جوهانسبرغ 5 ديسمبر 2015 (شينخوا) قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي يوم السبت إن حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ لمؤتمر تغير المناخ في باريس وجولته الأفريقية اللاحقة ، أظهرا استعداد الصين لمواجهة التحديات العالمية بشكل مشترك مع الدول الأخرى ولتعزيز التنمية المشتركة.
وبعد إجراء مناقشات مع زعماء العالم في باريس حول سبل مكافحة تغير المناخ بشكل أفضل، قام الرئيس شي بزيارة دولة إلى كل من زيمبابوي وجنوب أفريقيا، ثم سافر إلى جوهانسبرغ لحضور قمة منتدى التعاون الصيني -الأفريقي.
وعلى مدى الأيام السبعة الماضية، التقى شي قادة من أكثر من 50 دولة ومنظمة إقليمية، وألقى عددا من الخطابات المهمة بهدف تدعيم التضامن وتحقيق التعاون القائم على الكسب المتكافئ.
-- قيادة المحادثات العالمية حول المناخ
وقال وانغ إن مؤتمر تغير المناخ في باريس، الذي طال انتظاره، وافتتحه زعماء من أكثر 150 دولة، يعد نقطة حاسمة في مسيرة الحوكمة العالمية للمناخ.
وأضاف وزير الخارجية الصيني أن الرئيس شي قد طرح مقترحات مهمة في اللقاء، وأجرى تنسيقا مكثفا مع الأطراف الأخرى، مقدما إسهامات لا بديل لها لنجاح المؤتمر الذي يهدف إلى التوصل لاتفاق دولي جديد لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بعد عام 2020، عندما ينتهي العمل ببروتوكول كيوتو لعام 1997.
ونقل وانغ عن الرئيس شي قوله إنه ينبغي على اتفاقية باريس أن تعزز الإجراءات العالمية لمكافحة تغير المناخ بعد عام 2020، وأن تدفع الدول في أنحاء العالم لتحقيق التنمية المستدامة على نحو أفضل.
وقال وانغ إن مقترحات شي التي تقوم على أساس الوضع الراهن، هي أيضا موجهة نحو المستقبل، مضيفا أنها تمثل السعي المشترك للدول النامية، مع الأخذ في الاعتبار أيضا لمواقف كل جانب.
وأوضح وزير الخارجية الصيني أن المبادرات لقيت موافقة ودعما واسع النطاق.
وخلال إقامته في باريس، التقى شي كل من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولوند، والرئيس الأمريكي باراك أوباما، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، من أجل اغتنام الفرص لتعزيز العلاقات الثنائية مع هذه الدول، وكذلك لإجراء مفاوضات بشأن تغير المناخ. وأشار وانغ إلى أن شي التقى أيضا غيرهم من زعماء العالم لبناء توافق بخصوص تغير المناخ.
وفي باريس، أكد شي على مبدأ "مسؤوليات مشتركة لكن متباينة" كحجر زاوية وضعته اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ في عام 1992، مضيفا أنه يجب الالتزام به خلال مفاوضات المناخ القادمة. كما دعا الدول المتقدمة إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه تمويل التغير المناخي، ونقل التكنولوجيات منخفضة الكربون والصديقة للبيئة إلى الدول النامية.
وأضاف وانغ أن المقترحات التي تقدم بها الرئيس شي عززت التعاون الدولي في المعركة ضد تغير المناخ.
كما أشار كبير الدبلوماسيين الصينيين إلى أن مؤتمر باريس شهد بذل جهود من قبل الصين لإعطاء قوة دفع جديدة للتعاون المناخي فيما بين بلدان الجنوب ـ الجنوب.
وقد أكد الرئيس شي مرات عديدة أن اتخاذ إجراءات ضد تغير المناخ، لا تدفعه احتياجات الصين المحلية من أجل التنمية المستدامة فحسب، بل أيضا إحساسها بمسؤوليتها.
