حضر رئيس لجنة الدولة للتنمية والإصلاح في الصين شيوي شاو شي مؤتمرا صحفيا على هامش الدورة البرلمانية السنوية، 8 مارس. (شينخوا/لي شين)
بكين 8 مارس 2016 (شينخوا) لقد صار مستقبل الاقتصاد الصيني محط أنظار بلدان العالم مع افتتاح الدورتين السنويتين (الدورة الرابعة للمجلس الوطني الـ12 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني والدورة الرابعة للمجلس الوطني الـ12 لنواب الشعب الصيني) مؤخرا.
وفي هذا الصدد، صرح شيوي شاو شي رئيس لجنة الدولة للتنمية والإصلاح في الصين يوم الأحد على هامش الدورة البرلمانية السنوية قائلا "في الحقيقة, لن يحدث على الإطلاق هبوط خشن للاقتصاد الصيني الذي يتمتع حقا بمرونة شديدة وقدرة كبيرة على مقاومة المخاطر, بل وستظل الصين تمثل قوة دافعة كبرى للنمو العالمي".
وثمة إشارات إيجابية ثلاث ، بثها تقرير عمل الحكومة الذي قدمه رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ إلى أعلى هيئة تشريعية يوم السبت، تبرهن على أن اقتصاد الصين لا يزال يسهم في دفع انتعاش الاقتصاد العالمي وسط هذه الحقبة الزمنية التي تشهد ركودا في الاقتصاد الدولي وتقلبات في السوق العالمية وانكماشا في الطلب العالمي.
الإشارة الأولى: إصدار توقعات تنم عن استقرار الاقتصاد
تهدف الصين، كما أشارت في تقرير عمل الحكومة، إلى تحقيق نمو اقتصادي تتراوح نسبته بين 6.5 إلى 7% خلال عام 2016 ومعدل نمو سنوي تصل نسبته إلى 6.5% على الأقل في المتوسط بحلول عام 2020.
وفي ظل هذا المعدل، سيتجاوز حجم الاقتصاد الكلي للصين 90 تريليون يوان (الدولار الأمريكي يعادل 6.5 يوان) بعد خمس سنوات من الآن. وستدخل الصين باعتبارها الدولة النامية ذات التعداد السكاني الأكبر في العالم في مصاف الدول ذات الدخل المتوسط والمرتفع وستنجح بوجه عام في انتشال إجمالي أكثر من 70 مليون شخص من الفقر, الأمر الذي سيصبح أحد معالم التحديث وكذا أحد عجائب الدنيا.
ويرى المحللون أنه عند أخذ الزيادة المتواضعة في عجز الميزانية المالية وعرض النقود بمعناه الواسع كمؤشر على ما سيشهده اقتصادالصين, فسوف يشكل تعزيز دفع السياسات المالية النشطة وتزايد مرونة السياسات النقدية الحكيمة اتجاها رئيسيا في مسألة تنظيم الاقتصاد الكلي هذا العام.
كما قال سونغ يوي, كبير خبراء الاقتصاد في شركة قاو هوا للأوراق المالية الصينية التابعة لمؤسسة غولدمان ساكس، إن القيادة الصينية قادرة على فعل ما هو أكثر من ذلك، لكنها "تحتفظ بالذخيرة" تفاديا لأية تأثيرات قد تطرأ نتيجة مخاطر حادة.
الإشارة الثانية: تقديم مساهمات لدفع الاقتصاد العالمي بنمو جديد
لا يزال الاقتصاد الصيني يمثل ركيزة هامة للنمو الاقتصادي العالمي حيث يتجاوز حجم الاقتصاد الكلي للصين الآن 60 تريليون يوان ليحتل المرتبة الثانية في العالم. كما أوضح تقرير عمل الحكومة أن كل نقطة مئوية من نمو إجمالي الناتج المحلي تعادل 1.5 نقطة مئوية من النمو قبل خمس سنوات أو 2.5 نقطة مئوية من النمو قبل 10 سنوات, ما يقدم إجابة لأسئلة ومخاوف الدول الأخرى إزاء تأثير تغير معدل نمو الاقتصاد الصيني على الاقتصاد العالمي.
