(وسائط متعددة) مقالة خاصة: نازحون من الساحل السوري يبحثون عن الأمن في لبنان

(وسائط متعددة) مقالة خاصة: نازحون من الساحل السوري يبحثون عن الأمن في لبنان

2025-03-18 05:39:15|xhnews
في الصورة الملتقطة يوم 12 مارس 2025، مواطنون سوريون يخوضون نهراً على طول الحدود السورية-اللبنانية لدخول منطقة عكار شمالي لبنان. (شينخوا)

بعلبك، شرق لبنان 17 مارس 2025 (شينخوا) في شمال لبنان غصت قاعة عامة في بلدة الحيصة الحدودية مع سوريا، بعشرات العائلات السورية النازحة من منطقة الساحل السوري بعد رحلة شاقة بحثا عن الأمن لدى الجار اللبناني إثر أعمال عنف دامية ومواجهات عسكرية غربي سوريا.

وخلال رحلتهم التي استمرت لساعات سيرا على الأقدام، اجتاز النازحون القادمون من الساحل السوري، النهر الكبير الجنوبي الفاصل بين البلدين، حيث غاصت أرجلهم في مياهه وهم يحملون أغراضهم وأكياسا محشوة بملابس أو ربما مؤونة منزلية.

ورفعت نساء نازحات صغارهن فوق رؤوسهن، وتعلق آخرون مذعورون بأذيال ذويهم، في حين حمل رجل فوق ظهره عجوزًا ضعيفًا لا تقوى قدماه على اجتياز مياه النهر، وعيون الجميع شاخصة إلى الضفة اللبنانية ينشدون النجاة من أعمال العنف في بلداتهم.

وبعيد وصولهم توزع النازحون الجدد لدى أقاربهم وفي الجوامع والقاعات العامة والنوادي العائدة لعدة بلدات شمال وشرق لبنان، ومنها الحيصة وتل حميرة والمسعودية والريحانية والسمّاقية وغيرها، وفق جهات محلية لبنانية مسؤولة.

وفي الآونة الأخيرة، شهدت منطقة الساحل السوري أحداثا متلاحقة على وقع اشتباكات وأعمال عنف دامية بين قوات الأمن ومجموعات تصفها الإدارة الجديدة في البلاد بـ"فلول النظام السابق".

وأوقعت الاشتباكات التي بدأت في السادس من مارس الجاري نحو 1400 قتيل، غالبيتهم من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السابق بشار الأسد، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ومنذ إسقاط حكم بشار الأسد، في ديسمبر 2024، ينفذ الأمن العام السوري حملات أمنية ضد من يصفهم بـ"فلول النظام السابق" في عدة محافظات سورية.

وروى نازحون من الساحل السوري كيف نجوا بأعجوبة من أعمال العنف.

وقالت الخمسينية دلال مهنا خلال تواجدها في القاعة العامة في بلدة الحيصة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن مجموعة من المسلحين اقتحمت بلدة برزين في الساحل السوري، وبدأت بإطلاق النار بشكل عشوائي في كل اتجاه".

وأضافت المرأة الأم لثلاثة أطفال أصغرهم بعمر ثلاث سنوات "انبطحنا أرضا في غرفة النوم لأكثر من ساعتين، ونشكر الله أننا نجونا بأعجوبة من القتل المحتم بعدما أصيب منزلنا برشقات رشاشة خرقت النوافذ والأبواب وأحدثت ثقوبا في الجدران".

وتابعت "بعد هدوء الوضع بعض الشيء وانسحاب المسلحين انطلقنا حاملين ماخف وزنه مع عائلات مجاورة سيرا على الأقدام إلى لبنان في رحلة قاسية استمرت حوالي 7 ساعات، حيث شاهدنا في الطريق جثث ملقاة أرضا بين الصخور وتحت الأشجار".

وفي قاعة مسجد ببلدة الريحانية، وجدت فتاة الثلاثينية من بلدة جبلة السورية، ذات الغالبية العلوية التي بدأ منها التوتر في الساحل السوري في السادس من مارس، مأوى مع عائلتها المؤلفة من ستة أفراد.

في الصورة الملتقطة يوم 12 مارس 2025، مواطنون سوريون يخوضون نهراً على طول الحدود السورية-اللبنانية لدخول منطقة عكار شمالي لبنان. (شينخوا)

وقالت الفتاة التي رفضت ذكر اسمها "إن مسلحين هاجموا أحياء البلدة بشكل عام، وقتلوا عددا غير محدد من أبنائها، بينهم شقيقي وزوجته وولديه".

وتابعت "نسبة كبيرة من أبناء البلدة نزحت إلى لبنان، ومن بقوا لا نعرف مصيرهم، فهم في حالة يرثى لها ومحكوم عليهم البقاء في منازلهم، حيث بات التجول في هذه الظروف محكوما بالخطر".

