(وسائط متعددة) تقرير سنوي: سوريا تطوي العام 2024 بجملة من التطورات الدراماتيكية تفضي إلى إسقاط نظام الأسد وبلورة نظام جديد لم تتضح ملامحه

(وسائط متعددة) تقرير سنوي: سوريا تطوي العام 2024 بجملة من التطورات الدراماتيكية تفضي إلى إسقاط نظام الأسد وبلورة نظام جديد لم تتضح ملامحه

2024-12-25 22:41:15|xhnews

 

في الصورة الملتقطة يوم 9 ديسمبر 2024، تصاعد الدخان عقب غارات جوية إسرائيلية على العاصمة السورية دمشق.(شينخوا)
 

 

دمشق 25 ديسمبر 2024 (شينخوا) طوت سوريا العام 2024 بجملة من التطورات الدراماتيكية والأحداث المتسارعة، ولعل يوم 8 ديسمبر الجاري كانت نقطة تحول في مسار البلاد، والتي أفضت إلى إسقاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، بعد أكثر 24 عاما من الحكم، ليبقى هذا اليوم علامة فارقة في أذهان السوريين، الأمر الذي اعتبره المحللون السياسيون نقطة لبلورة نظام جديد بلاعبين إقليميين وغربيين جدد.

فسوريا قبل سقوط النظام السابق، لا تشبه سوريا بعده إذا شهدت دمشق نشاطا دبلوماسيا من الوفود العربية والأجنبية، وسارعت إلى فتح سفارتها في هذا البلد الذي انهكته الحرب طيلة 13 عاما، واليوم هذا الحراك الدبلوماسي الإقليمي والدولي  يهدف إلى الحفاظ على صيغة الاستقرار داخل سوريا.

وعلى مدار الأشهر التي سبقت سقوط نظام الأسد في سوريا كانت هناك جملة من الاحداث والتطورات ساهمت في الوصول إلى تلك اللحظة، ولعل العنوان الأبرز كان هو القصف الإسرائيلي المتواصل على مواقع للجيش السوري ومستودعات أسلحة تابعة للحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، والمتواصلة منذ سنوات، وتكثفت تلك الغارات الإسرائيلية في العام 2024، والتي ساهمت في إضعاف قدرات حزب الله، وكذلك استهداف مسؤولين بارزين في الحرس الإيراني في دمشق وخاصة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي، والتي لعبت دورا في تغير المشهد في المنطقة.

 

قصف إسرائيلي مكثف على سوريا .. وتدمير القدرة القتالية للجيش السوري   

منذ مطلع العام الحالي كثفت إسرائيل من غاراتها الجوية على سوريا، واستهدفت الكثير من المواقع العسكرية في معظم المحافظات السورية، ولا يكاد يخلو أسبوع إلا وتشن إسرائيل غارات على سوريا، تحت مزاعم وجود مستودعات أسلحة تابعة للحرس الثوري الإيراني، والتي تصل إلى حزب الله لاحقا، ولعل قصف السفارة الإيرانية بدمشق في إبريل الماضي من قبل اسرائيل، ومقتل 16 شخصا، من بينهم قائد كبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري العميد محمد رضا زاهدي وسبعة ضباط آخرين في الحرس الثوري الإيراني، ومقتل إسماعيل هنية القيادي في حركة المقاومة الإسلامية  الفلسطينية (حماس) في ايران، شكل نقطة تحول في الصراع بين إيران وإسرائيل.

حيث تبادل الطرفان غارات استهدفت مواقع استراتيجية في كلا البلدين، وسط مؤشرات عن نشوب حرب في المنطقة، لكن الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية عملت على اخماد الصراع وسط حرب من التصريحات الإعلامية من مسؤولي البلدين في إيران وإسرائيل.

وفي سبتمبر الماضي، وسعت إسرائيل عملياتها وقصفت الضاحية الجنوبية في لبنان، بالتزامن مع تكثيف الغارات الإسرائيلية على سوريا وهذه المرة استهدفت إسرائيل المعابر الشرعية وغير الشرعية التي تربط لبنان بسوريا، ودمرت الطرق والجسور في المدن السورية القريبة من الحدود مع لبنان بغية عدم وصول السلاح إلى حزب الله.

