مقالة خاصة: عودة النازحين في لبنان إلى بيوتهم.. فرح بطعم الألم

مقالة خاصة: عودة النازحين في لبنان إلى بيوتهم.. فرح بطعم الألم

2024-11-28 07:01:15|xhnews

مرجعيون، جنوب لبنان 27 نوفمبر 2024 (شينخوا) مع اللحظات الأولى لبدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، لم ينتظر النازح جهاد نصر الله شروق الشمس كما آلاف النازحين الذين حملوا أمتعتهم وتوجهوا مسرعين بدافع الشوق إلى أرضهم التي تركوها على عجل.

وبلهجة الواثق بالعودة المظفرة إلى منزله في مدينة الخيام بجنوب لبنان، قال الأربعيني جهاد لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه "طيلة الليلة الفائته لم تغمض عيون النازحين بانتظار بزوغ الفجر، وعلى عجل ودّع بعضهم البعض وسط دموع فرح سخية مطلقين العنان لأبواق سياراتهم احتفاء بالعودة".

وضاقت الطرق الرئيسية والفرعية بحشود العائدين الذين بدت على وجوههم مشاعر جياشة تخلط ما بين البهجة بالرجوع بعد نزوح تجاوز العام للكثير منهم، وبين الحزن على خسارة جني العمر من منازل تهدمت وأخرى تضرر وفقدان أحبة سقطوا.

ووصف جهاد حركة العائدين بأنها كانت "كثيفة" على طول الطرق وعند مداخل المدن والقرى، ولم يحد من ازدحامها لا تساقط الأمطار الغزيرة في هذا اليوم ولا برودة طقس نوفمبر والذي بكر بثلجه هذا العام.

لكن ما نغص الفرحة على عدد من النازحين، بحسب جهاد، تحذير الجيش الإسرائيلي الذي منع بموجبه رجوع النازحين إلى البلدات التي ما يزال يتواجد فيها وخاصة قرى الحافة الأمامية المحاذية للخط الأزرق الحدودي الفاصل بين لبنان وإسرائيل.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل حيز التنفيذ فجر اليوم، ليضع حدا للمواجهات التي اندلعت بين الجانبين في 8 أكتوبر 2023 على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة.

وأصدر الجيش الإسرائيلي "بيانا عاجلا" إلى سكان جنوب لبنان بشأن عودتهم إلى قراهم بعد سريان الاتفاق.

وجاء في البيان الذي نشره المتحدث باسم الجيش للإعلام افيخاي ادرعي عبر منصة ((إكس)) "بيان عاجل إلى سكان جنوب لبنان: من أجل سلامتكم وأمن عائلتكم يحظر عليكم الانتقال جنوبا نحو القرى التي طالب جيش الدفاع بإخلائها أو نحو قوات جيش الدفاع في المنطقة. كل تحرك نحو هذه المناطق يعرضكم للخطر".

وأضاف البيان "نخبركم أنه ابتداء من الساعة الخامسة مساء (17:00) وحتى صباح غد في الساعة السابعة صباحا (07:00) يمنع بشكل مطلق الانتقال جنوبا من نهر الليطاني".

وتابع البيان "من يتواجد شمال نهر الليطاني ممنوع عليه الانتقال جنوبا. من يتواجد جنوب نهر الليطاني يجب عليه أن يبقى في مكانه".

وختم البيان "نذكركم أن جيش الدفاع لا يزال منتشرا في مواقعه في جنوب لبنان وفق بنود اتفاق وقف إطلاق النار حيث ستتعامل قواتنا مع كل تحرك ينتهك هذا الاتفاق وبحزم".

وفي بلدة كفر حمام شرق جنوب لبنان، تفقد العائدون منازلهم وقبل بعضهم الأرض لدى وصولهم، في حين لم يكثرت البعض لتهدم بيوتهم أو تضررها، حيث كانت أولويتهم التخلي عن النزوح والنجاة بأنفسهم من الحرب التي أوقعت الآلاف بين قتيل وجريح، بحسب الشاب حسان عبد الكريم.

وقال عبد الكريم إن "النزوح ظالم ومقلق ومهين، لذا فإننا نفضل خيمة فوق أنقاض منزلنا على قاعات المدارس التي كانت تؤوينا حيث ننام سويا ما بين 5 إلى 8 عائلات، لذلك عقدنا العزم على العودة حاملين ما قدم لنا من فرش وأغطية والتي كانت تعلو سقوف سياراتنا".

