بكين 28 ديسمبر 2015 (شينخوا) في المناطق الساحلية بجنوب شرقي الصين يعيش أكثر من 50 ألفا من أحفاد العرب القدامى في مدينة تشيوانتشو والذين شهدوا نشأة وازدهار طريق الحرير البحري القديم المعروف بطريق البخور، أما الآن يشهدون فرصة لبناء طريق الحرير البحري الجديد للقرن الـ21.
"نحن من المنطقة العربية وإليها" على ما ذكر دينغ تسونغ ين ، أحد أحفاد العرب الذين قدموا للصين منذ زمن طويل ، وهو أحد رجال الأعمال المحليين من قومية هوي في مدينة تشيوانتشو الصينية.
وقال إن أعمال التجارة الدولية لشركته قد امتدت إلى المملكة السعودية العربية وغيرها من دول الشرق الأوسط مؤكدا أن مبادرة "الحزام والطريق" (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري الجديد للقرون الـ21) التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ ستحفز التعاون التجاري بين الأوساط التجارية الصينية والعربية.
وقال دينغ، مدير مجلس إدارة مجموعة سيلان في مقاطعة فوجيان الساحلية بجنوب شرقي الصين، إنه من بلدة تشنداي الواقعة في مدينة تشيوانتشو التي وصل التجار العرب إليها قبل مئات السنين عبر طريق الحرير البحري وتزاوجوا مع السكان المحليين قبل أن يشكلوا في نهاية المطاف قومية هوي في تشنداي حيث يحمل نحو عشرة آلاف شخص لقب دينغ مثله.
وأضاف دينغ أن مقبرة ليشان للمسلمين مازالت في الضاحية الشرقية من المدينة ، وبها قبور أسلافهم ذوي اللقب دينغ من أهالي تشنداي.
كان عدد العرب والفرس الذين وصلوا إلى مدينة تشيوانتشو الساحلية عبر طريق الحرير البحري خلال عهد أسرة تانغ الإمبراطورية (618م - 907م) كبيرا.
وأشارت دينغ يوي لينغ، مديرة متحف تشيوانتشو لتاريخ الملاحة والمواصلات الخارجية ، إلى العدد الكبير للقادمين العرب والفرس إلى مدينة تشيوانتشو الساحلية عبر طريق البخور خلال عهد أسرة سونغ الجنوبية الإمبراطورية (1127م - 1279م) وأسرة يوان الإمبراطورية (1271م - 1368م) فقد أصبح الميناء الشرقي الكبير موقعا يعج بالعرب والفرس في شرق آسيا، مضيفة أن أكثر من 50 ألفا من أحفاد العرب يعيشون حاليا في تشيوانتشو.
وتعتبر مدينة جينجيانغ التابعة لتشيوانتشو في مقاطعة فوجيان بجنوب شرقي البلاد إحدى نقاط انطلاق طريق الحرير البحري القديم وهي "مدينة الأحذية الصينية".
أما بلدة تشنداي التابعة لجينجيانغ تعد أول بلدة يتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي مائة مليون يوان في مقاطعة فوجيان في ثمانينات القرن الماضي.
وعند دخول لجنة تشنداي لشؤون قومية هوي يمكن ملاحظة الكتابة على يافطة اللجنة باللغتين الصينية والعربية.
وقال نائب مدير اللجنة دينغ وي قوه إن في بلدة تشنداي سبعة مديريات ريفية يتجاوز عدد سكانها عشرين ألف نسمة حيث كان التجار العرب قبل مئات السنين قد وصلوا إلى هذا المكان عبر طريق البخور قبل أن يتزاوجوا مع السكان المحليين ، ما أسهم في تشكيل قومية هوي في تشنداي من حاملي اللقب "دينغ".
وفي هذه البلدة الصغيرة يوجد مسجد تشنداي ومعبد أسلاف آل "دينغ" وهما من أهم المواقع التاريخية الواقعة تحت حماية الدولة. ومن جهة أخرى أسس شركات وعلامات تجارية مشهورة جدا في الصين مثل آنتا و361 وإكستيب رجال أعمال من آل دينغ يرجع نسبهم إلى المهاجرين العرب القدامى ، ما يسهم في جعل بلدة تشنداي أقوى البلدات من حيث مستوى النمو الاقتصادي في فوجيان.
وبالنسبة إلى شركة سيلان، فإن تجارة منتجات البتروكيماويات تعتبر جزءا هاما من أعمالها التجارية علما بأن هوية دينغ تسونغ ين كأحد أحفاد العرب تجلب المنافع لشركته.
وقال عند إشارته إلى إحدى الصور "التقطت هذه الصورة في مراسم التوقيع على اتفاقية تعاونية بين شركتنا والمجموعة السعودية العملاقة للصناعات البتروكيميائية سابك أثناء معرض أكسبو شانغهاي 2010".
وأضاف دينغ بأنه يشعر بالألفة عند تعامله مع العرب بفضل ما جلبه طريق الحرير البحري القديم من مصادر تاريخية وموارد ثمينة لا غنى عنها.
ولد دينغ تشي منغ، المدير العام لشركة سانسيدا للمواد البلاستيكية ، في ثمانيات القرن الماضي ، وعاد إلى تشنداي ليرث أعمال تجارية عائلية بعد تخرجه من الجامعة الصينية للسياسة والقانون قبل سبع سنوات.
