(صوت الجنوب) رؤية شرق أوسطية: مفاوضات مسقط "اختبار" لجدية واشنطن في "حل عادل" لملف إيران النووي

(صوت الجنوب) رؤية شرق أوسطية: مفاوضات مسقط "اختبار" لجدية واشنطن في "حل عادل" لملف إيران النووي

2025-04-14 01:37:00|xhnews

القاهرة 13 أبريل 2025 (شينخوا) تعد الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران مسارا استكشافيا لقدرات ومطالب الجانبين، واختبارا لجدية واشنطن في إيجاد حل عادل لأزمة الملف النووي الإيراني دون المساس بسيادة طهران.

واختتمت أمس السبت في العاصمة العمانية مسقط أول جولة من المفاوضات غير المباشرة بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، عبر وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي.

واعتبر الطرفان أن الجولة، التي استمرت ساعتين ونصف الساعة، إيجابية وبناءة واتفقا على عقد جولة ثانية السبت القادم في عمان.

-- جولة استكشافية

ورأى المحلل السياسي السوري علي يوسف، أن الجولة الأولى من المحادثات بين طهران وواشنطن شكلت مسارا استكشافيا لطبيعة مطالب الجانبين.

وقال يوسف لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن اللقاء كان إيجابيا وتمت مصافحة بين رئيسي الوفدين الإيراني والأمريكي في ختامه، ومن الواضح أن هناك محورين للمفاوضات.

ويتمثل المحور الأول في رفع العقوبات الأمريكية عن إيران مقابل تقليص البرنامج النووي الإيراني، والثاني: تخفيف التوتر بين الطرفين مقابل الإفراج عن السجناء من الجانبين، وفق يوسف.

وشاطره الرأي الدكتور أحمد خليل أستاذ العلاقات الدولية والإعلام في كليات التقنية العليا بالإمارات، بقوله إن المحادثات الأمريكية الإيرانية في مسقط "جولة استكشافية مهمة في ظل الظروف الجيوسياسية الحالية".

وأضاف أن هذه المحادثات تمثل اختبارا لجدية الولايات المتحدة في التعامل مع التحديات الإقليمية، قبل أن يضيف أن "التوجه نحو الحوار بدلا من التصعيد العسكري يظهر رغبة واشنطن في استعادة الثقة مع طهران، ويعكس أيضاً رغبة أكبر في استقرار المنطقة، والنجاح في هذه المحادثات يمكن أن يعزز موقف الإدارة الأمريكية داخليا وخارجيا".

من جانبه، أوضح الدكتور محمد الجبوري أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية أن جولة مسقط "اتسمت بالحذر من قبل الطرفين"، خاصة أنها تأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية شديد التعقيد.

وأضاف الجبوري أن كل طرف حاول استكشاف قدرات وقابلية الطرف الآخر، فالولايات المتحدة أرادت أن تستكشف مدى سرعة استجابة إيران لطلباتها بخصوص ملفها النووي وصواريخها بعيدة المدى، التي تشكل تهديدا للقواعد الأمريكية وحلفائها.

أما إيران، فقد سعت لاستكشاف مدى جدية الولايات المتحدة، وهل واشنطن تريد فعلا إيجاد مخرج وحل الأزمة بصورة عادلة دون المساس بسيادة طهران.

من جهته، قال الباحث اللبناني في الشؤون الجيوسياسية الدكتور عادل مشموشي، إن مفاوضات مسقط تأتي في هذا التوقيت على وقع التحولات الجذرية في الشرق الأوسط الناجمة عن عملية "طوفان الأقصى" والصراع بين "محور الممانعة" وإسرائيل.

ولفت إلى أن إسرائيل استغلت "طوفان الأقصى" لحشد القوى الغربية خلفها بذريعة أنها تواجه حربا وجودية تشنها إيران عليها عبر "أذرعها" في غزة ولبنان والعراق واليمن.

وأشار مشموشي إلى أن إسرائيل تصر على ضرب إيران وتلح على الولايات المتحدة لضرب المنشآت النووية الإيرانية، في حين تنظر الدول الغربية بارتياب للصواريخ الإيرانية.