وقال وانغ إنه من خلال عرض التدابير السياسية والفلسفة الإنمائية للصين، إضافة إلى التأكيد على التزام بكين بتحقيق أهدافها المناخية لعام 2030، سمح الرئيس شي للمجتمع الدولي بأن يشعر بصدق الصين في تقديم إسهامات أكبر للمعركة العالمية لمواجهة تغير المناخ.
-- بدء عصر جديد من التعاون بين الصين وأفريقيا
وقال وانغ إن قمة جوهانسبرغ التاريخية التي جاءت مع حلول الذكرى السنوية الـ 15 على تأسيس منتدى التعاون الصيني- الأفريقي (فوكاك)، هي أول قمة بين الجانبين في القارة الأفريقية.
وأضاف أن شي الذي شارك في ترأس اللقاء مع رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، رسم مخططا للتنمية المستقبلية للعلاقات بين الصين وأفريقيا مع قادة الدول الأفريقية والمنظمات الإقليمية.
وفي خطاب رئيسي ألقاه خلال مراسم افتتاح القمة، اقترح شي أنه على الصين وأفريقيا الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى لشراكة تعاونية إستراتيجية شاملة، والتعاون من أجل الدخول في عهد جديد من التعاون المربح للجانبين والتنمية المشتركة.
ومن أجل تحويل هذا الاقتراح إلى نتائج ملموسة، دعا شي إلى تضافر الجهود لتعزيز "خمس دعامات رئيسية"، وأعلن عن 10 خطط كبرى لدفع التعاون الثنائي.
ولدى وصفه الصين وأفريقيا بأنهما نعم الصديقتين ونعم الشريكتين ونعم الشقيقتين ويربطهما مستقبل مشترك، ذكر شي أن الجانبين كانا على الدوام مجتمعا ذا مصير مشترك، مع تجارب تاريخية متشابهة ولدت صداقة عميقة بين شعوبهما.
وقال شي للحضور "نلتزم، عند عقد علاقات الصين مع إفريقيا، بمبادئ الصدق والنتائج العملية والتقارب وحسن النوايا ونتمسك بقيم الصداقة والعدالة والمصالح المشتركة".
وأعرب القادة الآخرون في القمة عن ترحيبهم الحار بخطاب شي، قائلين إنه سيقود الصداقة والتعاون بين أكبر دولة نامية في العالم والقارة التي تعتبر موطنا لأكبر عدد من الدول النامية إلى مستقبل أكثر إشراقا.
وقال وانغ إن الاجتماع التاريخي، الذي وافق على إعلان وخطة عمل للتعاون في السنوات الثلاث المقبلة، عزز التضامن والتعاون وسيوجه مستقبل العلاقات بين الصين وأفريقيا.
وعلى هامش القمة، التقى شي أيضا نكوسازانا دلاميني-زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، وعقد اجتماعات منفصلة وجماعية مع عشرات من القادة الأفارقة، حيث تم التوصل إلى توافق حول العلاقات والتعاون العملي بين الصين وأفريقيا.
-- الارتقاء بالعلاقات مع زيمبابوي وجنوب إفريقيا الى مستوى جديد
وتعد كلا زيمبابوي وجنوب إفريقيا شريكين مهمين للصين في التعاون مع إفريقيا وتحمل علاقات البلدين مع الصين أهمية إستراتيجية.
وأفسحت زيارتا دولة قام بهما شي للبلدين المجال لمزايا الثقة السياسية المتبادلة والتكامل الاقتصادي ورفعتا العلاقات الثنائية الى مستوى جديد، وفقا لوانغ.
وتزامنت زيارة شي لزيمبابوي مع الذكرى الـ35 لإقامة العلاقات الدبلوماسية الثنائية وتعد أول زيارة دولة لرئيس صيني للدولة الإفريقية منذ عام 1996.
وتتمتع الصين وزيمبابوي بعلاقات أخوية بشهادة التاريخ ترجع إلى تقديم الأولي لمساعدات جوهرية لنضال الأخيرة من أجل التحرير والاستقلال الوطنيين.
