الأقصر، مصر 6 أكتوبر 2016 (شينخوا) احتفلت مصر اليوم (الخميس)، بذكرى مرور 43 عاما على انتصارها في حرب السادس من أكتوبر ضد إسرائيل، وهى الحرب التي بموجبها تمكنت الأولى من استعادة شبه جزيرة سيناء، التي كانت تحتلها الدولة العبرية، بعد توقيع معاهدة سلام بين الدولتين برعاية أمريكية في عام 1979.
ولم تكن معاهدة السلام المصرية - الاسرائيلية الأولى أو حتى الأشهر في تاريخ الدولة العربية الأكبر، إذ سبق أن وقعت أول معاهدة سلام مكتوبة في تاريخ البشرية في عام 1258 قبل الميلاد، سميت بمعاهدة "قادش"، حسب مركز "الأقصر للدراسات والحوار والتنمية".
وأوضح المركز أن معاهدة "قادش" هي أقدم اتفاقية سلام عرفها التاريخ، أبرمت بين امبراطوريتي الفراعنة والحيثيين، حيث تضمنت بنودا قانونية وعسكرية ودبلوماسية نظمت العلاقات بينهما.
وقادش أو "تل النبي مندو" هي مدينة أثرية سورية قديمة، تقع على نهر العاصي إلى الجنوب الغربي من حمص بحوالي 24 كيلو مترا، وهي عاصمة مملكة "كنزا".
وتقع المدينة أيضا على بعد خمسة كيلو مترات إلى الغرب من مدينة القصير، وجرت فيها معركة قادش الثانية بين الفراعنة والحيثيين.
ووفقا لمركز الأقصر، وقع معاهدة قادش كل من الفرعون المصري الملك رمسيس الثاني، وملك الحيثيين مواتللي الثاني في عام 1258 ق.م، وذلك بعد معركة طاحنة جرت في مدينة قادش السورية وتكبد فيها الطرفان خسائر فادحة.
ورغم انتصارات الملك رمسيس المتعددة والتي سجلتها النصوص الجدارية، إلا أن حروبه ضد الحيثيين هى الأهم والاكثر شهرة في تاريخه الحربي، وقد وصلت هذه المعارك ذروتها في معركة قادش، التي اختلفت الروايات حول المنتصر فيها.
وبينما يرى بعض من المؤرخين أن المعركة انتهت بانتصار جيش الفراعنة، الذي حارب فيه الملك رمسيس الثاني بنفسه ليرفع من معنويات جنوده، يقول آخرون عن المعركة أن رمسيس " خسرها منتصرا".
واعتبر مركز الأقصر معاهدة قادش الأساس لجميع المعاهدات التي توالت بعد ذلك، لاسيما أنها "جمعت بين تطبيق القوانين والتشريعات وضمان حق الشعوب وتأكيد إقامة سلام عادل وشامل وتعزيز أواصر العلاقات العسكرية والدبلوماسية".
ونقشت المعاهدة على لوح من الفضة باللغة الحيثية، إلى جانب أنها سجلت باللغة الهيروغليفية على جدران معبدي الكرنك والرامسيوم بمدينة الأقصر جنوب القاهرة.
وأكدت بنود المعاهدة " أهمية إقامة علاقات جيدة بين الدولتين، والسعي إلى إحلال سلام أساسه احترام سيادة أراضي الدولتين، والتعهد بعدم تحضير الجيوش لمهاجمة الطرف الآخر، وإقامة تحالف وقوة دفاعية مشتركة، واحترام الرسل والمبعوثين بين الدولتين لأهمية دورهم لتفعيل السياسة الخارجية، واللجوء إلى لعنة الآلهة كضمانة لهذه المعاهدة ومعاقبة الناكث بها".
ويوجد نسخة طبق الأصل من معاهدة قادش في مقر الأمم المتحدة باعتبارها أول معاهدة سلام مكتوبة وموثقة في التاريخ، كما يوجد نسخة منها معروضة في متحف الاثار بمدينة اسطنبول. وذكر الباحث حجاج سلامة، مدير مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، معقبا على المعاهدة أن الملك رمسيس الثاني قاد حروبا ضد الحيثيين بعد أن فرضوا نفوذهم علي حلفاء الدولة الفرعونية في آسيا.
وأوضح أن رمسيس الثاني قاد في العام الخامس من حكمه حملة عسكرية وصلت إلى قادش بعد شهر من مسيرة السفر، مشيرا إلى أن جيش رمسيس شهد خسائر كبيرة في صفوفه إثر خدعة تعرض لها من جواسيس الحيثيين أعقبها هجوما مفاجئا من الحيثيين، لكنه استطاع أن يحسم المعركة لصالحه بعد أن وصلت كتيبة عسكرية لدعمه، ما دفع الجنود الحيثيين إلى ترك عرباتهم الحربية والسباحة في نهر العاصى خوفا من جيش الفراعنة.
وبحسب كتابات رمسيس الثاني، فإن مواتللي الثاني ملك الحيثيين هو من طلب الصلح مع الفراعنة.
وأشار سلامة إلى أن مدخل معبد الأقصر يسرد البطولات التي حققها الجيش الفرعوني ضد الحيثيين، وكذلك معبد أبو سمبل، حيث توضح الجداريات أن الملك رمسيس الثاني قبل بمعاهدة السلام بـ"رأس مرفوعة"، جعلت منه "أول بطل للحرب والسلام" في تاريخ البشرية.
والحيثيون هم شعب هندوأوروبي سكن في آسيا الصغرى وشمال بلاد الشام منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وشملت مملكتهم الأناضول وجزء كبير من شمال غرب الهلال الخصيب.