بكين 20 يناير 2016 (شينخوا) تعتبر الصين ومصر، دولتان ناميتان تحتاجان للتعاون والتشارك المستمر لتحقيق نتائج ملموسة في مجال تحسين البيئة، حيث تبذلان جهودا كبيرة في السعي وراء تعزيز التعاون البيئي وخاصة في كبح التصحر، ومن المتوقع أن يطلق التعاون الثنائي في هذا الشأن قوة كامنة كبيرة بفضل زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ المقبلة لمصر علاوة على حفز مبادرة "الحزام والطريق".
إن مكافحة التصحر مهمة مشتركة يحتاج إليها النمو الزراعي في الصين ومصر، حيث أن قرابة 96 في المائة من أراضي مصر تقع في مناطق الصحراء والأراضي المتصحرة، بينما تعد الصين واحدة من الدول الأشد تعرضا لمشاكل التصحر في العالم، حيث تبلغ مساحة الأراضي المتصحرة فيها 261 مليون كيلومتر مربع محتلة 27.2 في المائة من إجمالي مساحة البلاد .
وحسب ((الكتاب العربي الأصفر)) الذي صدر عام 2014 من تأليف أجهزة بحثية صينية، فإن معظم الأراضي في الدول العربية تواجه خطر التصحر الذي تتنوع أسبابه في هذه المناطق، وتأتي في صدارتها الأسباب غير الطبيعية أي البشرية .
وفي هذا الصدد، أشار الكتاب إلى أن الدول العربية نفذت مشروعات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة التصحر، وحققت نتائج إيجابية في مجالات مثل رصد وتقييم مستوى تدهور الأرض ، وبناء مشروعات الحفاظ على المياه، علاوة على اختيار الطرق الفعالة لكبح التصحر وتدريب خبراء مهنيين وتعزيز الوعي الوطني للمشاركة في مكافحة التصحر وغير ذلك .
من جانب آخر، تحتاج الدول العربية بشدة للتعاون الدولي لحماية البيئة والوقاية من التصحر، الأمر الذي يقدم فرصا كثيرة ومجالا واسع النطاق للتعاون الصيني-العربي فيها في هذا المجال .
الجدير بالذكر أن الصين تحققت تقدما تقنيا مستمرا في مكافحة التصحر والوقاية منه في السنوات الأخيرة ، إذ استقطبت متخصصين مهنيين عرب في هذا المجال لزيارة الصين والتعلم من التجارب المعنية الناجحة وتبادل الخبرات مع الجانب الصيني .
أما بالنسبة إلى مصر على وجه الخصوص، فقد أشار الأستاذ ليو يون من معهد البحوث الأفريقية في جامعة تشجيانغ للمعلمين، إلى إمكانية أن تقوم الصين ومصر بالتبادلات التقنية في الوقاية من تصحر الأراضي الزراعية وتقليص مساحة الأراضي المتصحرة، لترتقيا بفعالية استغلال الأراضي .
وأضاف ليو يون أن أعمال استصلاح الأراضي الصحراوية في مصر لم تخفف من عدم التوازن بين إمدادات الأغذية المحدودة وعدد السكان الضخم فحسب، بل قدمت تجارب قيمة لاستصلاح وتطوير المناطق الصحراوية للدول الأخرى في أنحاء العالم ، مؤكدا أن الصين أيضا تتخذ سلسلة من الإجراءات الإيجابية للوقاية من التصحر.
وبحسب أرقام صادرة عن مصلحة الدولة للغابات الصينية في ديسمبر عام 2015، فقد شهدت مساحة الأراضي الصحراوية والأراضي القفرة في البلاد انخفاضا استمر لـ10 سنوات متتالية منذ عام 2004 .
وكشف وان قانغ، وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني، مؤخرا أن الصين كثفت في السنوات الأخيرة من جهودها في بحوث وتطوير التكنولوجيا المعنية بالوقاية من التصحر ومكافحته وحماية البيئة، وقد وصل إجمالي مساحة الأراضي المستصلحة في البلاد إلى أكثر من 20 مليون مو ( حوالي 1.33 مليون هكتار ).
وحسب وان، فقد حققت أعمال إصلاح النظام الايكولوجي المحلي تقدما باعتبارها عملية تصنيعية، حيث تشكلت عدة أنماط جديدة لمكافحة التصحر تمثلت في اختيار وتربية النباتات الصالحة للزراعة وإصلاح الغطاء النباتي في الأراضي الصحراوية وبناء نظام اقتصادي موفر لمكافحة التصحر.
وفي هذا الصدد، قال أحمد إسماعيل ؛ الخبير في مركز بحوث الصحراء بمصر، في ندوة كوبوتشي الدولية بشأن الصحارى التي عقدت في يوليو عام 2015، إن "الصين تمتاز بـ3 قدرات متفوقة في مكافحة التصحر ، إذ تستطيع توفير موارد بشرية كبيرة لتنفيذ المشروعات ذات الصلة، كما أنها تمتلك خبراء ومتخصصين وتقنيات رفيعة المستوى في هذا المجال، وتجارب قيمة ونادرة.
وكانت منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي في شمال غربي الصين تعاني من التصحر واحتلت مساحة المناطق الصحراوية 21.3 في المائة من إجمالي مساحتها، وبدأت جهود المنطقة في مكافحة التصحر منذ خمسينات القرن الماضي .
ونشطت منطقة نينغشيا في التبادل الصيني-العربي في السنوات الأخيرة، كما قدمت مساهمات إيجابية في التعاون الثنائي في مجال مكافحة التصحر.
وقال لي شنغ باو، نائب عميد معهد العلوم الزراعية بمنطقة نينغشيا، إن المنطقة وضعت برامج تدريبية لمكافحة التصحر والوقاية منه ابتداء من عام 2006 ، واستمرت البرامج لأكثر من 8 دورات وجاء طلبتها من 21 دولة عضو في جامعة الدول العربية تجاوز عددهم 170 شخصا .
وحسب لي ، كان معظم الطلاب من الباحثين المهنيين والموظفين المتخصصين في مكافحة التصحر، أما محتويات التدريب، فشملت الإصلاح والسيطرة الشاملة على الأراضي الصحراوية ، واختيار النباتات وخاصة الأشجار الصالحة للزراعة في الصحراء وغير ذلك .
ورأى تشانغ جيان لونغ ، رئيس مصلحة الدولة للغابات في الصين، أن على الصين أن تهتم بالإبداع التقني وإصلاح الآلية المعنية في مجال السيطرة الشاملة على التصحر .
وفي هذا الصدد، يحتاج التعاون الصيني-العربي وخاصة التعاون بين الصين ومصر في مكافحة التصحر والوقاية منه، يحتاج إلى مشاورات أعمق والمزيد من الجهود خاصة في تحديد آلية سليمة وتعزيز كفاءة العمل.