ومنذ إقامة البلدين للعلاقات الدبلوماسية الثنائية في يوم حصول زيمبابوى على استقلالها، شهدت العلاقات الثنائية تنمية مطردة ومثمرة.
وقال شي إن الصين وزيمبابوي، بصداقتهما التقليدية التي تعود الى تاريخ طويل وتقوى يوما بعد يوم، هما بحق "صديقان في جميع الظروف"، مضيفا أنه لا يتعين عليهما معاملة بعضهما البعض كصديقين جيدين على الساحة السياسية فحسب، وإنما كشريكين جيدين في تعزيز التنمية أيضا.
وكانت زيارة شي لجنوب إفريقيا "بلد قوس القزح" هي الثانية له منذ توليه منصبه.
وخلال المحادثات التي جرت بينهما عقب مراسم الاستقبال، بحث شي وزوما سبل تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الاقتصادين الناشئين واتفقا على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد عبر التطبيق الكامل لخطة التعاون الإستراتيجية التي تمتد من 5 إلى 10 سنوات بين البلدين.
وقال شي إنه "بفضل الجهود المشتركة للبلدين، تشهد الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين وجنوب أفريقيا قوة دفع جيدة مع تعزيز الثقة السياسية وتزايد التعاون البراغماتي في شتى المجالات، الأمر الذي يعود بفوائد ملموسة على الشعبين".
وقال وانغ إن التبادلات الوثيقة بين الزعيمين قد أرست أساسا صلبا لتطوير صحي ومطرد وطويل الأجل للعلاقات الثنائية.
--رؤية جديدة للحوكمة العالمية
وخلال حضوره مؤتمر التغير المناخي في باريس وزيارته اللاحقة لإفريقيا، كشف شي عن رؤية كبيرة لتحسين الحوكمة العالمية وأعلن عن إجراءات ملموسة تظهر تماما التزام الصين بتحمل مسؤوليتها لمعالجة التحديات العالمية والحفاظ على المصالح المشتركة للعرق البشري مع الدول الأخرى.
وفي حديثه عن الاستحابة العالمية للتغير المناخي في باريس، استفاض الرئيس الصيني في تقديم رؤية الصين ووجهة نظرها بشأن الحوكمة العالمية ودعا الى خلق مستقبل قائم على التعاون المربح للجميع بدلا مما يسمى بـ"الألعاب الصفرية".
واتفقت هذه الرؤى ، جنبا الى جنب مع مقترحاته لدفع حكم القانون الدولي والسماح بنماط مختلفة للتنمية على أساس الظروف الوطنية، مع المفاهيم الدبلوماسية الجديدة للصين مثل مجتمع المصير المشترك للبشرية والنمط الجديد للعلاقات الدولية كما تطابقت مع طموحات قريناتها من الدول النامية.
وفي مؤتمر باريس، تحدث شي من أجل الدول النامية ولصالح تعزيز آلية عالمية فعالة ومعقولة وعادلة استجابة للتغيرات المناخية. وخلال زيارته لإفريقيا، اقترح الارتقاء بالشراكة الصينية-الإفريقية من أجل تحقيق التعاون المربح للجميع والرخاء المشترك بهدف تعزيز التطوير المستدام والموزون والشامل للعالم.
وفي إفريقيا، توصل شي والزعماء الأفارقة الى توافق مهم بشأن تقوية التضامن الصيني-الإفريقي والمضي قدما بديموقراطية العلاقات الدولية, ما سيترك أثرا كبيرا على توجيه النظام الدولي باتجاه مستقبل أكثر عدالة ونزاهة.
وبعثت جولة شي لباريس وإفريقيا برسالة واضحة مفادها أن الصين ما زالت أكبر دولة نامية في العالم وستجلب تنميتها فرصا للدول النامية ولبقية العالم.
وما زالت سياسة الصين الخارجية تتمحور على العالم النامي وستواصل الدولة الوقوف جنبا الى جنب مع الدول النامية وستعمل لتعزيز صوتها وتمثيلها للدول النامية وخاصة الدول الإفريقية في الحوكمة الدولية.