وقد طرح التقرير أهدافا وإجراءات تفصيلية تشمل تحقيق زيادة في دخل السكان تزامنا مع زيادة النمو الاقتصادي ورفع نسبة الأشخاص ذوى الدخل المتوسط, ما سيترك تأثيرات إيجابية على العالم تشمل إتاحة الصين مع اتساع نمط الاستهلاك فيها باطراد لسوق شاسعة يمكنها استيعاب صادرات من مناطق أخرى في العالم.
كما بث تقرير عمل الحكومة إشارة أخرى تتمثل في الابتكار في المفهوم الخاصة بالتنمية وطريقة التفكير في تحقيق التنمية والنهج اللازم إتباعه بشأنها، إذ أشار التقرير إلى أن عملية تعديل هيكل الاقتصاد الصيني شهدت تقدما هاما تجسده دلائل حيث أصبح قطاع الخدمات أكبر صناعة في الصين وأصبح الاستهلاك قوة دافعة رئيسية في دعم نموها الاقتصادي، الأمر الذي يدل على أن الصين تأتي في الصفوف الطليعية في عملية الإصلاح بين الاقتصادات الكبرى في العالم.
وقال محللون إن الاقتصاد الصيني، مدفوعا بـ"محركين" ألا وهما طاقة الحركة التقليدية وطاقة الحركة الجديدة، سيسجل في المستقبل نموا مستمرا من شأنه أن يدفع النمو الاقتصادي العالمي.
الإشارة الثالثة: توفير تربة خصبة جاذب للاستثمارات الأجنبية
وكشف التقرير بكل جلاء أن الإصلاحات والتعديلات تتيح فرصا هائلة حيث ولدت جولة جديدة عالية المستوى من الانفتاح على العالم المزيد من مبادرات الإصلاح العميقة ومن بينها تخفيف العبء عن الشركات والمؤسسات، وتوسيع دخول الاستثمار للأسواق، وتعزيز حماية الملكية الفكرية وتطبيقها...الخ. وقد أوضحت الحكومة في تقرير العمل أن الصين ستظل دوما بمثابة تربة خصبة جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
وفي فترة خطة "التنمية الخمسية الـ13"، ستشجع الصين على ضخ استثمارات أجنبية في مجالات التصنيع المتقدم والتكنولوجيا الفائقة وتوفير الطاقة وحماية البيئة والخدمات الحديثة، ولاسيما في مناطق وسط الغرب والشمال الشرقي منها.
جدير بالذكر أن الصناعات التقليدية الصينية تقوم بإعادة بناء سلسلة الصناعة وسلسلة العرض وسلسلة القيمة, ما سينتج عنه طلبات قوية جديدة. وفي الوقت ذاته, أصبح الانفتاح خيارا ضروريا للشركات والمؤسسات الصينية من أجل تعزيز طاقة الحركة الخاصة بالتنمية وزيادة زخم الإصلاح وخلق ميزات تنافسية.
وتعد الأهداف، التي طرحها التقرير فيما يتعلق بتحقيق تقدم هام في بناء "مبادرة الحزام والطريق" وإحراز اختراقات جديدة في التعاون الدولي في مجال القدرة الإنتاجية والعمل تدريجيا على بناء شبكة مناطق تجارة حرة عالية المعايير وغيرها من الأهداف، تعد بمثابة بشرى للدول المجاورة والإقليمية الراغبة في تحقيق تنمية اقتصادية ونهضة اجتماعية.
وقد أكد ستيفن روتش الباحث البارز في جامعة ييل الأمريكية أن الحكومة الصينية قد قامت بكل ما في وسعها لدفع التحول الاقتصادي وتعزيز الإصلاح , لهذا ستشهد الصين خلال السنوات الخمس المقبلة وتيرة نمو اقتصادي متوسط إلى مرتفع.