تحقيق إخباري: أسواق دمشق تعج بالسلع الغذائية مع بداية شهر رمضان وسط مصاعب اقتصادية
دمشق أول مارس 2025 (شينخوا) مع بداية شهر رمضان، وفي سوق باب السريجة الاثري، القريب من مدينة دمشق القديمة، يبلغ الازدحام أشده، فالمارة ينتشرون في الأزقة الضيقة بالسوق بحثا عن سلعهم، بالتزامن مع تعالى أصوات الباعة التي تنادي على السلع المعروضة والمخصصة لشهر رمضان.
وعلى الرغم من الازدحام الملحوظ في تلك الأسواق وانتشار السلع بكثرة، إلا أن هذا الحركة الكثيفة لا تؤشر إلى بيع كبير، فما تزال المبيعات الحقيقية منخفضة لأن السوريين مازالوا يعانون من تبعات أزمة اقتصادية أرهقت كاهلهم منذ سنوات، بحسب قول بعض التجار.
وقال زياد السكري، وهو أحد التجار المحليين في دمشق، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "هناك ازدحام كثيف في الأسواق، هذا صحيح، ولكن لا يوجد شراء وبيع حقيقي"، مشيرًا إلى أن معظم المتسوقين يسألون فقط عن الأسعار بدلا من الشراء.
ولفت إلى أن السلع والمنتجات الغذائية كثيرة، مبينا أن الكثير من الناس يشترون فقط ما يلزم من السلع الضرورية.
من جانبها، رددت نعمة الشاكر، وهي سيدة مقيمة في دمشق، نفس المشاعر، مسلطة الضوء على ارتفاع أسعار السلع، مقارنة مع دخل المواطن القليل.
وقالت "الأسعار مرتفعة للغاية بالنظر إلى أجورنا، والمال ببساطة غير متوفر في البلاد".
بالنسبة للكثيرين، فإن ضغوط التباطؤ الاقتصادي ملموسة في البلاد، وقدر أحمد الحلاق، وهو متسوق آخر، أن الناس قادرة على التكيف الآن مع الوضع الحالي، ولكن هذا الوضع لن يستمر طويلا.
وقال "قد يتحمل الناس عدم استلامهم لرواتبهم، أربعة أو خمسة أشهر أخرى، ولكن بعد ذلك، سيكون الأمر صعبًا للغاية، نحن نقبل كل ما حدث، لكن الوضع الاقتصادي ليس جيدا، والناس منهكون ونفذت كل مقدراتهم".
بالنسبة للعديد من السوريين، يعد شهر رمضان طقسا تقليديا، يجتمع فيه الناس على الموائد وتقدم أصنافا مختلفة من الطعام والاكلات التراثية، إلا أن انقطاع رواتب الموظفين لاكثر من شهرين وتفشي البطالة، تُجبر الأسر على خفض الإنفاق.
وقال بائع في باب سريجة، فضل عدم الكشف عن اسمه، "الناس يسألون عن الأسعار، لكنهم لا يشترون كثيرًا".
وأشار إلى أن الناس مع خفض أسعار بعض السلع، إلا أنهم يشترون فقط الضروريات لشهر رمضان.
ويشير الباعة في الأسواق الشعبية في دمشق إلى أن المتسوقين يعطون الأولوية للمواد الأساسية، ويتجاهلون السلع الفاخرة التي كانت مألوفة في السابق، والتي خرجت عن موائد رمضان بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطنين السوريين.
وقالت سماح غبرة، وهي تتسوق في سوق باب السريجة، وهي موظفة حكومية "منذ أكثر من شهرين لم استلم راتبي، الذي يبلغ 300 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 23 دولارا أمريكيا تقريبا"، متسائلة كيف لي أن اشتري بهذا المبلغ كل ما احتاجه من سلع؟.
وتابعت تقول إن "أسعار الخضار انخفضت، وهذا جيد، ولكن لا يوجد نقود كي نشتري".
لقد غرقت سوريا في أزمة اقتصادية لأكثر من عقد من الزمان، وتفاقمت بسبب الحرب والعقوبات وتدهور البنية التحتية للبلاد.
في حين أثار انهيار حكومة الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي، الآمال في تخفيف الأزمة الاقتصادية، إلا أن الوضع ما يزال مأساويا مع انخفاض أسعار السلع الأساسية بشكل كبير في الأشهر الأخيرة ــ على سبيل المثال، انخفض سعر البطاطا من 9000 ليرة سورية (0.69 دولار أمريكي) للكيلو جرام إلى 4000 ليرة سورية، والسكر والرز انخفض قرابة الخمسين بالمائة، ولكن الكثير من الناس ما يزالون غير قادرين على تحمل تكاليف شراء الضروريات الأساسية.
ورغم بعض التخفيف من العقوبات الدولية، ما يزال الاقتصاد السوري مشلولا، فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 84 في المائة منذ العام 2011، مما دفع ما يقرب من 90 في المائة من السكان إلى ما دون خط الفقر، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، كما أدى التضخم المفرط، وانخفاض قيمة العملة، ونقص الوقود إلى تفاقم الأزمة.
ويظل انتاج الطاقة يشكل عقبة رئيسة، حيث تولد سوريا الآن 1500 ميغاواط فقط من الكهرباء ــ وهو أقل بكثير من 7000 ميغاواط اللازمة للطلب الأساسي. لقد انخفض إنتاج النفط، الذي كان يشكل في يوم من الأيام جزءًا حيويًا من الاقتصاد، إلى 5 % فقط من احتياجات البلاد بسبب فقدان حقول النفط الرئيسة.
وتعمل الحكومة المؤقتة في سوريا من أجل تخفيف العقوبات بشكل أكبر، بحجة أن التدابير التقييدية مثل قانون قيصر الأمريكي تعيق التعافي الاقتصادي المبكر للبلاد.








