دمشق 5 أغسطس 2015 (شينخوا) وقفت السيدة سناء في أعلى قمة الجبل قبل غروب الشمس بريف حمص الغربي ورفعت يداها إلى الأعلى قائلة "ما أروع هذا الهواء العليل، وما أجمل هذا المنظر!"
وقالت سناء 29 عاما وهي متزوجة ولديها طفلان, لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق يوم الأربعاء "تركت الشام التي أعشقها وهي تؤم روحي، لكن الأيام الماضية أجبرتني على تركها بسبب الحرارة الشديدة، وانقطاع التيار الكهربائي المتواصل لعدة ساعات، ما جعلني أفكر بالذهاب إلى مسقط رأسي في ريف حمص الغربي حتى تمر هذه الموجة التي أذاقت معظم السوريين طعم العلقم".
وأضافت سناء "زوجي موظف في دمشق ونحن نعيش معه في شقة بريف دمشق الشرقي، منذ عدة سنوات"، مؤكدة أن هذه الطقس الحار لم تشهده البلاد مدة طويلة، موضحة أنها قررت الذهاب إلى قريتها بريف حمص الغربي لأن الجبل يكون الجو فيه ألطف مما في العاصمة دمشق.
ويشار إلى أن سوريا تعاني عن تيارات حرارية عالية مترافقة من غبار، ما أدى إلى وصول درجة الحرارة في دمشق إلى ما يقارب 52 درجة مئوية، واشتعال العديد من الحرائق بسبب الحرارة الشديدة في عدة مناطق سورية.
وبات ارتفاع الحرارة حديث الناس وشغلهم الشاغل، ويسألون بعضهم عبر الهواتف والاتصالات ، كيف هو الطقس عندكم ؟ نحن نعيش في فرن، نحن نتصبب عرقا من شدة الحرارة... كما خفت حركة الناس في الشوارع، ولا تجد إلا من هو مضطر للسير في الطرقات.
ولاحظ مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) أثناء تجوله في ريف حمص الغربي مئات السيارات التي تحمل لوحة دمشق متواجدة في المناطق الجبلية التي أتت هربا من شدة الحرارة التي تعصف بالبلاد منذ عدة أيام.
وروى أبو فراس 46 عاما الأيام التي قضاها بدمشق الأسبوع الماضي، مؤكدا أنها كانت أشبه بـ "الجحيم" لشدة الحرارة المرتفعة، وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ما يجعل أمر العيش في داخل جدران الاسمنت أمرا صعبا ومستحيلا في ظل هكذا ظروف.
وقال أبو فراس وهو تاجر يعيش في مدينة دمشق إن "قرار المجيء إلى المناطق الجبلية جاء بسبب الظروف الصعبة الذي تمر بها العاصمة دمشق من أجواء خانقة وانقطاع طويل للتيار الكهربائي وقلة المياه واستمرار ارتفاع الحرارة حتى في أثناء الليل"، مؤكدا أن "الوضع في ريف الغربي لحمص مختلف كليا، الطقس في النهار مقبولا ، وفي الليل هناك نسمات بادرة تجعلك تستغني عن المكيفات، فهنا لا نحتاج إلى تكيف ولا مراوح كهربائية لأن الهواء بادر".
بينما جلست عائلة أبو إياد على استراحة في بلدة قريبة من منطقة مشتى الحلو بريف حمص الغربي الواقعة على كتف أحد الجبال لتناول طعام الإفطار وتنظر بشغف لتلك المناظر التي رسمتها الطبيعة من خلال توزع الأشجار والبساتين في تلك الأراضي المجاورة للجبل في أسفل الوادي.
وقالت عائلة أبو إياد لوكالة ((شينخوا)) "لم يكن لنا من خيار إلا المجيء إلى المناطق الجبلية لقضاء إجازة ربما تكون اضطرارية بسبب موجة الحر التي تشهد سوريا عموما ودمشق خصوصا"، داعية معظم السوريين للخروج من أجواء العاصمة دمشق باتجاه الجبال للتمتع بالجو اللطيف وخاصة في ساعات الصباح الباكر والمساء.
وأشارت عائلة أبو إياد إلى وجود حالة إسهال شديدة، وحالات حروق جلدية بسبب تعرض لأشعة الشمس الشديدة خلال الأيام القليلة الماضية، نتيجة الذهاب إلى المسابح الخاصة بدمشق.
وأوضح الدكتور أديب محمود مدير عام الهيئة العامة لمشفى دمشق أن حالات الإسهالات الناتجة عن الالتهابات المعدية والمعوية ازدادت مع بداية فصل الصيف وطرأ ارتفاع إضافي خلال اليومين الماضيين، لافتا إلى تسجيل عدة حالات لحروق جلدية نتيجة التعرض لأشعة الشمس المباشرة خلال الذروة في المسابح، بحسب صحيفة ((الثورة)) السورية الرسمية.
وعزا مدير عام الهيئة أبرز أسباب ارتفاع الإسهالات والالتهابات إلى ازدياد ساعات التقنين وتأثير ذلك على صحة الأفراد مشيراً إلى أهمية النظافة الشخصية والعامة والابتعاد عن التعرض لأشعة الشمس خلال ساعات الذروة.
كما تركت موجة الحرارة الشديدة غير المسبوقة التي سيطرت على البلاد خلال الأيام الماضية آثارا سلبية حيث قضت على 40 بالمائة من أفواج الدجاج.
وأوضح المستشار الفني في اتحاد غرف الزراعة السورية عبد الرحمن قرنفلة أن موجة الحرارة غير المسبوقة سيطرت على البلاد خلال الأيام الماضية، ما أسفر عن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وعدم توافر المازوت اللازم لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية، والقضاء على 40% من أعداد الفراريج المرباة بالمداجن في مختلف محافظات القطر، بالإضافة إلى القضاء على 30% من أعداد الدجاج البياض، بحسب صحيفة ((تشرين)) الرسمية.