الصفحة الأولى > الشرق الأوسط

تحليل اخباري :زيارة ظريف للعراق وعدد من دول المنطقة تحمل رسائل متعددة لازالت بحاجة إلى اثبات حسن النوايا

19:47:48 05-08-2015 | Arabic. News. Cn

بغداد 5 أغسطس 2015 (شينخوا) حملت زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للعراق وعدد من دول الجوار الاقليمي ومنها السعودية قبل أيام رسائل متعددة خصوصا وأنها جاءت بعد توقيع إيران الاتفاق النووي مع دول مجموعة (5 + 1 ) وتراوحت هذه الرسائل بين التطمين والانفتاح وتأكيد الدعم للحلفاء واظهار الدور الايراني الحالي والمستقبلي في المنطقة، إلا أن هذه الرسائل ما زالت بحاجة إلى اثبات حسن النوايا وفق لما يراه المحللون.

وفي هذا السياق قال المحلل السياسي الدكتور رائد عباس العلي، لوكالة انباء (شينخوا) إن العلاقات العراقية - الايرانية تميزت قبل عام 2003 بعدم الاستقرار وقطع العلاقات بينهما لفترات طويلة، حيث خاض البلدان حرب ال 8 سنوات، في ثمانينيات القرن الماضي، التي أدت إلى مقتل وجرح الالاف من الجانبين، الان هذه العلاقات شهدت بعد 2003 تغيرات كبيرة وامتازت بالود والتفاهم في مختلف المجالات خصوصا وأن الاحزاب السياسية التي تولت مقاليد الامور في هذا البلد من الاحزاب والتيارات الاسلامية المقربة من ايران والتي عاش معظم قادتها ومنظريها سنوات طوال في ايران بعد مطاردتهم من قبل النظام العراقي السابق.

واضاف ان زيارة وزيرة الخارجية الايراني الاخيرة للعراق والتي بدأها بلقاء المرجعيات الدينية الشيعية وفي مقدمتها، المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني، قبل ان ينتقل إلى بغداد ويلتقي القادة السياسيين فيها، تحمل عدة رسائل للداخل العراقي ولدول الجوار وللعالم.

وأوضح العلي أن أول أهداف هذه الزيارة تأكيد ايران دعمها لحلافائها الشيعة في العراق وأن هذا الدعم لن يتأثر بتوقيع الاتفاق النووي مع الدول الست الكبرى، وانما سيكون أكثر فاعلية مما هو عليه حاليا، خصوصا وأن ايران ستتخلص من الكثير من القيود والعقوبات التي كانت مفروضة عليها قبل الاتفاق، ولنفي التقارير التي تحدثت عن أن ايران خضعت خلال مفاوضات البرنامج النووي لضغوط من الدول الكبرى ربما تؤدي إلى تغيير سياستها تجاه حلافائها.

وتابع أن ايران أعلنت ومنذ اللحظة الاولى لانطلاق الحرب على تنظيم (داعش) بأنها تقف إلى جانب العراق في هذه الحرب، وعلى الارض فأن الكثير من المجاميع الشيعية المسلحة التي تعمل تحت راية الحشد الشعبي مدعومة من قبل الحرس الثوري الايراني بشكل مباشر سواء بالسلاح أو المال أو التدريب أو تواجد المستشارين العسكريين مع هذه المجاميع وهذا امر لا يمكن انكاره.

وأشار العلي إلى أن، وزير الخارجية الايراني قال بكل صراحة في مؤتمره الصحفي ببغداد، ان "ايران شعبا وحكومة تقف مع العراق، في محاربة الارهاب"، لافتا الى "اننا ممكن أن نعتمد على حوار جديد قائم على اساس المودة والتعاون الاقليمي لمكافحة جادة للتطرف والارهاب الذي يهدد العالم، ولابد من هذا الحوار الذي يجب ان يتبناه الجميع".

