باريس 30 نوفمبر 2015 (شينخوا) ارسل الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم (الاثنين) اشارات قوية فى مؤتمر المناخ الحالي فى باريس، محذرا من العقلية الصفرية، وأعرب عن تصميم الصين للوفاء بالتزاماتها وأظهر الاستعداد لتعزيز التعاون الدولي.
صرح شي بذلك فى خطابه خلال المراسم الافتتاحية لمحادثات التغير المناخي فى باريس ويطلق عليها رسميا المؤتمر ال21 للاطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الاطارية للتغير المناخي.
ويهدف الاجتماع الى التوصل الى اتفاقية دولية جديدة لخفض الانبعاثات الحرارية فيما بعد 2020 عندما ينتهي بروتوكول كيوتو 1997.
وتعد هذه الاتفاقية مهمة للابقاء على الارتفاع فى درجة الحرارة العالمية فى اطار درجتين مئويتين فوق درجة الحرارة فى فترة ما قبل الثورة الصناعية.
رفض عقلية اللعبة الصفرية
قال شي انه يتعين على محادثات المناخ رفض عقلية اللعبة الصفرية الضيقة، وحث جميع الدول، خاصة الدول المتقدمة، على تولي المزيد من المسؤوليات المشتركة من أجل تحقيق نتائج مربحة لجميع الاطراف.
وتصر الدول النامية على انه يجب على الدول الاغنى، التى اكملت بالفعل ثوراتها الصناعية الخاصة التى تسببت فى حدوث التلوث، تحمل العبء الاكبر فى خفض انبعاثات الكربون.
وفى خطابه، أكد شي على مبدأ "مسئوليات مشتركة لكن متباينة" كحجر زاوية وضعته اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية للتغير المناخي فى 1992، قائلا انه يجب دعم هذا المبدأ خلال مفاوضات المناخ القادمة.
وأوضح انه يتعين على مؤتمر باريس التكيف مع الظروف الوطنية الخاصة بالدول المختلفة والتأكيد على النتائج العملية.
وأضاف انه من الضروري احترام الاختلافات بين الدول، وبشكل خاص الدول النامية، فى السياسات المحلية وبناء القدرة والهيكل الاقتصادي.
"يتعين عدم اهمال الحاجات المشروعة للدول النامية من اجل خفض الفقر وتحسين احوال معيشة شعوبها خلال معالجة قضية التغير المناخي"، وفقا لما قال.
وحث شي، مع قادة الدول النامية الاخرى، الدول المتقدمة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه قضية التغير المناخي ونقل التكنولوجيا منخفضة الكربون والصديقة للبيئة الى الدول النامية.
كما حث الرئيس الصيني على تطبيق فعال للاتفاقية الخاصة بالتمويل من جانب الدول المتقدمة، حيث تم الاتفاق فى كوبنهاجن فى 2009 على ان الدول الافقر والاكثر عرضة لتأثيرات الاحتباس الحراري ستتلقى 100 مليار دولار أمريكي كل عام بحلول 2020 للتخلي عن الوقود الحفري وتعزيز الدفاع ضد مخاطر التغير المناخي التى تتمثل فى نقص الغذاء والموجات الحارة والعواصف.
وقال "يتعين على الدول المتقدمة الوفاء بالتزاماتها قبل 2020 وتقديم دعم مالي اقوى للدول النامية بعد ذلك."
وأضاف "من المهم ايضا نقل التكنولوجيا الصديقة للمناخ الى الدول النامية."
ثقة الصين وعزيمتها
فيما يتعلق بالتزام الصين تجاه مكافحة التغير المناخي، قال شي ان ثاني أكبر اقتصاد فى العالم يتمتع بالثقة والعزيمة فى الوفاء بالتزاماته.
كدولة نامية، اتخذت الصين اجراءات جريئة لخفض انبعاثات الكربون بينما وضعت خطة مناخية طموحة.
وفى خطابه، أكد شي على تعهد الصين فى يونيو الماضي بشأن خفض انبعاثات الكربون لكل وحدة من اجمالي الناتج المحلي بنسبة تتراوح بين 60 و65 فى المائة بحلول 2030 مقارنة بمستويات 2005، وزيادة موارد الوقود غير الحفري فى استهلاك الطاقة الرئيسي الى نحو 20 فى المائة.
