شي يدعو إلى الارتقاء بالتعاون العملي بين الصين وبيرو
ليما 14 نوفمبر 2024 (شينخوا) قال الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الخميس، إنه يتعين على الصين وبيرو أن تعملا على تحسين التعاون العملي وتطويره والارتقاء المستمر بشراكتهما الاستراتيجية الشاملة إلى مستويات جديدة، من أجل تحقيق منفعة أفضل لشعبي البلدين.
وخلال محادثاته مع رئيسة بيرو دينا بولوارتي، أشار شي إلى أن هذه هي زيارته الثالثة لبيرو والمرة الثالثة خلال عام واحد التي يلتقي فيها بولوارتي، مضيفا أن العديد من البيروفيين احتشدوا على جوانب الطرق ولوحوا بأيديهم لتحيته، ما جعله يشعر بمشاعر الود التي يكنها شعب بيرو تجاه الشعب الصيني.
وقال إن الصين وبيرو، وكلاهما حضارتان قديمتان، تتمتعان بحكمة ورؤية واسعة مستمدة من إرثهما التاريخي العريق، ما يسمح لهما برؤية اتجاه تطور التاريخ بوضوح، والتواؤم مع اتجاهات العصر، والالتزام دائما بالمساواة والاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والتعلم المتبادل، وهو ما جعل العلاقات بين الصين وبيرو نموذجا للتضامن والتعاون بين دول ذات أحجام وأنظمة وثقافات مختلفة.
وأشار شي إلى أنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الثنائية قبل 53 عاما، وخاصة منذ أول زيارة دولة يقوم بها إلى الدولة الواقعة في أمريكا اللاتينية عام 2016، شهد التعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين نموا سريعا بفضل الجهود المشتركة، ما جلب فوائد ملموسة لشعبي البلدين. وأكد أنه ينبغي على الجانبين استخلاص التجارب وتحسين وترقية التعاون العملي والارتقاء بالشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وبيرو إلى آفاق جديدة لتحقيق فوائد أفضل للشعبين.
ودعا شي الجانبين إلى مواءمة استراتيجيات التنمية بينهما، واستكشاف إمكانيات التعاون بعمق، وخلق نمط جديد من التعاون العملي، وتعزيز التجارة والاستثمار بالتوازي كـ"عجلتين" تدفعان البلدين قدما، ودفع الصناعات التقليدية والناشئة بالتوازي كـ"جناحين" يدفعانهما نحو الأعلى، وتعزيز تكامل سلاسل الصناعة والإمداد.
وأعرب عن استعداد الصين لزيادة توسيع استيراد المنتجات الزراعية المتخصصة عالية الجودة من بيرو بشكل أكبر، وتشجيع الشركات الصينية المؤهلة على الاستثمار في بيرو، وتقديم الإسهامات الواجبة للتنمية المحلية.
وأكد شي على أهمية تعزيز التعاون في المجالات التقليدية مثل المعادن والطاقة والبنية التحتية والنقل والاتصالات، مع توسيع التعاون أيضا في القطاعات الناشئة مثل الاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والشحن الأخضر، والمركبات الكهربائية، وصناعة الطاقة الكهروضوئية. وأوضح أن الصين على استعداد لتشجيع الشركات الصينية على المشاركة في بناء البنية التحتية في بيرو، وتعزيز "الارتباطية الصلبة" من خلال البنية التحتية و"الارتباطية الناعمة" من خلال الجمارك الذكية.
وقال شي إن الشركات الصينية تغلبت على الصعوبات وأكملت المرحلة الأولى من مشروع ميناء تشانكاي، ما يدل بشكل كامل على إصرار الصين على الانخراط في تعاون استراتيجي طويل الأجل مع بيرو، مؤكداً استعداد الصين للعمل مع بيرو للاستفادة الكاملة من ميزة موقع ميناء تشانكاي، وبناء ممر بري-بحري جديد بين الصين وأمريكا اللاتينية مع اتخاذ ميناء تشانكاي نقطة انطلاق له، واستكشاف سبل إنشاء هيكل ارتباطية شامل ومتنوع وفعال يمتد من المناطق الساحلية إلى المناطق الداخلية، ومن بيرو إلى الدول الأخرى في أمريكا اللاتينية، وذلك لتعزيز التنمية والتكامل الشاملين في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
وذكر شي أيضا أن الصين تدعم إقامة علاقات المدن الشقيقة بين مدينة سوتشو الصينية وتشانكاي، وهي على استعداد لتبادل الخبرات مع بيرو في مجال بناء المجمعات الصناعية، وتوسيع التعاون مع بيرو في مجالات مثل تجارة الخدمات العابرة للحدود والتجارة الإلكترونية، والاستفادة من تأثيرات التكتلات والتضافر لتحقيق مزيد من النتائج العملية بغية تعزيز الثقة في التعاون طويل الأمد القائم على الصداقة والمنفعة المتبادلة بين الجانبين.
وأعرب أيضا عن استعداد الصين لإقامة ورش لوبان وورش تعليم اللغة الصينية على الصعيد المحلي في بيرو بما يتماشى مع احتياجات التنمية هناك، وتنفيذ التعاون في مجال التعليم المهني لتوفير مواهب محلية وكذلك تقديم دعم فكري وتقني لبيرو.
وشدد شي على ضرورة تعزيز تبادل الخبرات في مجال الحوكمة بين الجانبين، وتعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة، ودعم المصالح الأساسية والشواغل الكبرى لكل منهما بثبات، وتعميق التعاون في مجالات مثل مكافحة الفساد والصيد غير القانوني.