ومنذ ساعات الصباح الأولى، عمل الجيش اللبناني مستعينا بجرافات وشاحنات على ردم الحفر الكبيرة التي خلفتها الغارات الجوية الإسرائيلية على الطرق الرئيسية، والتي كانت تقطع التواصل بين البلدات، وخاصة تلك الموجودة في محور الهرماس والتي كانت تقفل الطريق الدولي بين البقاع والجنوب.

كما عمل الجيش اللبناني على تسهيل حركة المرور على حواجزه العسكرية تفاديا للازدحام، وانتشرت عناصر قوى الأمن الداخلي في الكثير من المحاور وتقاطع الطرق.

فيما تموضعت الفرق الطبية والإسعافية التابعة للصليب الأحمر اللبناني والهيئة الصحية الإسلامية عند مداخل المدن وفي المستديرات الرئيسية تحسبا لأي طارئ.

وفي مناطق شرق لبنان، سُجلت عودة نسبة كبيرة من النازحين إلى مدينة بعلبك وجوارها وإلى قرى البقاع الغربي وخاصة مشغرة وسجمر ويحمر وقليا، وهي قرى أصابها دمار هائل بفعل الغارات الجوية الإسرائيلية وسقط فيها 150 قتيلا وأكثر من 300 جريح خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفق الدفاع المدني اللبناني.

وغادر آلاف النازحين مدن زحلة وشتوره والقرى المحيطة بها قاصدين قراهم في محافظة بعلبك -الهرمل التي عرفت خلال الفترة الماضية عمليات تدمير نفذها سلاح الجو الإسرائيلي، آخرها فجر اليوم، وأدت إلى سقوط 12 قتيلا وعدد من الجرحى، بحسب الصليب الأحمر اللبناني.

وقالت النازحة فاطمة الأحمد من بلدة الوزاني "فرحنا كثيرا بوقف إطلاق النار، لكننا نحن أبناء قريتي الوزاني وعين عرب المتاخمة لنبع الوزاني شرق جنوب لبنان، لن نستطيع العودة بانتظار انسحاب القوات الإسرائيلية التي لا تزال تتمركز وسط منازلنا".

وأضافت فاطمة "سنبقى مع ماشيتنا من الغنم في سوق الخان ننتظر توجيهات الجيش اللبناني، والذي أبلغنا أنه سيحدد لنا موعدا للعودة في فترة قريبة محكومة بإنسحاب الجيش الإسرائيلي".

من جهته، قال رياض عيسى العائد إلى بلدته الهبارية بشرق جنوب لبنان إن "العودة ليست نهاية الألم ،بل بداية مرحلة جديدة من الصراع مع الواقع الجديد".

وأضاف أنه "سيكون على العائدين مواجهة تحديات إعادة بناء حياتهم من جديد، وسط ظروف إقتصادية صعبة وأزمات معيشية خانقة".

وتابع قائلا "سيحتاج العائدون لبناء منازلهم وإعادة زراعة أراضيهم واستعادة روح الحياة في قراهم، كل ذلك في ظل انعدام الموارد والإمكانات".

ودعا عيسى الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم بتقديم الدعم اللازم لإعادة إعمار الجنوب وضمان "صمود" سكانه في أرضهم.

وأكد "سيبقى العائدون يحملون ذكريات الحرب والتهجير، وستظل المشاهد التي رأوها محفورة في وجدانهم، فقدان الأحبة، وخسارة الممتلكات، ودمار القرى لن يمحى بسهولة، لكنه سيُضاف إلى سجل طويل من التحديات التي واجهها جنوب لبنان".

وكان الهدوء الحذر قد خيم على المناطق الحدودية بجنوب لبنان اليوم مع دخول وقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي حيز التنفيذ بدءا من الساعة الرابعة فجرا بالتوقيت المحلي، وفق مصادر أمنية لبنانية.

ومنذ بدء التصعيد بين حزب الله والجيش الإسرائيلي قبل أكثر من عام، سقط 3823 قتيلا وأصيب 15859 بجروح، وفق بيان رسمي لبناني صدر أمس (الثلاثاء). 

الصور