قصة مدينة حدودية صغيرة ذات مئة عام في الصين
بكين 22 يناير 2025 (شينخوانت) تثابر الصين على مواصلة تعزيز بناء الاقتصاد العالمي المفتوح، مما أتاح مساحات واسعة للتنمية، وحقق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك مع الدول الأخرى. وتعد المناطق الحدودية الخطَ الأمامي لانفتاح البلاد على الخارج، وهي نافذة هامة لعرض إنجازات بناء التحديث الصيني النمط، ولها مكانة إستراتيجية هامة في مسيرة الإصلاح والتنمية والاستقرار الوطني. وفي ظل التوجيهات التي تدعو إلى الانفتاح على الخارج بشكل أوسع وأعمق، أصبحت المدن الحدودية الصينية مفعمة بالحيوية. ومع اقتراب عيد الربيع الصيني التقليدي لعام 2025، نأخذكم في جولة بهذه المدن الحدودية الصغيرة لنتعرف على القصص التي تحدث هناك.
تقع مدينة سويفنخه في جنوب شرقي مقاطعة هيلونغجيانغ، وعلى الحدود مع منطقة بريمورسك الروسية في أقصى شرقي روسيا. وهي في قلب المنطقة الاقتصادية بشمال شرقي آسيا، حيث تبعد 460 كيلومترا عن هاربين غربا و190 كيلومترا عن فلاديفوستوك الروسية شرقا. وتعتبر مدينة سويفنخه أكبر ميناء بري في مقاطعة هيلونغجيانغ وثالث أكبر ميناء سكك حديدية على الحدود في الصين، وتُعرف باسم "القناة الذهبية" التي تربط شمال شرقي آسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، ويمنح الموقع الجغرافي الفريد هذه المدينة مزايا واضحة في التجارة الدولية.
وتتحدث الفتاة الروسية كاتيرينا كاجا التي تعيش في الصين منذ أكثر من عشر سنوات، اللغة الصينية بطلاقة، وبلهجة "شمال شرقي الصين" نسبيا. وفي عام 2008، جاءت كاجا إلى الصين لأول مرة مع والديها لحضور دورة الألعاب الأولمبية في بكين، وترك هذا البلد الذي يختلف تماما عن مسقط رأسها انطباعا عميقا في نفسها. وبفضل حب والديها للصين وتطلعهما إلى التنمية الصينية، زُرعت في قلبها بذرة الرغبة في تطوير حياتها بالصين. وفي عام 2010، درست كاجا اللغة الصينية كطالبة تبادل في جامعة لياونينغ، وبعد تخرجها، التحقت بشركة كبيرة للخشب في روسيا وأُرسلت للعمل في مدينة سويفنخه. وعلى مدار السنوات الماضية، تحولت كاجا من طالبة تتعلم اللغة الصينية إلى "خبيرة حقيقية" في الصين، وشهدت أيضا تطور سويفنخه وتغيراتها.
وقالت كاجا لمراسل وكالة أنباء شينخوا إنها في الماضي، وبسبب عدم اكتمال سلسلة توريد البضائع المحلية، كانت بحاجة للإشراف على عملية النقل بنفسها وأحيانا ترافق الشاحنات أثناء نقل البضائع. وفي تلك الفترة، لم تكن التجارة الإلكترونية منتشرة، وكان يتعين عليها التعامل مع العملاء نقدا. ولكن في الوقت الحاضر، تجري كاجا معظم تجارتها مع العملاء عبر الإنترنت. وأضافت أنه خلال أوقات الفراغ، دائما ما تقود السيارة إلى المنطقة الطبيعية في سد نهر سويفنخه. إذ وجدت أن المناظر الجذابة في سويفنخه شبيهة بمسقط رأسها الذي يقع بالقرب من بحيرة بايكال.
ومع تطور التجارة العابرة للحدود في سويفنخه، اكتشف المزيد من الأشخاص، مثل كاجا، بيئة الأعمال الجيدة والفرص الاقتصادية التي توفرها هذه المدينة.
وكان الشاب الصيني يانغ مينغ وزوجته الروسية نينا أجاتا يعملان في شنتشن وتيانجين وشانغهاي وغيرها من المدن الصينية، وقررا أخيرا الاستقرار في سويفنخه لبيع المنتجات الروسية. وبعد المجئ إلى سويفنخه في عام 2023، بدأوا في استخدام مقاطع الفيديو القصيرة والبث المباشر للتجارة. وساعدهما نمو التجارة الإلكترونية عبر الحدود في اكتساب عدد كبير من المتابعين والطلبات.
ويدرس الطالب الصيني تشانغ يون هاو اللغة الروسية في إحدى الجامعات الروسية. وبفضل تأثير عمل عائلته في التجارة العابرة للحدود بين الصين وروسيا، كان مهتما بالثقافة الروسية منذ صغره. وبعد تخرجه، عمل مرشدا سياحيا في مسقط رأسه سويفنخه. ومع اقتراب عيد الربيع لعام 2025، ستستقبل مدينة سويفنخه موجة من الازدهار السياحي. وقال للمراسل إنه بالإضافة إلى العديد من السياح المحليين الذين يختارون القدوم إلى سويفنخه للتزلج ومشاهدة الشفق القطبي، يأتي المزيد من السياح الروس إلى هنا لتجربة أجواء العام الصيني الجديد.
إن سويفنخه هي مدينة صغيرة يمكن قطعها بالسيارة في غضون عشرين دقيقة فقط. ومع ذلك، هي أيضا مدينة كبيرة. وفي الثلاثينيات من القرن الماضي، كانت تجمع رجال أعمال ودبلوماسيين من 18 دولة، بما فيها روسيا واليابان وكوريا الشمالية والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا وغيرها، وشهدت ازدهارا هائلا في التبادلات الثقافية والتجارية. واليوم، تضطلع سويفنخه بدور مهم في التجارة الدولية، حيث لا تنقص الأحلام والشجاعة والفرص في هذه المدينة الصغيرة الواقعة في شمال شرقي الصين.