واعتبر العلي انه بالنظر للعلاقات الكثيرة بين العراق وايران في الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية فأن المزيد من التقارب والتفاهم بين البلدين الجارين يمكن ان يسهم بشكل كبير في محاربة (داعش) ، وهذا الامر يتطلب من ايران اثبات حسن النية تجاه مكونات الشعب العراقي وفي مقدمتها السنة الذين ينظرون بعين الريبة للدور الايراني في العراق.

اما الدكتورعبدالعزيز الجبوري، استاذ الاعلام في جامعة تكريت، فقد رأى في زيارة وزير الخارجية الايراني للمنطقة، وخصوصا السعودية بانها محاولة لتهدئة الاوضاع المتوترة بين البلدين بسبب دعم إيران للحوثيين وتدخلها في الشأن العربي في العراق وسوريا ولبنان والبحرين.

وأضاف "اعتقد أن السعودية قد واجهت إيران بالحقائق المباشرة في خطأ سياستها تجاه الدول العربية التي اصبح لايمكن السكوت عنها"، مبينا أن تحسين العلاقات بين البلدين مرهون بمدى مصداقية ايران في تغيير سياستها تجاه البلدان العربية القائمة على التدخل في الشؤون الداخلية ودعم بعض المجاميع الطائفية في هذه البلدان لاحداث حالة من عدم الاستقرار فيها.

وأشار الجبوري إلى أن كل التطمينات التي قدمتها ايران وتلك التي قدمتها الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية بشأن الاتفاق النووي لا تبدوا مقنعة لدول الخليج، لان هذه الدول تريد من ايران افعال وليس مجرد اقوال، كما أن هذه الدول قد تعودت من إيران على عدم الالتزام بالوعود التي تقدمها، ولذلك فان دول المحيط الاقليمي بحاجة إلى أكثر من رسائل الانفتاح والتطمينات من الجانب الايراني، أنها بحاجة لخطوات على أرض الواقع تثبت حسن النوايا الايرانية تجاهها.

وأوضح الجبوري أن إيران تعتبر انها حققت نصرا دبلوماسيا على الغرب بتوقيعها الاتفاق النووي ،مما يسهل لها التخلص من العقوبات الاقتصادية واطلاق الاموال المحجوزه لتحسين وضعها الاقتصادي ، وباتت تشعر انها صبحت ندا ورقما يصعب تجاوزه على الساحة الاقليمية.

وتابع أن ايران تحاول أن توجه رسالة اطمئنان لجاراتها العربية وتمد جسور الثقة فيما بينها ، لكن واقع الحال شيء مختلف ، وما تصريحات المرشد الاعلى للثورة الاسلامية علي خامنئي التي يشدد بها على التمسك بدعم حلفائه في المنطقة والتدخل لحمايتهم اذا لزم الامر، الا دليل على ان نهج السياسة الايرانية يعتمد على المراوغة والخداع لتنفيذ مخططاتهم تجاه المنطقة العربية.

وأكد الجبوري أن تأثير إيران على صانع القرار العراقي، أمر واضح سواء قبل الاتفاق النووي اوبعده، ولكن هذا التأثير وبدون شك سيزيد مداه خلال الفترة المقبلة بعد أن ترفع العقوبات الاقتصادية عن ايران حيث ستكون لديها القدرة على دعم أكبر للحكومة و للاحزاب السياسية التي تخضع بشكل مباشر للقرار الايراني، ولكن على إيران أن تضع في حساباتها إذا ارادت فعلا تحقيق نوع من الاستقرار في العراق والمنطقة وأن تبتعد عن دعم بعض المجموعات الطائفية على حساب المجموعات الاخرى.

واعتبر أن الدعم الايراني للحكومة العراقية في محاربة (داعش) ينطلق من أن ايران تعتبر أي تهديد لأمن حلافائها في العراق تهديد لامنها القومي، وسبق لمستشار الرئيس الايراني أن أعلن صراحة انه في حال تعرضت أي من المدن الشيعية المقدسة لهجوم من مسلحي (داعش) فان ايران ستتدخل عسكريا لرد هذا الاعتداء.

