بكين 6 مايو 2017 (شينخوا) على مدى قرون، يسبح طريق الحرير القديم في النهر الطويل للتاريخ مثل وشاح حريري ذهبي. وفي هذه الآونة، حلت خطوط السكك الحديدية الفائقة السرعة والطرق محل حركة الجمال والخيول النشطة في قديم الزمان، لتحول طريق الحرير القديم، وذلك في ظل مبادرة الحزام والطريق، إلى حارة سريعة تربط آسيا وأوروبا.
-- حلم طريق الحرير لدى "تشانغ تشيان" الأوزبيكي
عاش الشاب الأوزبيكي مونيسوف زاراكامول في مدينة سمرقد، تلك المدينة التي يعود تاريخها إلى 3 آلاف عام وأطلق عليها اسم "لؤلؤة الشرق" على طريق الحرير
ومنذ نعومة أظافره، أصبح زاراكامول مغرما بالصين وثقافتها بفضل والدته. وبعدما أنكب على الدراسة ليلا ونهارا على مدى عشر سنوات، التحق بمعهد سمرقد للغات الأجنبية في عام 2011 وتخصص في دراسة اللغة الصينية.
لم تكن عملية التعلم سهلة. ويتذكر زاراكامول أنه لم يستطع التمييز بين مقطعين في اللغة الصينية يتشابهان في النطق أثناء حضوره درس الاستماع الأول في اللغة الصينية. ولكن بعد سنوات من الصبر وبفضل الدروس التي تلقاها على يد معلميه الصينيين، تمكن من التغلب على عقبات اللغة الواحدة تلو الأخرى..
وبدءا من أول كلمة ألقاها باللغة الصينية وأول أغنية أنشدها باللغة الصينية وأول دور لعبه على خشبة المسرح باللغة الصينية وكان دور تشانغ تشيان ذلك الدبلوماسي الصيني الشهيرالذي ينتمي لعهد أسرة هان، وصولا إلى تذوقه الطعام الصيني لأول مرة وتجربته الأولى مع العادات الصينية، صار زاراكامول مفتونا بالثقافة الصينية الثرية وتاق إلى تعلم المزيد.
وفي عام 2015، شارك الشاب زاراكامول في مسابقة "جسر اللغة الصينية" المتعلقة بإتقان الصينية والمخصصة للطلبة الأجانب الجامعيين وواصل نجاحه فيها حتى بلغ الجولة النهائية كأحد أفضل عشرة متسابقين. وعقب انتهاء المسابقة، أتيحت له فرصة لدراسة العلاقات الدولية والدبلوماسية في جامعة شانغهاي بمنحة دراسية مقدمة من معهد كونفوشيوس.
ومنذ فترة طويلة يراود زاراكامول، السمرقندي الذي تربطه علاقة وثيقة بالصين، حلم في أن يصبح دبلوماسيا يربط بين الشعبين الأوزبيكي والصيني مثلما فعل تشانغ تشيان قبل ألفي عام مضت.
ومع تنفيذ مبادرة الحزام والطريق الصينية، أصبح حلمه حقيقة.
--حلم الصين لدى فتاة إيرانية
وشأنها شأن زاراكاول، نما اهتمام الفتاة الإيرانية نسيم خارنغامساري بالصين بفضل والدها خلال فترة طفولتها. "كان والدي يشير بإصبعه إلى طريق الحرير ويقول لي إن إيران والصين صارتا صديقتين منذ قديم الزمان... ودارت في مخيلتي مرارا صور أناس قدماء وهم يرتدون جلابيب طويلة وسترات قصيرة ويمطون جمالا ويسيرون عبر الصحراء حاملين التوابل"، هكذا قالت نسيم.
وقبل ثمانية أعوام، أي بعد تخرجت نسيم من المرحلة الثانوية، فتحت الجامعة الوحيدة في إيران التي تدرس اللغة الصينية الباب أمام قبول طلاب جدد، وهذا أمر يحدث مرة كل ثلاث سنوات. وتقدمت على الفور للالتحاق بهذه الجامعة وقُبلت أوراقها.
وأضافت "وبدا الأمر كما لو كان القدر قد رتبه لي، هكذا كان الأمر بكل بساطة. القدر ربط بيني وبين اللغة الصينية".
ومرت سنوات الدراسة الأربع في الجامعة سريعا، وتخرجت نسيم. وتحسن مستواها في اللغة الصينية كثيرا ووجدت فرصة عمل جيدة. ولكنها ظلت تشعر بأنها تفقد شيئا في حياتها.
"سألت نفسي مرات عدة: هل هذه هي الحياة التي أريدها؟ أين طريق الحرير الذي حلمت به؟ أردت أن أتبع هذا الطريق حقا وتعلم مهارات، وتحمل مسؤوليات ومهام رسول للثقافة. ولم أستطع حينها أن أجد سلاما داخليا".
وعقب إقناع والديها، تقدمت بطلب للحصول على منحة دراسية من معهد كونفوشيوس للذهاب إلى الصين لمواصلة الدراسة.
وخلال سعيها لتحقيق "الحلم الصيني" لديها، حدث أمر مفاجئ، إذ عبر شاب أكبر منها في سنوات الدراسة عن حبه لها وأخبرها بأنه عقد العزم على الذهاب معها إلى الصين. وقد تزوجا في الصين والسعادة تغمرهما.
"أود أن أتوجه بالشكر لطريق الحرير واللغة الصينية لأنهما منحاني هذه الحياة وهذا الحب"، حسبما أكدت نسيم.