مقالة خاصة: خبيران صينيان: وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يمهد لفترة من الهدوء النسبي في المنطقة
بكين 27 نوفمبر 2024 (شينخوا) دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني وإسرائيل حيز التنفيذ اليوم (الأربعاء) وسط آمال بأن يمهد الطريق لفترة من الهدوء النسبي في منطقة الشرق الأوسط، بحسب ما عبّر عنه خبيران صينيان مختصان بشؤون الشرق الأوسط في تصريحات لهما لوكالة أنباء ((شينخوا))، لكنهما شددا على أن تفاؤلهما مشوب بالحذر.
وينص الاتفاق على وقف القتال مبدئيا لمدة شهرين، مع سحب حزب الله لقواته إلى شمال نهر الليطاني، بينما تنسحب القوات الإسرائيلية إلى جانبها من الحدود، على أن تقوم لجنة دولية بقيادة الولايات المتحدة بمراقبة الالتزام بالاتفاق، بحسب تقارير إعلامية.
وأرجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبوله الاتفاق إلى ثلاثة أسباب رئيسية: الأول يتمثل في "التركيز على مواجهة التهديد الإيراني"؛ الثاني الحاجة إلى "إراحة القوات وتجديد مخزون الذخائر نتيجة لتأخر وصولها"؛ الثالث هو "فك الجبهات وعزل حماس" عبر إخراج حزب الله من المعادلة، ما يزيد من الضغط على الحركة وتحقيق ما وصفه بـ"المهمة المقدسة" المتمثلة في استعادة المختطفين.
وفي معرض تعليقه، يرى تشين تيان، نائب مدير معهد دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، أن إسرائيل نجحت بشكل أساسي في تحقيق هدفها المتمثل في تقويض قيادة حزب الله وبنيته التحتية في جنوب لبنان، مما يتيح لها التوقف مؤقتا، مشيرا إلى أن حزب الله عانى من انتكاسات كبيرة تجعله بحاجة إلى وقت ومساحة للتعافي وإعادة البناء.
وأضاف أن ذلك يأتي أيضا ضمن الجهود القوية التي تبذلها القوى الخارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا، حيث تسعى إدارة بايدن بشكل خاص إلى تحويل هذا الاتفاق إلى إنجاز دبلوماسي يعزز إرثها في السياسة الخارجية.
بدوره، وصف وي ليانغ، الباحث المشارك في معهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، الاتفاق بأنه "مؤقت نسبيا"، مشيرا إلى أن الاتفاق أتاح لإسرائيل التحكم بشكل كامل في قرار وقف إطلاق النار وتوقيته، إضافة إلى كثافة وشدة ضرباتها على لبنان في حال تجددها، وخاصة أن إسرائيل بحاجة أيضا إلى إصلاح قواتها وتجديد أسلحتها بعد أشهر من القتال.
كما أشار إلى أن التحولات المرتقبة في الإدارة الأمريكية تحت قيادة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب من المتوقع أن توفر لإسرائيل مزيدا من الدعم، الأمر الذي يجعلها تميل إلى الاستقرار المؤقت في الوقت الراهن.
وأضاف أن استهداف كبار قيادات حزب الله ألحق أضرارا جسيمة بالحزب وجعل استمرار القتال بالنسبة له أكثر صعوبة، لذا سيسمح الاتفاق لحزب الله بترتيب أوضاعه الداخلية على مستوى القيادة وتعزيز قدراته فيما يتعلق بالانتشار الميداني.
وحول مدى استدامة هذا الاتفاق، يرى تشين تيان أن هذا الأمر يبقى موضع شك كبير، خصوصا أن تجارب سابقة مثل قرار مجلس الأمن رقم 1701 بعد حرب 2006 لم تنفذ بشكل كامل، كما أن إسرائيل أكدت أيضا احتفاظها بـ"حق مهاجمة" حزب الله في أي وقت، وهو ما يعزز حالة عدم اليقين.
فيما اعتبر وي ليانغ أنه من غير الواضح مدى إمكانية استمرار الاتفاق لمدة 60 يوما، إذ أن الاتفاق عرضة للتعليق في حال وقوع أي هجوم من أحد الطرفين، حيث تصر إسرائيل على أنها ستتخذ تدابير عسكرية ردا على أي تحرك تراه خرقا للاتفاق، وهذا ما من شأنه أن يشعل فتيل الصراع من جديد.
ولفت إلى أن وجود حزب الله وأمن الشمال يشكلان مسألة ذات أهمية إستراتيجية قصوى بالنسبة لإسرائيل التي تسعى لتحقيق ترتيبات تضمن مصالحها الأمنية، وهو ما يوضح أن وقف إطلاق النار دائما ما يكون مجرد وسيلة لتحقيق نهاية مستدامة مرضية لها.
ورغم هذه التشابكات، يرى الخبيران أن الاتفاق قد يسهم في تهدئة حدة التوترات في الشرق الأوسط على المدى القصير، خصوصا مع توقف المواجهات في لبنان التي كانت ساحة المعركة الرئيسية خلال الشهرين الماضيين. لكن العلاقة بين هذا الاتفاق والصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن تكون واضحة، إذ يواجه الوضع هناك تعقيدات مختلفة تتعلق بقضية الرهائن وظروف حماس التي تجعلها غير مستعدة لقبول شروط وقف إطلاق النار التي فرضتها إسرائيل.
ختاما، أكد الخبيران أنه من المرجح أن تشهد المنطقة فترة من الهدوء النسبي قبل تولي إدارة ترامب مهامها، وهي فترة بوسع لبنان والمجتمع الدولي استغلالها لتنفيذ ما يمكن من عمليات الإغاثة الإنسانية.
ويبقى هذا الاتفاق خطوة أخرى على طريق خلق الظروف لاستعادة الهدوء الدائم في المنطقة لكن استدامته ونجاحه في تحقيق سلام طويل الأمد يبقى رهنا بالتطورات السياسية والميدانية المقبلة.