بكين 12 يوليو 2016 (شينخوا) من المقرر أن يقوم رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ بزيارة إلى منغوليا تلبية لدعوة من نظيره المنغولي جارجالتولجا إردنبات يومي 13 و14 يوليو الجاري، كما سيحضر القمة الـ11لاجتماع آسيا- أوروبا (أسيم) التي ستعقد في العاصمة المنغولية أولان باتور في الـ15 و16 من الشهر الجاري بدعوة من الرئيس المنغولي تساخيا البجدورج.
تعد هذه أول زيارة خارجية يقوم بها رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ في عام 2016 وتصادف انتخاب الحكومة الجديدة في منغوليا والذكرى الـ20 لتأسيس اجتماع آسيا-أوروبا. وسيشارك قادة 53 دولة ومنظمة من آسيا وأوروبا في الاجتماع الذي سيعقد تحت عنوان "20 عاما على تأسيس أسيم: شراكة من أجل المستقبل عبر الترابط".
كما تعد هذه المرة الثانية التي يحضر فيها لي كه تشيانغ قمة اجتماع آسيا-أوروبا. ومن المقرر أن تضع القمة المرتقبة برنامج التنمية المراد تحقيقه خلال السنوات العشر المقبلة في إطار اجتماع آسيا- أوروبا. ومن المقرر أن يقدم لي كه تشيانغ خلال القمة سلسلة من المقترحات والإجراءات الرامية إلى تعميق الترابط بين آسيا وأوروبا وتعزيز التعاون البراغماتي بين الصين ومنغوليا، الأمر الذي سيرسى أساسا ثابتا للارتقاء بالتعاون الأوروآسيوي ويفتح فصلا جديدا في التعاون الصيني- المنغولي.
وقد شهد اجتماع آسيا-أوروبا اتساعا من حيث الحجم والتأثير باعتباره أكبر منتدى تعاوني بين الحكومات في أوروآسيا ومنصة رئيسية للحوار والتعاون بين القارتين. ومنذ تأسيسه قبل 20 سنة، يدفع الاجتماع الفهم والثقة المتبادلين بين القارتين وكذا تحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية بين بلدان القارتين، كما يسهم في بناء نمط جديد للعلاقات الآسيوية -الأوروبية.
وتعد الصين من المؤسسين البنائين لعملية التعاون بين آسيا وأوروبا ومشاركة متحمسة فيها، وتسعى إلى دفع تعميق آلية التعاون بين القارتين منذ تأسيس الاجتماع . وقد حضر الزعماء الصينيون جميع القمم منذ تأسيس الاجتماع ، واستضافت بكين القمة السابعة لاجتماع آسيا-أوروبا. وحسب الإحصاءات، أصبحت الصين الدولة التي تقدمت بأكبر عدد من المقترحات خلال القمم السابقة للاجتماع وذلك بطرحها خلال تلك القمم لـ28 مقترحا. وحتى الآن، تقدمت الصين في مختلف محافل اجتماع آسيا-أوروبا بحوالي70 مقترحا، من بينها المقترحات الـ28 السالف ذكرها، لتعطي بذلك دفعة للتعاون بين القارتين.
وفي هذا الصدد، تشكل الصين باعتبارها قوة صاعدة في آسيا وأوروبا باعتبارها منطقة تضم عددا كبيرا من الدول المتقدمة، تشكلان قوتين هامتين في الحوكمة العالمية، وتتحملان مسؤوليات في الحفاظ على السلم والاستقرار على الصعيد العالمي وفي بناء نظام دولي عادل. ويتمتع اجتماع آسيا-أوروبا بمزايا فريدة ويتيح وجوده للجانبين فرصا للحوار وإمكانات لدفع التفاهم والتعاون.
ولم يأت تحديد "الترابط" كموضوع للقمة الـ11لاجتماع آسيا -أوروبا بمحض الصدفة، إذ اقترح رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ في القمة الـ10 للاجتماع التي عقدت في مدينة ميلانو الإيطالية عام 2014 دفع الترابط بين آسيا وأوروبا، وأعرب عن استعداد الصين إلى بناء شبكة ترابط للبني التحتية بين القارتين.
ومع توثيق الاتصالات بين آسيا وأوروبا، توصلت الدول الآسيوية والأوروبية إلى توافق حول ضرورة وأهمية تعزيز مسألة الترابط التي يعتبرها الاجتماع سبيلا رئيسيا لتحقيق التناغم الاقتصادي والتنمية المستدامة وسيدفع تعميقها تطوير اجتماع آسيا-أوروبا بعدما صار هذا الترابط اتجاها له الأولوية بالنسبة للاجتماع .
ومع تزايد قوة الصين واتساع نفوذها، يتزايد ما يتطلع إليه بعض أعضاء اجتماع آسيا -أوروبا من الصين التي لديها القدرة والاستعداد لاستخدام آلية اجتماع آسيا-أوروبا وتوجيهها. وفي ظل ذلك، على الصين أن تقود اتجاه تنمية الترابط بين آسيا وأوروبا، إذ عليها أن تعمل من ناحية على تعزيز الترابط بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية والمشروعات القائمة في إطار اجتماع آسيا-أوروبا مثل الجسر البري الأوروآسيوي، وتعمل من ناحية أخرى على توطيد الترابط بين المبادرة والمشروعات الجديدة التي ستقام في إطار الاجتماع ، لدفع الترابط بين القارتين قدما.
ولكن، مازال اجتماع آسيا-أوروبا يواجه عدة تحديات من بينها كيفية الحفاظ على التماسك بين الأعضاء باعتباره منتدى غير متلاصق هيكليا؟ وكيفية التخفيف من الاختلافات المؤسسية بين الأعضاء وإكمال البناء المؤسسي للاجتماع ؟ إلخ. وفي هذه القمة، سيطرح رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ مقترحات تفصيلية لمواجهة هذه التحديات ودفع منصة الاجتماع إلى مستوى أعلى .
وفي ظل العولمة الاقتصادية والتعددية القطبية في العالم، تتجاوز العلاقات بين آسيا وأوروبا العلاقات الثنائية وتتمتع بأهمية إستراتيجية على الصعيد العالمي. وتوجد الكثير من أوجه التشابه في الإستراتيجيات التنموية بين الصين وأوروبا اللتين تذخران بإمكانات هائلة للتعاون. ومن شأن الترابط أن يعمل على توطيد العلاقات بينهما، وهو ما يتوافق مع مصلحة دول قارتي آسيا وأوروبا ويدفع الأمن والاستقرار والازدهار والتكامل الاقتصادي داخلهما. ومن هذا المنطلق، تحمل قمة اجتماع آسيا - أوروبا المرتقبة أهمية بالغة وآفاقا رحبة.