين، اللتين شهدتا بفضل القيادة المشتركة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى والرئيس الصيني شي جين بينغ، تطورا مهما على مدار العشر سنوات الماضية، حيث أسهم الرئيسان في رسم الخطوط العريضة للمواءمة المعمقة بين الرؤية الصينية للتحديث والتطوير في إطار مبادرة الحزام والطريق ورؤية مصر 2030.
ملحوظة المحرر: رانيا أبو الخير هي الأمين العام للمنتدى العالمي للدراسات المستقبلية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتبة ولا تعكس بالضرورة مواقف وكالة أنباء ((شينخوا)).■