ولم تكتفي اسرائيل عند حد القصف الجوي الإسرائيلي للمواقع العسكرية السورية، وانما تزامن ذلك مع توغل بري ضمن الأراضي السورية في محافظتي القنيطرة وأجزاء من محافظة درعا المتاخمة لوادي اليرموك بريف درعا الجنوبي الغربي، الامر الذي شكل انتهاكا لاتفاقية فض الاشتباك عام 1974، ويهدد السيادة السورية. 

ورأى المحلل السياسي السوري محمد العمري أن التصعيد الإسرائيلي على المنطقة عموما وسوريا بشكل خاص ساهم في التغيير الذي حصل، مبينا أن حجم الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا منذ بداية العام 2024 حتى سقوط النظام كانت كبيرة وواسعة استهدفت كل المواقع العسكرية والصناعية والبحوث العلمية وتجمعات وإنتاج الأسلحة وغيرها.

وقال العمري لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن إسرائيل من خلال تصعيدها المتواصل والمكثف على فلسطين ولبنان وسوريا تهدف إلى تغيير ملامح الشرق الأوسط من خلال القوة العسكرية الصلبة  المباشرة أو من خلال القوة الناعمة من خلال اسقاط نظام الأسد.

وأشار إلى أن كل الاعتداءات التي كانت تجري في فلسطين ولبنان سوريا كانت بغطاء أمريكي، مؤكدا أن القصف الإسرائيلي كان في معظم الأحيان يستهدف أماكن سكنية في سوريا.

وفي السياق ذاته، اعتبر المحللون السياسيون في سوريا أيضا ان الضربات الجوية الإسرائيلية استمرت بعد سقوط النظام، بغية تدمير القدرة القتالية للوحدات العسكرية، وتأمين حماية لإسرائيل لسنوات طويلة.

وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي، في 12 ديسمبر الجاري الانتهاء من الجزء الأساسي من عمليات الجيش في سوريا، مشيرة إلى أنها دمرت من 70 % إلى 80 % من القدرات العسكرية لنظام بشار الأسد، في حين أكدت مصادر أمنية أن توغل إسرائيل العسكري في جنوب سوريا تجاوز المنطقة العازلة ووصل إلى نحو 25 كيلو مترا إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق.

وإلى ذلك، قال العميد المتقاعد هيثم حسون الخبير العسكري لـ((شينخوا)) إن "الضربات الإسرائيلية التي كانت تحدث قبل سقوط النظام كانت تهدف إلى قطع طرق الامداد بين لبنان وسوريا لمنع وصول الامدادات المتجهة إلى حزب الله ولكن الضربات التي حدثت بعد سقوط الأسد، كان واضحا أن الهدف منها هو تدمير القدرات القتالية للجيش السوري بشكل كامل وتدمير كل مقومات القوة للجيش".

في الصورة الملتقطة يوم 8 ديسمبر 2024، مقاتلون من المعارضة السورية في العاصمة السورية دمشق. (شينخوا)

 

اشتعال الجبهة في شمال سوريا وبدء التحرك نحو العاصمة وإعلان السيطرة عليها

ما أن دخلت هدنة وقف اطلاق النار بين إسرائيل ولبنان في أواخر نوفمبر الماضي، حتى سارع مقاتلو الفصائل السورية المسلحة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) في محافظة ادلب (شمال غرب سوريا) لإشعال جبهة القتال في حلب (شمال سوريا) وتمكنت تلك الفصائل من فتح ثغرة في الريف الغربي من حلب، وتمكنت من السيطرة على عدة قرى بحلب، ولم تمض عدة أيام حتى تمكنت تلك الفصائل من السيطرة على حلب كاملة، وسط ذهول السوريين لما حصل.

وفي 27 من نوفمبر الماضي، أعلنت الفصائل السورية المسلحة اطلاق "ردع العدوان"، وهي عملية عسكرية اطلقتها في شمال غربي سوريا، وقالت إنها تهدف إلى توجيه "ضربة استباقية لقوات النظام السوري"، وتعدّ أول اختراق لخطوط التماس بين الطرفين في محافظة إدلب منذ الاتفاق "التركي الروسي" لوقف إطلاق النار في مارس 2020.

