بكين 28 سبتمبر 2015 (شينخوا) اعتقد خبراء صينيون وعرب أن مصر تلعب دورا مهما بشأن استقرار العالم العربي معربين عن تفاؤلهم تجاه مستقبل الدول الإفريقية.
وجاءت تلك التصريحات في الدورة الرابعة لمنتدى الدراسات العربية تحت عنوان " صراعات الدول الكبرى في تحولات الشرق الأوسط " التي اختتمت فعالياتها مؤخرا في بكين عاصمة الصين وناقش فيها عشرون خبيرا صينيا وعربيا موضوعات واسعة مثل العلاقات الصينية العربية في إطار مبادرة الحزام والطريق ومكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.
وقال لي شاو شيان عميد كلية الدراسات الصينية العربية بجامعة نينغشيا إن الشرق الأوسط يعيش فترة لإعادة التوازن والبناء الجيوسياسي بعدما شهد ثورة يسعى من خلالها إلى التنمية الذاتية.
واعتبر أن مستقبل مصر يمثل مستقبل الدول العربية كون الدولة العربية والإفريقية القوية تتمتع بثقل سياسي مميز، مشيرا إلى أن كافة الدول العربية تتابع مسار التطور المصري.
وتابع أن مستقبل مصر يتوقف على نجاحها في التنمية الاقتصادية، معربا عن تفاؤله تجاه الأفق الاقتصادي المصري حيث قامت مصر بتفعيل مجموعة من المشروعات الاقتصادية وأكملت بناء قناة السويس الثانية.
وفي هذا الشأن، أشارت الأرقام المصرية إلى ارتفاع معدل نمو الاقتصاد المصري 3% في الربع الثالث من السنة المالية 2014 - 2015. بينما انخفض معدل البطالة المحلية إلى 12.7% من الربع الثاني 2015 مقابل 13.3% في الفترة المناظرة من العام السابق.
وفيما يتعلق بالتعاون الصيني العربي في إطار مبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين في 2013، قال لي إن الدول العربية وخاصة مصر، تتميز بأهمية جغرافية بشأن تنفيذ هذه المبادرة الطموحة.
وقال الخبير إن الصين والدول العربية تحتاج إلى بعضها البعض فيما أصبح التعاون الثنائي أكثر إلحاحا اليوم.
وفي هذا السياق، قال وو سي كه مبعوث الصين السابق للشرق الأوسط لوكالة أنباء شينخوا إن المبادرة لاقت إقبالا كبيرا لدى الدول العربية، إذ طرح البعض منها فكرا وتخطيطا مفصلا مثل مصر والكويت.
وأشار وو إلى أن البلدان العربية أظهرت رغبة معززة في التعاون مع الصين بعد قيامها بتفكير متعمق في التحولات الكبرى من أجل الخروج من المأزق.
ومن جانبه قال شيويه تشينغ قوه عميد كلية الدراسات العربية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين لشينخوا إن مبادرة الحزام والطريق تلقى ترحيبا كبيرا جدا في العالم العربي، إذ يتوقع أن تساعد الدول العربية على استقطاب المزيد من الأموال والتكنولوجيا وكذا زيادة صادراتها فضلا عن تحسين بنيتها التحتية مما يدفع نموها الاقتصادي.
وأشار الدكتور شيويه إلى أن الأهم على المدى الطويل هو ما تتميز به روح طريق الحرير من المنفعة المتبادلة والفوز المشترك، ما يتيح أسلوب تفكير جديدا بشأن تسوية القضايا السياسية بالشرق الأوسط .
وفصل شيويه أن الصراعات بين الدول المعنية بالمنطقة هي لعبة محصلتها صفر لأن كل طرف سيخسر في نهاية المطاف. ولكن المبادرة ستدفع الدول المختلفة إلى تعزيز التبادل والتعاون أمام مشروعات تفصيلية ذات منفعة مشتركة كبيرة. وبذلك سترسي المبادرة أساسا لتخفيف الصراعات في المنطقة.