وقال إن شركته تعمل في قطاع استعادة الأكياس البلاستيكية المستعملة والنفايات الناجمة عن عملية تصنيع الأحذية وغيرها من النفايات البلاستيكية والمطاطية وإعادة استخدامها لتصبح صناعة حديثة ناشئة تسهم في اقتصاد التدوير وتوفير الطاقة وتقليل الانبعاثات ، مما جعله يشعر بالتفاؤل حول آفاق تطور شركته في المستقبل.
وعند الحديث عن هويته التي تنسب للعرب ، قال دينغ إن أفراد الجالية العربية التي قدمت إلى الصين من خلال طريق البخور برعوا في فنون الملاحة والقيام بالأعمال التجارية حيث اتسموا بهذه الخصائص على نحو بارز الأمر الذي خلق منصة جيدة لأعمالهم .
وأضاف دينغ بأنه بعد قرون من الاندماج بين القوميات برزت تدريجيا صفة أهالي قومية هوي المحلية حاملي اللقب دينغ والذين يتميزون بالعمل الجاد والإصرار والجلد والوفاء بالعهد والتآزر ومد يد العون.
وذكرت دينغ يوي لينغ أنه إلى جانب أهالي قومية هوي من آل دينغ الذين يقطنون في تشنداي يعد أفراد قومية هوي من حاملي لقب قوه في بلدة بايتشي وحاملي لقب بو في محافظة يونغتشون من سلالة العرب القدماء الذين وصلوا إلى تشيوانتشو قبل أن يتنقلوا عبر محطات كثيرة عبر طريق الحرير البحري.
وتبعد منطقة تجمعات أهالي قومية هوي من آل قوه في بلدة بايتشي 20 كيلومترا شمال شرقيا عن بلدة تشنداي.
عندما وصلنا إلى البلدة بدت مباني حكومة بايتشي المحلية ذات أسلوب بناء عربي إسلامي..
وقال قوه تينغ شي نائب مدير مؤسسة القطع الأثرية المحلية ، إن طقوس القرابين وعادات الطعام تتسم بخصائص التقاليد الإسلامية.
ويعمل قوه فنغ هونغ ، وهو مسلم في بايتشي ، يعمل في قطاع التجارة بين الصين والدول العربية ، وقد ذكر أن بلدته كانت قد أرسلته ضمن بضعة عشر طالبا في تسعينات القرن الماضي إلى بكين لتعلم اللغة العربية إلا أن عددا قليلا منهم ثابروا في هذا التخصص.
وبعد دراسته في جامعة المدينة في المملكة العربية السعودية عاد إلى مدينة قوانغتشو بجنوبي البلاد ليعمل كمدير الجانب الصيني في شركة منصور المصرية للتجارة الدولية.
"أعمالنا التجارية الرئيسية تضم شراء ملابس الأطفال والأحذية من مدينتي قوانغتشو وشيشي ، ثم تصديرها إلى مصر. وتلقى البضائع الصينية رواجا في الأسواق المصرية" على ما ذكر قوه.
أما بالنسبة إلى أفراد قومية هوي من آل بو في محافظة يونغتشون مازال الكثير منهم يعملون في صناعة البخور التي توارثوها من العرب القدامى.
وعند زيارة "مركز بوتشينغلان للبخور" في بلدة ووليجيه القديمة والذي يشكل إحدى العلامات التجارية المشهورة ذات التاريخ الطويل ، يعرف بو ليانغ قونغ الذي ورث عن عائلته إدارة مركز البخور كل أنواع البخور مثلما يعرف راحة يده.
وانبثقت فنون تصنيع البخور من سلالة بو ، التي اتقنوها من خلال طريق البخور. وفي عهد أسرتي سونغ ويوان الإمبراطوريتين (960م - 1368م) بعد الميلاد كان لدى بو شو قنغ باعتباره أحد أحفاد العرب القدامى الذين سكنوا في تشيوانتشو الكثير من السفن البحرية ليحتكر بذلك تجارة البخور الدولية في هذه المنطقة لمدة طويلة.
وقال بو هاي شينغ وهو ولد بو ليانغ قونغ إن مثل هذا التقليد العائلي يجري مجرى الدم في العروق ما يدمج بين توارث ثقافة البخور الصينية الباقية منذ آلاف السنين وبين أدخال وتطور فنون أحفاد العرب القدامى في تصنيع البخور ، مضيفا بأنه فتح متجرا للبخور على شبكة الانترنت فيما يعلم ابنته تمييز مختلف روائح البخور.
ترك طريق الحرير البحري عشرات الآلاف من أحفاد العرب في الصين والآن تشهد أنواع منتجات التجارة بين الدول العربية والصين تبادلات كثيفة.
وقد أشارت أرقام صادرة عن مصلحة التجارة المحلية إلى أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت أكبر شريك تجاري لمدينة تشيوانتشو في عام 2014 ، وسوقا تشهد أسرع نمو لصادرات المدينة بزيادة 27 في المائة على أساس سنوي.
عقد ندوة حول مبادرة طريق الحرير البحري في كمبوديا |
تعليق: طريق الحرير البحري يقدم فرصة جديدة للتعاون بين الصين وفيتنام |