واستطاعت الفصائل السورية المسلحة من الوصول في اليوم الثالث منها إلى تخوم مدينة حلب عاصمة الشمال السوري، والسيطرة على 400 كيلو متر مربع ضمن 56 بلدة وقرية في حلب وإدلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

واشتد القتال بين الجيش السوري وتلك الفصائل السورية المسلحة في محافظتي حماة وحمص وسط سوريا، وسط أنباء عن هجوم كبير تشنه تلك الفصائل للسيطرة على حماة وحمص، وبالتوازي، كانت وزارة الدفاع السورية تصدر بيانات تؤكد أن الجيش يتصدى للهجمات التي تشنها تلك الفصائل، وفي مرات أخرى كانت تقول إن الجيش يعيد تموضعه في عدة أماكن في ريف حماة وحمص، وأنه يقوم بإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة لمقاتلة تلك الفصائل المسلحة، وأن الطيران الحربي يشن غارات على مواقع المسلحين في حماة وحمص ومنع تقدمهم.

وفي هذه الأثناء، كانت القيادة العامة للجيش السوري تحذر من الإصغاء إلى الشائعات التي تتحدث عن تراجع الجيش، وانسحابه، في حين كانت مواقع الفصائل السورية المسلحة تؤكد تقدمها ودخولها إلى حماة وحمص.

وفي 5 ديسمبر، انسحب الجيش السوري من محافظة السويداء جنوب سوريا، وترك مواقعه العسكرية وخرجت المحافظة عن السيطرة، وكذلك محافظة درعا، لتلحقها بعض المناطق في ريف دمشق الشرقي والغربي والجنوبي والشمالي، حتى في ليلة السابع من ديسمبر أصدرت رئاسة الجمهورية في سوريا بيانا على موقعها الرسمي تؤكد أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يغادر البلاد، ومازال في دمشق يمارس مهامه الوطنية.

وفجر يوم الثامن من ديسمبر، استيقظ السوريون على سماع إعلان الفصائل السورية المسلحة سيطرتها على دمشق واسقاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد من خلال البيان الأول الذي أذيع عبر التلفزيون الرسمي السوري.

وأكد المحلل السياسي السوري حسام طالب أن ما حصل خلال 12 يوما في سوريا منذ بدء التصعيد العسكري للفصائل السورية المسلحة وسيطرتها على محافظة حلب بالكامل، التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا، ووصولهم إلى العاصمة السياسية دمشق، سببه ضعف الجيش السوري وعدم وجود حاضنة شعبية له خلال السنوات الماضية.

وقال طالب لـ((شينخوا)) إن "بشار الأسد والجيش السوري كان في حالة انهيار وتخبط"، مؤكدا أن الرئيس السابق لم يقم بأي انفتاح على الداخل السوري، وهذا ما دفع لاحقا أن يجد النظام نفسه بدون حاضنة شعبية لنرى الفصائل السورية المسلحة تدخل دمشق دون قتال، وتعلن انتصارها، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن البلاد بعد سقوط نظام الرئيس السابق ستكون في حالة انفتاح جديدة من قبل الدول الغربية والعربية، وهذا ما لمسناه أخيرا من زيارات لوفود غربية وعربية للتأكيد على أحقية المرحلة القادمة التي تضمن سوريا موحدة.

 

دعوات تركية لحل الأزمة السورية يقابله رفض سوري

أعلنت تركيا أكثر من مرة عن رغبتها في فتح قنوات اتصال مع الرئيس السوري السابق، بغية التوصل إلى حل سياسي للازمة السورية التي اندلعت في مارس 2011، إلا أن هذه الدعوات كانت تقابل بالرفض ومشروطة بالانسحاب التركي من الأراضي السورية أولا.

وفي 8 يوليو الماضي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه قد يدعو نظيره السوري بشار الأسد إلى تركيا "في أي وقت"، ما قد يشير إلى تحسن العلاقات بين البلدين بعد قطيعة لأكثر من 10 أعوام.