وأضافت الفتاة "نأمل أن نجد الرعاية الكافية في لبنان، جميعنا من رعاة الماشية والفلاحين الفقراء، ولن نعود ثانية إلى بلداتنا في الساحل السوري إلا في ظل رعاية وحماية دولية موثوقة".

وكذلك يأمل رب العائلة السوري حامد أبو علي، وهو أحد النازحين من الساحل السوري إلى بلدة الريحانية، أن يلقى النازحون "معاملة حسنة" في لبنان المثقل بموجات النزوح السوري المتتالية منذ العام 2011.

وقال أبو علي لـ((شينخوا)) "مررنا بحالات رعب لا يتصورها عقل إنسان، حيث اجتاحت عشرات البلدات عناصر مسلحة في مواكب سيارة حملوا رشاسات ثقيلة وأطلقوا النيران بشكل كثيف وعشوائي على كل شيء يأتي في طريقهم".

وتابع بحزن "لا أريد التطرق إلى المشاهد والمجازر المؤلمة التي حصلت وطالت عائلات بأكملها ودمار وحرق منازل"، مضيفا "المهم أننا نجونا بأرواحنا".

وباتت موجة النازحين الجدد إلى شرق وشمال لبنان في تزايد يومي، وفق رئيس بلدية الحيصة شمال لبنان محمد الحسين.

وقال الحسين لـ((شينخوا)) مع تزايد النزوح "بتنا عاجزين عن استيعاب أعداد إضافية وغير قادرين على تأمين وتقديم كل ما يحتاجونه".

وأضاف "المساعدات المقدمة ضئيلة وغير كافية، لذا نناشد كل المنظمات المحلية والدولية الوقوف عند مسؤولياتها وتقديم المساعدات على وجه السرعة، خاصة وأن العدد غير الرسمي للنازحين وصل إلى حدود عشرة آلاف نازح".

في الصورة الملتقطة يوم 12 مارس 2025، مواطنون سوريون يخوضون نهراً على طول الحدود السورية-اللبنانية لدخول منطقة عكار شمالي لبنان. (شينخوا)

وبحسب محافظ عكار عماد لبكي، فقد خلفت الأزمة الأخيرة في الساحل السوري "نزوحاً كثيفاً" إلى منطقة عكار.

ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية عن لبكي قوله إنه طلب من رؤساء البلديات جداول بالأشخاص المتواجدين في مناطقهم سواء أكانت إسمية أم عددية، كما طلب المساعدة  من جمعيات عدة محلية ودولية بدأت بتوزيع فرش وبطانيات وطعام ومواد تنظيف.

وتشير الإحصاءات الأولية وفق السلطات المحلية اللبنانية إلى وصول حوالي 1,336 أسرة سورية يبلغ عدد أفرادها حوالي 6078 شخصا، بينهم 40 أسرة لبنانية كانت تقيم في سوريا إلى لبنان هرباً من القتال الدائر في مناطق الساحل السوري خلال الأيام السابقة، وفق الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان ليزا أبو خالد.

وقالت أبو خالد لـ((شينخوا)) إن النازحين السوريين "توزعوا في نحو 12 قرية شرق وشمال لبنان".

وأضافت أنه "بطلب من الحكومة اللبنانية يعمل المجتمع الإنساني، بما في ذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي، واليونيسيف، والصليب الأحمر اللبناني على توفير المساعدات الأساسية الفورية لهذه المجموعات".

وتابعت "أن التقديمات على شكل مأكولات جاهزة ومستلزمات للنظافة الصحية ومواد أساسية، بما في ذلك البطانيات والفرش، في حين لا تزال السلطات اللبنانية تتحقق من وصول المزيد من الوافدين إلى لبنان."

وأوضحت ابوخالد "أنه منذ بضعة أسابيع فقط تنفذ المفوضية مبادرات ملموسة لدعم الحكومة اللبنانية في مساعدة اللاجئين الذين هم على استعداد للعودة، مع الاستمرار في دعم أولئك الذين يختارون الانتظار وتقييم الوضع والذين لا يزالون بحاجة إلى المساعدة في الوقت نفسه".

ولجأت الأربعينة السورية جنان الخويري إلى منزل صديق في بلدة الحيصة بعدما خسرت العديد من أقاربها في مواجهات الساحل السوري.

وقالت الخويري "أشكر الله أني نجوت مع عائلتي المؤلفة من خمسة أفراد، وهربنا على عجل إلى لبنان في رحلة صعبة وشاقة".

وتابعت "كان من المستحيل علينا البقاء في بلداتنا الساحلية، حيث الأوضاع خطرة ومعقدة وغير آمنة".

الصور