بكين 19 أغسطس 2016 ( شينخوا ) نجحت الصين مؤخرا في إطلاق قمر اصطناعي متقدم جديد للاتصالات الكمية العالي الأمن ، وهو الأول من نوعه في العالم بأسره.

هذا القمر؛ يحمل اسما غريبا "موه تسي" (المعنى الحرفي هو "سيد الحبر")، وبسبب ذلك ونظرا لكثرة الأقمار الصناعية التي أطلقها الصين في السنوات الأخيرة ، لم يسترع "سيد الحبر" اهتماما كثيرا في العالم أو حتى في الصين نفسها. إلا أن هذا الاسم ؛ ورغم غرابته وتفرده نوعاً ما، يعتبر اسما نادرا جدا فضلا عما يحمله بين طياته من معنى عميق للغاية في الوقت نفسه.

فبين عشرات الأقمار الصينية السابحة في الفضاء ، يعتبر القمر "سيد الحبر" الوحيد بينها الذي يحمل اسم شخص حقيقي في التاريخ الصيني، وهذا بحد ذاته أمر نادر الحدوث في الصين. فمالذي دفع الصين إلى إطلاق اسم شخص حقيقي على قمرها الجديد؟ ومن هو هذا الشخص حقيقة؟

في الاسم "موه تسي" كلمتان صينيتان "موه" و"تسي"، تحمل الأولى "موه" دائما معنى الحبر. ومع أن كلمة "تسي" تعني اسما محترما قديما للرجال يعني "السيد" أو "مستر" حاليا، إلا أن كلمة "موه" في اسم القمر لا تعني الحبر ، بل اسم عائلة فيلسوف من الأرياف الصينية قبل أكثر من ألفي سنة . هذا الفيلسوف كان يتمتع آنذاك بنفس الشهرة الكبيرة التي حازها "كونفوشيوس" العظيم الذي يمثل الثقافة الصينية التقليدية حاليا.

فقد مذهب "موه" لـ"سيد الحبر" نفوذه بعد عدة مئات من السنين على تأسسه لسبب ما ، لكن أغلب العلماء الصينيين يعتقدون بأن جوهر أفكاره تحولت إلى جينات الصينيين العاديين.

وعلى الرغم من أن كثيرا من الناس "يخافون" خوض غمار الفلسفة الصينية التقليدية والإبحار في أعماقها ، نظرا لصعوبة فهم منطقها، أو ربما لغياب المنطق فيها تماما، إلا أن أفكار فلسفة "سيد الحبر" بسيطة للغاية، والسبب؛ أنه نفسه كان يفضل البساطة أكثر من أي شيء آخر في الدنيا، وهذا ما دفع الفلاحين الأميين لاعتناق أفكاره كمقياس للحياة.

فما هي هذه الأفكار ؟ وما العلاقة بين القمر الصناعي وبين أفكار "سيد الحبر"؟

قال "سيد الحبر" ("سيد موه" في حقيقة الأمر) إن على جميع الناس في الدنيا السير في طريق "حب البشر"، ومن جهة أخرى "اللاعدوان".

كان أفراد مذهب "سيد الحبر" ماهرين في الدفاع عن القلاع والمدن أمام الغزو العشوائي بالاعتماد على التكنولوجيات المتقدمة التي طوروها معتنقو مذهب "سيد الحبر" الذي أسس في الصين الفيزياء والهندسة لأول مرة في التاريخ. بكلمة أخرى ، فإن أفراد مذهب "موه تسي" لن يهاجموا الآخرين ، بل يساعدون الأبرياء على الدفاع عن حياتهم .

للأسف الشديد، تلاشى نفوذ فلسفة "سيد الحبر" في المجتمع الصيني في القرن الثاني بعد أن تغلبت الفلسفة الكونفوشيوسية عليها ، ولم تبق منها سوى أساطير متداولة على لسان الشعب الصيني مثل ما وصفه فيلم "معركة الدهاء".

يبدو أن العلماء الصينيين الذين نجحوا في تطوير احدث التكنولوجيات في مجال الاتصالات الكمية يرومون استعادة روح مذهب "سيد الحبر" المتميزة بالحب واللاعدوان ، ويرغبون في الدفاع عن أمن الاتصالات ضد التهديدات الخارجية مثل برنامج "بريزم" من أجل ضمان مصالح الشعب الصيني، ولذلك أطلقوا على القمر الصناعي اسم مؤسس المذهب "موه تسي" .

وفيما يسبح القمر "سيد الحبر" في الفضاء الآن ، ومن خلاله ، ها هي أفكار "موه تسي" حول السلام والأمان والتكنولوجيا تعود إلى أرض الصين من جديد، وكذلك إلى العالم ككل ، فهل أسلوب الحياة البسيط وروح مبدأ "حب البشر" اللاعدوان" ستبقى لتعيش فترة أطول هذه المرة ، أم أنها ستختفي من جديد لينتظرها دعاة السلام ومحبيه ألف سنة أخرى؟