وحث الجانبين على تحمل مسؤولية العصر فيما يخص التعلم المتبادل بين الحضارات، والدعوة إلى تعزيز الحوار الدولي بين الحضارات، واستكشاف سبل إنشاء شبكة عالمية للحوار والتعاون بين الحضارات.
وأكد شي ضرورة تعزيز الجانبين للتضافر بين السياسات الثقافية، وتعميق التبادلات والتعاون في مجالات الثقافة والفن والتعليم وحماية التراث الثقافي، معربا عن استعداد الصين لزيادة عدد المنح الدراسية المخصصة لبيرو، معربا عن أمله في أن يتعرف الشباب من كلا البلدين على بعضهم البعض وأن يمضوا قدما بالصداقة الصينية-البيروفية من جيل إلى جيل.
وفي معرض إشارته إلى أن اقتصادات منطقة آسيا-الباسيفيك متكاملة بشكل عميق، أوضح شي أن تعزيز التضامن والتعاون والحفاظ على الاستقرار والازدهار الإقليميين، يخدمان المصالح المشتركة لعائلة منطقة آسيا-الباسيفيك ودول الجنوب العالمي.
وقال شي إن الصين وبيرو تدعمان التعددية وتعارضان الحمائية، مضيفا أن الصين تدعم بشكل كامل عمل بيرو بصفتها الدولة المستضيفة للاجتماع الـ31 للقادة الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا-الباسيفيك (أبيك)، وهي على استعداد للعمل مع جميع الأطراف لضمان نجاح الاجتماع وتعزيز بناء مجتمع مصير مشترك لمنطقة آسيا-الباسيفيك.
وأعرب شي أيضا عن استعداد الصين لمواصلة تعزيز التواصل والتنسيق مع بيرو في إطار منتدى الصين-سيلاك (مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي) وتقديم إسهامات إيجابية في تنمية العلاقات بين الصين ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
من جانبها، رحبت بولوارتي بحرارة بزيارة شي، مشيرة إلى أن بيرو والصين حضارتان قديمتان، وأن عددا كبيرا من الصينيين بالخارج قدموا إسهامات إيجابية في البناء الوطني لبيرو عبر التاريخ، وأن شعبي البلدين يتمتعان بصداقة عميقة ويعتبران إخوة وأصدقاء ودودين.
وأشارت إلى أن الصين كانت لفترة طويلة أهم شريك تجاري لبيرو، وأن التعاون في مختلف المجالات حقق نتائج مثمرة، خاصة منذ أن نفذ الجانبان تعاون الحزام والطريق، وهو ما يوضح على نحو شامل الالتزام الراسخ من جانب البلدين بالسعي إلى التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة.
وقالت بولوارتي إن الجانبين وقعا خلال زيارة شي عددا من اتفاقيات التعاون الرئيسية، بما في ذلك بروتوكول بشأن رفع مستوى اتفاقية التجارة الحرة الثنائية بين البلدين، ما سيعزز بشكل فعال مزيد من تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية وكذلك التعاون في مختلف المجالات.
وأضافت أن افتتاح ميناء تشانكاي على وجه الخصوص يجعل "من تشانكاي إلى شانغهاي" واقعا ملموسا ويصبح جسرا مهما بين أمريكا اللاتينية وآسيا فضلاً عن كونه محركا رئيسيا للنمو الاقتصادي في بيرو، ما يعزز بشكل قوي الارتباطية والتجارة الأكثر كفاءة وملاءمة بين بيرو والدول الأخرى في أمريكا اللاتينية، وكذلك مع الصين وحتى آسيا بشكل عام، ويدفع نحو تحقيق تنمية مستدامة للدولتين والدول الإقليمية الأخرى.
ورحبت بيرو بمشاركة الشركات الصينية في الاستثمار لديها والإسهام في مشروعات التعاون في مجالات حيوية مثل البنية التحتية والموارد والطاقة والنقل.
وأكدت بولوارتي مجددا التزام بيرو الثابت بمبدأ صين واحدة، معربة عن استعدادها لتعزيز التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات، فضلا عن التبادلات الثقافية والشعبية والتعاون مع الصين، وتعزيز تبادل الشباب والكوادر.
وشكرت الرئيسة البيروفية الصين على دعمها المهم والقيّم لاستضافة بيرو لاجتماع القادة الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا-الباسيفيك (أبيك)، مشيرة إلى أن بيرو تلتزم بالتعددية وتتطلع إلى تعزيز التواصل والتنسيق مع الصين في إطار منتدى (أبيك) وغيرها من الأطر، بما يسهم في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية والازدهار طويل الأمد في منطقة آسيا-الباسيفيك.
وأوضحت بولوارتي أن زيارة شي ستصبح بلا شك علامة بارزة في العلاقات الثنائية، وستفتح فصلا جديدا في الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين بيرو والصين، وستمكّن شعبي البلدين من بناء مستقبل دائم وأكثر ازدهارا والاستمتاع به معا، وتعزيز بناء مجتمع مصير مشترك بين الدولتين.
وبعد المحادثات، شهد رئيسا الدولتين توقيع خطة لتعاون الحزام والطريق بين البلدين، والبروتوكول الخاص بترقية اتفاقية التجارة الحرة الثنائية، إضافة إلى تبادل عدد من وثائق التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتجارة، والاستثمار الصناعي، والمجمعات الصناعية، والتعليم، والتنمية الخضراء. كما أصدر الجانبان بيانا مشتركا بشأن تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما.
وحضر شي مأدبة عشاء ترحيبية أقامتها بولوارتي مساءً.
وشارك في الفعاليات تساي تشي ووانغ يي ومسؤولون صينيون آخرون.