تقرير إخباري: الحوار المُهيكل في ليبيا يختتم جولته الأولى وسط تباين في الآراء والمواقف
طرابلس 16 ديسمبر 2025 (شينخوا) أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، اختتام الجولة الأولى من الحوار المُهيكل التي رعتها يومي 14 و 15 من شهر ديسمبر الجاري، وسط تباين في الآراء والمواقف، وتشكيك في جدوى مثل هذه المسارات السياسية التي لم تُنهي الانقسام الذي تشهده ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في العام 2011.
وقالت البعثة الأممية، في بيان نشرته في ساعة متأخرة من مساء أمس (الاثنين)، إن أكثر من 120 شخصا من شرق وجنوب وغرب ليبيا، شاركوا في أعمال الحوار المُهيكل التي جرت يومي 14 و 15 ديسمبر الجاري، في العاصمة طرابلس.
واعتبرت أن هذا الحوار هو "الأول من نوعه كونه يُعقد داخل ليبيا، ويمثل أحد الأضلاع المهمة للعملية السياسية التي يقودها الليبيون وتُيسرها الأمم المتحدة، إلى جانب تمهيد الطريق لانتخابات وطنية وتوحيد مؤسسات الدولة".
وشهد هذا الحوار خلال اليومين الماضيين، عقد جلسات حوارية للفرق المعنية بمسارات الحوكمة والأمن، والاقتصاد، والمصالحة الوطنية، وحقوق الإنسان، وذلك لإعداد توصيات توافقية من شأنها المساعدة على تهيئة الظروف اللازمة لإجراء انتخابات نزيهة وذات مصداقية، ووضع حد لسلسلة المراحل الانتقالية المتعاقبة في البلاد.
وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، هانا تيته قد أشارت في كلمة ألقتها خلال الجلسة الافتتاحية لهذا الحوار، إلى أن الحوار المُهيكل يستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 2796 لسنة 2025، ويُعد إحدى الركائز الأساسية لخارطة الطريق السياسية التي تُيسّرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتي أُعلن عنها للشعب الليبي ولمجلس الأمن في 21 أغسطس 2025.
واعتبرت أن هذا الحوار يُوفر منصة شاملة تتيح لشرائح أوسع من المجتمع الليبي الإسهام في صياغة برنامج العمل الوطني، ورسم ملامح مستقبل البلاد من خلال تقديم توصيات عملية تُسهم في تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات، ومعالجة التحديات العاجلة المرتبطة بالسياسات العامة والحوكمة، والتصدي لدوافع النزاع والمظالم على المديين المتوسط والطويل، بما يدعم بناء توافق وطني ورؤية موحدة لمستقبل البلاد، ويضمن تمثيلًا واسعا وشاملا.
ورغم أهمية هذه الخطوة، تباينت أراء ومواقف الليبيين وانقسمت بين مؤيد ورافض ومُشكك، حيث اعتبر المحلل السياسي الليبي محمد بويصير، أن الحوار المُهيكل "يمثل بديلا أخيرا قدمته الأمم المتحدة بعد تعثر الوصول إلى حل يحقق الاستقرار".
وقال بويصير، في تصريح بثته ليلة (الاثنين - الثلاثاء) قناة ((ليبيا الأحرار)) التلفزيونية الليبية، إن "رفض هذا الحوار بسبب ما يشوبه من نواقص يمثل موقفا عبثيا، ولا يخدم الليبيين الذين يعانون من تدهور الأوضاع المعيشية وغياب الأمن والاستقرار"، على حد قوله.
ودعا إلى "الاستمرار في المسار القائم باعتباره الخيار الأفضل المتاح في الوقت الراهن"، مُشددا في هذا السياق على أن "مسار الأمم المتحدة في ليبيا هو الأفضل حاليا، رغم كونه غير متكامل".
واعتبر أن "نجاح هذا الحوار مرهون بقدرة الشريك الليبي على طرح قضايا موضوعية تعكس مصالح المواطنين، بعيدا عن الصراع على السلطة أو احتكار المال أو السلاح"، على حد تعبيره.
وعلى عكس ذلك، اعتبر الرئيس الأسبق لمجلس ورشفانة، المبروك أبو عميد، أن الحوار المهيكل "يمثل إدارة للوقت وليس إدارة للأزمة، لأن محركاته معطلة وسيبقى في مكانه".
ودعا أبو عميد، في تصريح نشرته اليوم صحيفة ((الساعة 24)) الليبية المحلية، الذين "ينتظرون الحل إلى البحث عن بديل إذا تعذر الوصول إليه"، مُعتبرا أن "المؤشرات تفيد بمحاولة البعثة الأممية تغطية الفشل عبر إدارة الوقت من خلال الحوارات"، على حد قوله.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي الليبي حسام الفنيش، أن "الحوار المُهيكل، في ظل غياب الأسس المؤسساتية، لا يعدو كونه إدارة للانتظار"، وحذر في تدوينة نشرها في صفحته بموقع ((فيسبوك)) من أن "استمرار هذا النهج يكرس حالة الفراغ ويطيل عمر الأزمة، بدل أن يفتح الطريق أمام بناء دولة ليبية حقيقية ذات مؤسسات شرعية وقواعد دستورية واضحة"، على حد تعبيره.
وأضاف أن الحوار المُهيكل في ليبيا "لا يمكن النظر إليه كمسار تفاوضي تقليدي يهدف إلى إنهاء الأزمة، بل كأداة دولية دقيقة لإدارتها والتحكم بإيقاعها"، موضحا أن التوصيات غير الملزمة "ليست خللا في المسار، وإنما جزء أساسي من تصميم سياسي يُبقي الأزمة تحت السيطرة ويؤجل الحسم"، على حد قوله.
أما عضو البرلمان الليبي عصام الجهاني، فقد دعا في تصريحات بثتها قناة ((المسار)) التلفزيونية الليبية، إلى ضرورة أن يرتكز الحوار المُهيكل على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وشكل الحكومة التي ستشرف عليها.
وأضاف قائلا "...لا توجد حتى الآن حلول واضحة أو خارطة طريق حقيقية يمكن البناء عليها، وإن أي خارطة طريق قد تخرج عن هذا الحوار ستواجه صعوبات في التنفيذ".
وبين هذا الرأي وذاك، يُجمع المراقبون المهتمون بالشأن الليبي على أن السؤال الأهم الآن، هو هل يمكن أن يتحول الحوار المُهيكل إلى أداة فعلية للتغيير في ليبيا، أم أنه سيبقى في دائرة التجربة الاستشارية محدودة التأثير، ولا تختلف عن التجارب السابقة التي فشلت في إنهاء الانقسام، وتحقيق الاستقرار.