ونوه بأن الضغط والتصعيد الأمريكي ضد إيران وتوجيه تهديدات إليها مع استمرار توجيه الضربات الأمريكية للحوثيين واستمرار الحرب الإسرائيلية في غزة والضربات الإسرائيلية في لبنان وسوريا، قد دفع إيران للتفكير في التفاوض لإبرام اتفاق يحمي قدراتها من عمليات عسكرية قد تقوض هذه القدرات.

ورأى أن الولايات المتحدة تريد من انخراطها بالمفاوضات إظهار انفتاحها على الحلول السياسية، في حين تريد إيران المفاوضات لحفظ مقدراتها ورفع العقوبات، حتى لو أدى ذلك لانحسار في النفوذ الإقليمي.

في حين اعتبر المحلل السياسي العماني خلفان الطوقي أن مفاوضات مسقط "خطوة مهمة على الطريق الصحيح وفأل خير يوحي بأن القادم أفضل"، وتوقع أن تنتهي هذه المفاضات بالتوصل إلى اتفاق مرضي للطرفين ويمنع فتيل الحرب في المنطقة.

وأشار إلى وجود رغبة حقيقية من الجانبين الأمريكي والإيراني في التوصل لاتفاق بعيدا عن نار الحرب التي ستضر بالجميع.

ومع ذلك، أقر الطوقي بأن الوصول لهذا الاتفاق ليس سهلا، لكنه أوضح أن ما حدث خلال الجولة الاستكشافية أمس يعبر عن حسن النوايا لدى الجانبين.

وتابع أن المفاوضات تسير في اتجاه إيجابي، ويتوقع أن تصل إلى نتائج إيجابية واتفاق عادل ومرضي للطرفين.

واتفق معه مواطنه المحلل العماني أحمد الشيزاوي بقوله إن هناك رغبة أمريكية واضحة لحل الخلافات مع إيران عبر الحوار، وهذه الرغبة تنبع بشكل أكبر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه، وليست نتيجة سياسة أمريكية استراتيجية شاملة، مضيفا أن ترامب الذي توقفت في فترته الرئاسية الأولى المفاوضات، يسعى اليوم إلى إعادة تحريكها أملا في تحقيق إنجاز دبلوماسي يحسب له.

ونوه الشيزاوي بأن إيران تمكنت من فرض عدة شروط هذه المرة، أهمها أن تجرى المحادثات في عمان رغم محاولات أمريكية لنقلها إلى دول أخرى، وأن تكون المحادثات غير مباشرة بعكس التصريحات الأمريكية الرسمية التي تحدثت عن لقاءات مباشرة، وأن يتركز الحوار على الملف النووي دون الدخول في ملفات فرعية.

-- لا غالب ولا مغلوب

وقال يوسف، إنه "من الواضح أن أفق المفاوضات يسير بالاتجاه الذي يرضي الطرفين، بحيث لا يكون هناك غالب أو مغلوب".

وأضاف أنه "من المؤكد أن الطرفين يريدان اليوم إغلاق هذا الملف، وهذا ما يظهر من تصريحات الطرفين، فترامب يريد طهران مزدهرة حسب آخر تصريح له قبل بدء المفاوضات، أما الطرف الإيراني فنراه يبادل الأمريكي نفس التفاؤل، ومن الواضح أن تسوية ما باتجاه أن تحسم هذا الملف".

بينما رأى الجبوري أن هناك طريقين أمام المفاوضات، الأول: إذا توفرت النية الصادقة من الجانبين واتسما بالحكمة وقدم كل منهما تنازلات فإن الأزمة في طريقها للانفراج، والابتعاد عن تفجير المنطقة، لأن استمرار حالة التوتر دون أفق واضح سيقود المنطقة لمصير مجهول.