وأوضح شي "يتطلب ذلك جهودا كبيرة، لكننا نتمتع بالثقة والعزيمة للوفاء بالتزاماتنا."
وأضاف ان الصين تشارك بفاعلية فى الحملة العالمية بشأن التغير المناخي، وتتصدر العالم الآن من حيث الحفاظ على الطاقة واستخدام طاقات جديدة ومتجددة.
وتهدف الخطة الخمسية الصينية الجديدة (2016-2020) الى طريق تنمية اكثر استدامة وتوازنا لتعزيز الانتاج الصناعي النظيف والتنمية منخفضة الكربون والحفاظ على الطاقة لضمان نمو مستدام فى السنوات الخمس القادمة.
وعلى اساس الابتكار التكنولوجي والمؤسسي، ستتبنى الصين اجراءات سياسية جديدة لتحسين النظام الصناعي وبناء نظام منخفض الكربون وتطوير بناء اخضر ونقل منخفض الكربون واطلاق سوق تداول انبعاثات الكربون.
ان التحرك بشأن التغير المناخي يأتي ليس فقط بدافع حاجة الصين المحلية للتنمية المستدامة لضمان الامن الاقتصادي والغذائي وأمن الطاقة، ولكن يأتي أيضا من الاحساس بمسئولية المشاركة الكاملة فى الحوكمة العالمية وتكوين مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية، وفقا لخطة عمل قدمتها الصين لامانة اتفاقية الامم المتحدة الاطارية للتغير المناخي فى يونيو الماضي.
دفع التعاون العالمي
وأكد شي على ان الحكومة الصينية ستواصل دفع التعاون الدولي بشأن التغير المناخي والتطبيق الجاد لالتزاماتها بشأن التعاون الجنوبي-الجنوبي.
واعلنت الصين فى سبتمبر الماضي اقامة صندوق التعاون المناخي الجنوبي-الجنوبي بقيمة 20 مليار يوان (نحو 3 مليارات دولار امريكي) لمساعدة الدول النامية الاخرى فى مكافحة التغير المناخي "فى اظهار لدعم اكبر"، وفقا لما قال شي.
وأوضح انه في العام القادم ستطلق الصين مشروعات تعاون لـ10 مناطق صناعية منخفضة الكربون وستبدأ اكثر من 100 مشروع للتخفيف من حدة التغير المناخي فى دول اخرى وستقدم لها 1000 فرصة تدريب لمعالجة التغير المناخي.
وستواصل الصين دفع التعاون الدولي فى مجالات مثل الطاقة النظيفة والوقاية من الكوارث والحد منها وحماية البيئة والزراعة الذكية مناخيا والمدن منخفضة الكربون والذكية، وفقا لما قال.
كما ستساعد الدول النامية الاخرى فى بناء قدراتها المالية للتعامل مع التغير المناخي.
ردود افعال ايجابية
شهد خطاب شي فى اجتماع باريس ردود افعال ايجابية من الوفود والخبراء الحاضرين.
ورحبت المسئولة عن مبادرة المناخ والطاقة التابعة للصندوق العالمي للطبيعة سامانتا سميث بخطاب شي، مشيرة الى ان شي لديه خطط تعاون للصين مع دول نامية أخرى.
وقال برزميلاو سوبانسكي، مسئول فى ادارة التنمية المستدامة فى بولندا ونائب رئيس الوفد البولندي للقمة ان مبادئ "مسئوليات مشتركة لكن متباينة" و"المساواة" و"القدرات الخاصة بكل دولة"، التى أكد عليها شي، هي ما تطلبه اتفاقية الامم المتحدة الاطارية للتغير المناخي.
ومشيدا بمبادرة الصين بشأن اقامة صندوق التعاون المناخي، قال ان الصين تلعب دورا مسئولا فى مواجهة تحديات التغير المناخي.
وقالت جنيفر مورجان، رئيسة برنامج المناخ فى معهد الموارد العالمية، ان تصريحات شي تظهر تصميمه على مواجهة التغير المناخي والدفع نحو اتفاقية قوية مع جميع الأطراف لاتخاذ إجراءات.
وأوضحت ان الصين على استعداد للقيام بدور محوري فى التوصل إلى ارضية مشتركة بشأن القضايا الرئيسية فى باريس.
