بقلم: اسامة راضي وعمر العثماني
رام الله 11 نوفمبر 2015 (شينخوا) بعد 11 عاما من وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في ظروف غامضة كشف مسئولون فلسطينيون عن وصول لجنة التحقيق الفلسطينية الخاصة في ظروف وفاته إلى نتائج مهمة قد تقود إلى حل اللغز المستمر منذ نوفمبر عام 2004.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن "اللجنة الوطنية المكلفة بالتحقيق في ظروف استشهاد القائد الرمز أبو عمار (عرفات) قد قطعت شوطا طويلا".
وأضاف عباس، في كلمة مسجلة بثها تلفزيون (فلسطين) الرسمي بمناسبة الذكرى السنوية 11 لرحيل عرفات، إن لجنة التحقيق المذكورة "ستستمر في عملها حتى الوصول إلى كشف الحقيقة كاملة".
وكان عرفات توفي في 11 نوفمبر عام 2004 عن (75 عاما) خلال تلقيه العلاج في مستشفى فرنسي بمرض غامض لم يحدد وسط اتهامات من مسئولين فلسطينيين لإسرائيل باغتياله عن طريق السم.
وقال ناصر القدوة أبن شقيقة عرفات لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن لجنة التحقيق الفلسطينية في ملف وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل "على وشك إعلان نتائج محددة" توصلت لها التحقيقات.
وذكر القدوة وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ورئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات، أن إعلان هذه النتائج "سيكون أمر جيد للغاية وخطوة مهمة في كشف حقيقة اغتيال عرفات كاملة".
وأشار القدوة، إلى أنه أبلغ بهذا التطور من اللواء توفيق الطيراوي رئيس اللجنة الفلسطينية للتحقيق في ملف وفاة عرفات، متمنيا أن يتم ذلك بأسرع وقت.
وكان الطيراوي أعلن في تصريحات تلفزيونية الليلة الماضية، أن لجنة التحقيق الفلسطينية "توصلت إلى الشخص الذي نفذ اغتيال الرئيس الراحل" من دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.
وجدد الطيراوي اتهام "إسرائيل بالمسؤولية عن عملية الاغتيال".
وفي هذا الصدد، قال القدوة إن "جميعنا لدينا قناعة كاملة أن عرفات لم يتوف وفاة طبيعية بل تم اغتياله والطرف الذي قام بذلك هو إسرائيل باستخدام السم الذي تبين لاحقا أنه (البولونيوم 210)".
وذكر أن التحقيقات الفلسطينية التي تجرى وما زالت مستمرة تنحصر حاليا في جزئية محدودة "هي إمكانية حدوث اختراق أمني أو وجود عميل ما في دائرة الرئيس الراحل".
ورأى القدوة، أن حل هذه الجزئية "خطوة مهمة بكل تأكيد لكشف حقيقة ما جرى بشكل كامل لكنها ليست المسألة المركزية باعتبار أن الأمر الأساسي في الملف هو المسئولية السياسية لإسرائيل عن اغتيال عرفات".
وكان عرفات تعرض لحصار إسرائيلي مشدد في ديسمبر 2001 بعد عام من فشل أبرز جولة مفاوضات مع إسرائيل في (كامب ديفيد) برعاية أمريكية للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي في حينه.
واعتبرت إسرائيل بعد ذلك الرجل عقبة أمام السلام، لكنها نفت على الدوام أي علاقة لها بظروف وفاته.
ويقول الفلسطينيون إنهم سيقاضون إسرائيل في حال ثبت تورطها بتصفية عرفات.
وفي هذا الصدد، قال القدوة إن تحويل ملف عرفات إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أصبح الفلسطينيون أعضاء فيها مطلع أبريل الماضي "أمرا صعبا نظرا لاختلاف اختصاصات المحكمة".
لكن القدوة شدد على أنه "من الواجب أن يكون ملف اغتيال عرفات مطروحا على جدول الأعمال الدولي من خلال الهيئات المختلفة للمنظمات الدولية بما يدين إسرائيل ويطالب بمعاقبة مرتكبي جريمة الاغتيال".
ورفعت أرملة عرفات السيدة سهى في نهاية يوليو عام 2012 دعوى لدى القضاء الفرنسي ضد مجهول بقتل عرفات بعد أن أعلن خبراء سويسريون عثورهم على معدلات غير طبيعية من مادة البولونيوم السامة بعد فحصهم عينات من مقتنيات عرفات.
وأعلن الخبراء السويسريون في حينه، أنهم وجدوا نسب بولونيوم أعلى بمعدل ثلاث مرات من المعدل الطبيعي وأنهم يدفعون بفرضية التسمم دون الجزم بعلاقة أكيدة بين الوفاة والبولونيوم.
ودفن عرفات في رام الله بالضفة الغربية من دون أن تخضع جثته للتشريح، إلا أنه في 27 نوفمبر عام 2012 تم نبش قبر عرفات تحت إشراف السلطة الفلسطينية وجرى أخذ عينات من قبل خبراء من سويسرا وروسيا وفرنسا من رفاته.
وقال رئيس فريق خبراء الوكالة الروسية البيولوجية الطبية الفدرالية فلاديمير أويبا في مؤتمر صحفي عقده بموسكو في ديسمبر عام 2013، إن عرفات "مات ميتة طبيعية وليس بسبب تأثير إشعاعي"، مؤيدا بذلك تقريرا فرنسيا ذهب في نفس الشهر في ذات الاتجاه.
فيما أعلن خبراء سويسريون في تقرير رسمي تلقته السلطة الفلسطينية منتصف نوفمبر عام 2013، بحسب ما أعلنت في حينه، عثورهم على معدلات غير طبيعية من مادة البولونيوم السامة بعد فحصهم عينات من رفات عرفات.
وقال الخبراء السويسريون، إنهم يدفعون بفرضية تسمم عرفات دون الجزم بعلاقة أكيدة بين الوفاة والمادة السمية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق ل((شينخوا))، إن نتائج التحقيقات في ملف عرفات بما في ذلك تحليل رفاته "لم تقدم عمليا جديدا حتى الآن سوى تعزيز فرضية التسمم التي يسود اقتناع واسع بها منذ وفاة الرجل".
ويشير عوض، إلى أن التحقيقات في ملف ظروف وفاة عرفات ما زالت مرتبطة بتحديد أداة "الجريمة" ومن هو الذي قدم السم إلى عرفات.
ويقول عوض، إن التحقيقات في ملف عرفات "تسير بشكل بطيء جدا"، مشيرا إلى أنها مرتبطة بأمور أخرى وبالتالي تشتد وتنخفض تبعا للظروف التي هي حولها أكثر من كونها مرتبط بتحقيق العدالة.
ويرى عوض، أن تحركا فلسطينيا في قضية عرفات "مرتبط بكثير من المتغيرات في إيجاد الشخص وتوفر ظرف يساعد على التقدم إلى محكمة دولية أو محلية ومدى الابتزاز للفلسطينيين وقت ذلك".
وشدد على أن الاتهامات الفلسطينية لإسرائيل "ما زالت إعلامية ما لم يتم تثبيتها والذهاب بها إلى محكمة دولية".