وفي 15 يوليو، أكد الأسد أن بلاده إيجابية تجاه أي مبادرة لتحسين العلاقة مع تركيا، وقال "إذا كان اللقاء مع الرئيس التركي يؤدي لنتائج يحقق مصلحة البلدين سأقوم باللقاء، ولكن المشكلة ليست في اللقاء إنما بمضمونه".

ورأى حسام طالب المحلل السياسي السوري أن كل الدعوات التي وجهها الرئيس التركي إلى الأسد كانت محاولة لحل الازمة السورية وفق القرار 2254 ، مؤكدا أن الرئيس السابق كان يرفض الدعوات.

وقال طالب لـ((شينخوا)) إن "الأسد كان يرفض القرار الاممي، وكان يرفض المحاولات الروسية لعقد لقاء بين الأسد و اردوغان، وكان يرفض الحوار مع الاتراك لانه على قاعدة القرار الاممي".

وأضاف إن " هذا الرفض المتكرر أدى إلى تحرك الفصائل السورية المسلحة باتجاه حلب ومن ثم حماة وحمص وصولا إلى دمشق وإعلان سقوط نظام الرئيس الأسد".


في الصورة الملتقطة يوم 21 ديسمبر 2024، علم دولة قطر فوق مبنى سفارتها في العاصمة السورية دمشق.(شينخوا)

 

حراك سياسي نشط ومرحلة انتقالية تعقبه حكومة جديدة

بعد أيام من سيطرت الفصائل السورية المسلحة على دمشق بدأت الوفود الدبلوماسية الأجنبية والعربية بالتوافد إلى العاصمة دمشق واللقاء مع أحمد الشرع قائد هيئة تحرير الشام والمعروف بأبو محمد الجولاني، للتباحث معه حول خطوات المرحلة الانتقالية، وصياغة دستور جديد للبلاد.

الولايات المتحدة الامريكية أرسلت وفدا رفيع المستوى يضم مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، والمبعوث الرئاسي لشؤون الرهائن روجر كارستينز، والمستشار الخاص دانيال روبنستين.

وبحث الوفد الأمريكي في دمشق مع الإدارة الجديدة في سوريا رفع العقوبات عن الشعب السوري ومن بينها قانون "قيصر"، وفقا لوسائل اعلام سورية.

وتتالت الوفود الغربية منها الفرنسية والبريطانية وتم رفع العلم الفرنسي على السفارة الفرنسية بدمشق، تبعها زيارة لوزير الخارجية التركي والقطري والأردني، بهدف بحث المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، مع التأكيد على المساعدة في إدارة شؤون البلاد في المرحلة القادمة.

وقال الشرع خلال لقائه مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في 22 ديسمبر "بحثت مع وزير الخارجية التركي تعزيز الحكومة المقبلة وحصر السلاح بيد الدولة"، مشيرا إلى أن تركيا أبدت مساعدتها لسوريا ، مضيفا "سنبني علاقات استراتيجية مع أنقرة تليق بمستقبل المنطقة".

في غضون ذلك تم تشكيل حكومة انتقالية برئاسة محمد البشير، تعمل لبداية شهر مارس القادم، وهي بمثابة حكومة تصريف أعمال ريثما يتم وضع دستور جديد للبلاد، تعقبها انتخابات برلمانية، ومن ثم انتخاب رئيس للبلاد، وتشكيل حكومة جديدة.

وقال محمد العمري المحلل السياسي السوري إن "المشهد في سوريا ما يزال ضبابيا، ونحن اليوم أمام نظام جديد قد يكون نظاما تعدديا في حال حصل توافق إقليمي ودولي على تكريس الاستقرار في سوريا، وهذا يتطلب توازنا للقوى وكذلك توزيع للأدوار وتوافق إقليمي ودولي، أو أن يكون هناك نظام احادي إن صح التعبير وهذا ربما سيقود إلى تدخلات وفوضى، وبالتالي نحن أمام مشهدين أما التقسيم أو الصراع على مستوى المحاور".

الصور