ونوه بأن المبادرة تواجه مخاطر في الشرق الأوسط وسط الاضطرابات المستمرة. ولكنها لا تسود المنطقة كلها وخصوصا أن الوضع المصري شهد تحسنا كبيرا. لذا فان المبادرة لا تزال تجد فرصا تجارية ضخمة في المنطقة حتى في سوريا التي مزقتها الحرب.
بدوره قال المستشار الثقافي المصري ببكين الدكتور حسين إبراهيم إن الدول العربية وجهت نظرها إلى الشرق وبالأخص الصين، نظرا للموقف الصيني العادل تجاه القضايا العربية وتعزيز النفوذ الاقتصادي الصيني.
وأكد أن مصر تهتم بتطوير العلاقات مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق حيث قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة الصين مرتين خلال سنة واحدة ما يعكس اهتمام مصر بالصين.
وتابع أن مصر ترحب بالمبادرة الصينية ولاشك أن قناة السويس الجديدة ستدفع العلاقات التجارية بين مصر والصين.
وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الدكتور أحمد السيد النجار لوكالة أنباء شينخوا إن مبادرة الحزام والطريق تفتح أمام العالم طريقا للتعاون القائم على السلام والعدالة والتكافؤ.
وأشار إلى أن المبادرة تستحضر القيمة الرمزية لطريق الحرير القديم التي أظهرت التعاون القائم بين الدول الآسيوية والعربية على أسس العدالة والتكافؤ والسلام. ومع أن الصين كانت وقتها قوة كبيرة، لكنها لم تحاول الغزو أو السيطرة على الآخرين. وإنما كانت تتعاون بسلام مع الآخرين.
واعتبر النجار أن المبادرة دعوة لعلاقات قائمة على أسس العدالة والتكافؤ والسلام بين الدول النامية والدول الناهضة.
وتابع أن المبادرة لا تجلب فرصا للدول الواقعة على طول الطريق وحسب، بل سيستفيد منها العالم بأسره، مشيرا إلى أن البلدان العربية ومصر بالذات أعارت اهتماما بهذه المبادرة كونها ستخلق فرصا ومنافع كثيرة للدول المعنية.
وقال إن مصر أصبحت مقصدا استثماريا جذابا بفضل حجم السوق المصري الكبير. بينما تملك مصر علاقات تجارة حرة مع أوروبا كلها ومع الدول العربية والأفريقية أيضا. فلو دخل أي استثمار صيني إلى مصر، سيستطيع تصدير منتجاته إلى أوروبا والدول العربية والإفريقية بدون رسوم جمركية. وهذا يجعل المنتجات الصينية التي تنتج في مصر قادرة على المنافسة العالية نتيجة لقرب مصر من الأسواق الكبرى في أوروبا والأسواق العربية والإفريقية.
وأشار إلى أن مصر تتطلع إلى جذب المزيد من الاستثمار الصيني وخصوصا أن الصين قد صارت المصدر الرئيسي للاستثمار في العالم.
وفي هذا الصدد ووفقا لأحدث الأرقام الرسمية الصينية، ضخت الصين ما يعادل 123.12 مليار دولار أمريكي من الاستثمار المباشر في الخارج في 2014 بزيادة 14.2% على أساس سنوي.
وذكر النجار أن الصين لديها تراكم مالي كبير حيث بلغ احتياطي النقد الأجنبي الصيني 4 تريليونات دولار أمريكي. فلو تحولت هذه الأموال إلى الاستثمار في مصر والدول الأخرى، سيصبح لها عائدا أكبر.
وأعرب النجار عن نية الأهرام في تعزيز التعاون مع وكالة أنباء شينخوا وغيرها من وسائل الإعلام الصينية من أجل تسهيل عملية الاستثمار لرجال الأعمال الصينيين.
وقال "سنطرح أيضا الخارطة الاستثمارية لمصر بحيث يمكن للمستثمرين الصينيين أخذ المشروعات التي تناسبهم "، مضيفا أنه يتوقع أن تكون الاستثمارات الصينية قائمة على تبادل المنافع مع مصر.