ورأى الجبوري أن زيارة ظريف للعراق ودول أخرى في المنطقة ليست منفصلة عن الحراك الدولي في هذه المنطقة المهمة من العالم والذي كان أخره زيارة جون كيري وزير الخارجية الامريكي ونظيره الروسي سيرجي لا فروف ولقائهم بوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في العاصمة القطرية الدوحة، والتي كان اهم مرتكزاتها الحرب على (داعش) وطمأنة دول الخليج حول الملف النووي الايراني وانه لن يكون ذريعة لتدخل ايراني اوسع في هذه الدول، التي اعربت في اكثر من مناسبة عن مخاوفها الكبيرة من انعكاسات هذا الملف الخطير.

وأشار إلى أن ايران هي الاخرى تريد أن تثبت دورها في إدارة ملفات هذه المنطقة وانها مازالت تملك الكثير من اوراق الضغط فيها رغم توقيع الاتفاق النووي مع الدول الغربية، وهو دور لايمكن أن تتنازل عنه ايران بسهولة.

وكان ظافر العاني القيادي في اتحاد القوى العراقية (سني) قد أكد في بيان له ان"تحالف القوى العراقية يطالب الحكومة العراقية أن تستثمر زيارة وزير خارجية الجمهورية الاسلامية في ايران لابلاغه باننا ننتظر تغيرا ايجابيا ملموسا في توجهات السياسة الايرانية تجاه العراق ودول المنطقة وأن من الضروري انهاء سياسات التدخل الامني في شؤوننا ، فمن غير المعقول أن تتبنى طهران سياسة تصالحية مع أمريكا والغرب ، فيما مع جيرانها يبقى ملف الازمات مفتوحاً دون حل".

وأضاف أن "زيارة ظريف لعدد من دول الخليج العربي بادرة ايرانية تستحق الاشادة " مبينا أن" جوهر المشكلة العربية مع حكومة طهران لاتنحصر في الملف النووي لوحده ، بل في منهج التدخل الامني في شؤون الدول المجاورة لايران ومن بينها العراق ومحاولاتها تسميم الاجواء الداخلية بسياسات وافكار عقائدية ذات بعد فئوي من شأنها أن تعمل على اذكاء المشاكل الداخلية ".

واعتبر العاني ان "استمرار هذا المنهج بالنسبة لنا هو أخطر بكثير من برنامج ايران النووي المحتمل وأن اكثر الحروب بشاعة واطولها عمرا هي الحروب الدينية وبالذات الطائفية التي دشنتها ايران في المنطقة منذ اكثر من ثلاثة عقود".

يذكر ان وزير الخارجية الايراني قد زار بغداد الاثنين الماضي قادما من مدينة النجف (160 كم) الى الجنوب منها، بعد ان اجرى لقاءات مع المرجعيات الدينية في المدينة وزار المراقد المقدسة.

واكد محمد جواد ظريف، ان ايران تبعث برسالة سلام لكل دول المنطقة، بعد الاتفاق النووي الاخير مع الغرب، داعيا الجميع الى عدم الخوف من ذلك الاتفاق.

وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره العراقي ابراهيم الجعفري "لا ارى اي داعي للخوف، من قبل دول المنطقة، لان الاتفاق سيأتي بالكثير من السلام على تلك الدول"، مبيناً ان "رسالتنا للمنطقة، هو ان هذا الاتفاق قد عالج مشكلة مصطنعة، ولابد من العمل على الكثير من المشتركات مع بعضنا"، داعياً جميع الدول الى "مواجهة المشاكل في المنطقة من الطائفية والتطرف".

وأضاف أن" ايران دولة قوية قبل وبعد الاتفاق، وهذا يصب في خدمة دول الجوار، وليست هناك مشكلة مع اية دولة جاره، وجهات نظرنا وارائنا حول العراق وسوريا واليمن ممكن ان تثير بعض الخلافات مع بعض الدول، ولكننا نؤكد على ان أمن اية دولة هو يهدد امننا، واننا نقوم باي جهد للتعاون مع الجيران لتوفير هذا الامن، ولا يوجد خطر من إيران يهدد اية جهة، والشعب الايراني تجاوز الماضي، لبناء مستقبل افضل".

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
010020070790000000000000011101451344845181