وأضاف "أما الطريق الثاني: إذا أصر كل طرف على مطالبه وفشلت المباحثات فإن المنطقة مقبلة على حرب ستتضرر منها كل دولها، فضلا عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي لن يقتصر تأثيرها على المنطقة وحدها بل سيتعدى ذلك التأثير إلى كل دول العالم كون المنطقة من مصادر النفط الرئيسية، وتوقفه (النفط) سيقود إلى أزمة طاقة عالمية وارتفاع في الأسعار، وستكون كلفة فشل المحادثات باهظة الثمن على الجميع".

فيما أكد خليل أن التحديات لا تزال قائمة أمام المفاوضات، التي تتطلب تنازلات من كلا الطرفين، ويجب أن تكون هناك إرادة حقيقية لتحقيق تقدم.

وتابع أنه إذا استطاع الطرفان الأمريكي والإيراني تجاوز العقبات الحالية، فقد تفتح هذه المحادثات الباب أمام تحسين العلاقات وتخفيف التوترات.

-- الخيار العسكري مستبعد

وأكد الشيزاوي أن الخيار العسكري الذي ظل يطرح في واشنطن بتحريض إسرائيلي يبدو اليوم غير واقعي، فالمصالح الأمريكية في منطقة الخليج مهددة، والحلفاء الإقليميون لأمريكا لا يبدون استعدادا للدخول في صراع مفتوح مع إيران.

وأضاف أن فشل واشنطن في تحقيق حسم عسكري ضد الحوثيين في اليمن، رغم ضعف إمكانيات الحوثيين مقارنة بإيران، يعكس صعوبة أي مواجهة مباشرة مع ايران المتطورة عسكريا ومترامية الأطراف والتضاريس.

واعتبر أن ما جرى في مسقط "بادرة أمل، فالتزام الهدوء من الطرفين، والمصافحة الرمزية التي اختتمت بها المحادثات، تمثل إشارة لبدء كسر الجمود السياسي والدخول المحتمل في مفاوضات مباشرة مستقبلا".

بينما أكد يوسف، أن الطرفين الأمريكي والإيراني لا يسعيان لإشعال فتيل حرب في المنطقة، وإذا تم التوصل إلى تسوية بينهما ستتحدد ملامح جديدة في الشرق الأوسط برمته، بحيث تكون الولايات المتحدة هي صاحبة السلطة واليد المطلقة في ملفات المنطقة.

في حين رأى مشموشي أن أفق مفاوضات مسقط سيكون إيجابيا، مشيرا إلى أن واشنطن لوحت بعصا الحرب للاستفادة منها دون وقوعها، في حين أن القيادة الإيرانية تعي حصيلة أحداث الأشهر الماضية، وستتجنب الوقوع في حرب لن تكون لصالحها.

-- حياد إيجابي

وأرجع يوسف اختيار عمان لاستضافة المفاوضات إلى أن مسقط منذ التحولات الكبيرة في المنطقة أخذت موقف الحياد الإيجابي تجاه كافة الملفات الشائكة، وبالتالي فإن حيادها أهلها لتكون دولة تفاوض، ناهيك عن علاقاتها الجيدة مع كافة الأطراف.

وشاطره الرأي الجبوري بقوله إن السلطنة سبق أن رعت مباحثات سرية عامي 2013 و2015 مهدت لتوقيع الاتفاق النووي، الذي ألغته إدارة ترامب خلال فترته الرئاسية الأولى.

وتابع الجبوري أن عمان مقبولة من الطرفين كونها دولة معروفة بحيادها ووسيط نزيه، يسعى لتقريب وجهات النظر بين الطرفين بالطرق الدبلوماسية لتجنيب المنطقة ويلات الحرب.

بدوره، أشار خليل إلى أن مسقط تمتلك تاريخا طويلا من الدبلوماسية الهادئة والفعالة، مما يجعلها منصة مثالية لاستكشاف سبل الحوار بين واشنطن وطهران.

فيما أكد الطوقي ثقة الطرفين (الأمريكي والإيراني) في الوسيط العماني، الذي أثبت حنكته وقوته في لعب دور في مثل هذه الملفات، ويكفي أن نرى أنه خلال بضع ساعات فقط، نجحت عمان كوسيط في لقاء الطرفين مباشرة والاتفاق على استئناف المفاوضات السبت المقبل.

الصور