الموصل، العراق 28 يونيو 2017 (شينخوا) أقيم احتفال كبير بالجانب الشرقي لمدينة الموصل بمناسبة حلول أول عيد الفطر بعد استعادة أكثر من 99 بالمائة من أحياء ومناطق المدينة التي رضخت تحت حكم التنظيم المتطرف لثلاث سنوات، وحرمت من ممارسة ابسط تقاليدها وعاداتها.
الاحتفال بدأ بعد الساعة السابعة من صباح أمس واستمر لغاية الساعة الواحدة فجر اليوم (الأربعاء) وشارك فيه العشرات من الشباب القادمون من العاصمة بغداد وبقية المدن العراقية الأخرى وخاصة المحافظات الجنوبية (الشيعية)، ومئات الأسر والشباب الموصليين المتعطشين للحرية .
وبعد وصول الحافلات التي تقل الأشخاص القادمين من بغداد وبقية المحافظات الى موقع الاحتفال الذي أقيم بمنصة الاحتفالات التابعة لجامعة الموصل، تعالت أصوات الهتافات والترحيب بقدوم الضيوف الكرام وتعانق الشباب الموصليين مع الشباب القادمين فيما أطلقت في السماء العديد من الألعاب النارية احتفالا بهذه المناسبة.
وقال ستار محسن علي، صاحب دار نشر سطور في بغداد، وهو أحد منظمي حملة الحرية، بعد وصوله الى ساحة الاحتفالات لوكالة أنباء ((شينخوا)) "جئنا من بغداد رغم الحر الشديد للاحتفال بعيد الفطر المبارك مع إخواننا في الموصل لنثبت عراقية الموصل، وننقل للعالم رسالة بأن أهالي الموصل ليس من داعمي تنظيم داعش الإرهابي بل أن هذا التنظيم المتطرف اختطف المدينة العريقة، وحاول ضرب التلاحم بين العراقيين".
وأضاف علي "نحمل رسالة محبة وسلام ووئام ، ونريد أن يعيش العراقيون بحرية داخل بلدهم الواحد الموحد الحر الديمقراطي ، ونسعى إلى أن تقام دولة المواطنة بعيدة عن الأحزاب الطائفية، التي حكمت العراق خلال الفترات السابقة وأدت الى إلحاق الأذى الكبير بالعراقيين".
وأوضح علي بأنه دخل الى الموصل حاملا كتاب في محاولة منه لنشر القراءة بين العراقيين، مبينا أنه تبرع من دار النشر التي يملكها ب 1500 كتاب الى جامعة الموصل وقام بإيصالها الى الجامعة، مشيرا أنه تبرع ب 1000 كتاب أيضا لأصحاب المكتبات الخاصة بالموصل دعما للقراءة، لافتا الى أن أي صاحب مكتبة يريد شراء الكتب فإنه على استعداد لتخفيض الأسعار وتقسيط المبلغ، قائلا "هدفنا نشر الثقافة والمحبة والسلام بين العراقيين ونبذ الأفكار الطائفية والمتطرفة التي أدت الى تدمير بلدنا".
وعن الاستقبال الحار الذي تلاقه والوفود القادمة أجاب "شباب الموصل أخجلوني بكرمهم وحفاوة الاستقبال ، وجدتهم أناس يحبون الحرية وينبذون العنف والتطرف والإرهاب الأعمى، أنهم عراقيين أصلاء ومن حقهم أن يعيشوا أحرارا في مدينتهم".
من جانبه قال محمد أسامة حميد مخرج وممثل في مسرحية (من الظلمات الى النور) التي تم عرضها في الاحتفال وتدور أحداثها عن قصة حقيقية وقعت في الجانب الشرقي للموصل عندما استخدم التنظيم المتطرف المدنيين كدروع بشرية واحتجز عائلة وقام بإعدام ابن هذه العائلة أمام أنظار أفرادها بتهمة التعاون مع القوات العراقية، ليعطي رسالة لبقية أفراد الأسرة بأن أي شخص يعارضه سوف يكون مصيره القتل وقال "نريد أن يطلع الجميع على المعاناة الكبيرة لأهالي الموصل تحت سيطرة التنظيم المتطرف، فقد كان يعدم الشباب لأتفه الأسباب، من يملك شريحة هاتف نقال يعدم، ومن يسمع أغنية يعدم وغيرها الكثير من العقوبات التي تقود الى الإعدام".
وأوضح حميد بأنه بالإضافة الى إخراجه للمسرحية قرر أن يتولى أداء دور الإرهابي في التنظيم والذي احتجز العائلة وأعدم ابنها، لأنه عاش تحت سيطرة التنظيم المتطرف ما يقارب سنتين ونصف، وكان يشعر بمدى الخطر والترهيب الذي يقوم به عناصر التنظيم وقساوتهم لذلك قرر أن يجسد هذا الدور حتى ينقل معاناته وتجربته الشخصية تحت حكم الحديد لهذا التنظيم المتطرف.
وتابع " كل شيء كان ممنوعا تحت سيطرة التنظيم المتطرف، وهذا أول عيد فطر منذ ثلاث سنوات تجري فيه احتفالات علنية وتعزف الموسيقى وتقام الحفلات الموسيقية في الموصل، لذلك ترى الإقبال الشديد لحضور هذه الاحتفالية وخاصة من قبل الشباب".
الى ذلك قال العميد الركن واثق الحمداني قائد شرطة نينوى لـ ((شينخوا)) في موقع الاحتفال "ساهمت قيادة شرطة نينوى بهذه الاحتفالية من خلال توفير الأجواء الأمنية للشباب والعائلات لكي تحتفل بالعيد والانتصارات التي تحققها قواتنا في الجانب الغربي لمدينة الموصل، التي لم يبق منها سوى أجزاء بسيطة".
وأكد الحمداني أن عناصر الشرطة انتشروا في المنطقة ويقومون بتفتيش كل من يرغب بالحضور من أجل منع أي فرصة قد يستغلها التنظيم المتطرف في إفساد أجواء الفرح التي تعيشها مدينة الموصل بعيد الفطر المبارك والانتصارات على التنظيم الإرهابي.
في الجانب المقابل لموقع الاحتفال حيث المدينة القديمة بالجانب الغربي التي يفصلها نهر دجلة وبضع مئات الأمتار، تشاهد سحب الدخان تتصاعد وبكثافة وأصوات الانفجارات الشديدة تتعالي بالمدينة ، ما يدل على شراسة المعركة هناك بين القوات العراقية وعناصر التنظيم الإرهابي، الذي لايزال يحتجز عدة آلاف من الأبرياء كدروع بشرية في ما تبقى من المدينة القديمة.
وعن هذه المفارقة في الموصل، الجانب الشرقي يحتفل ويغني ويطلق الألعاب النارية فيما القوات العراقية تقاتل بالمدينة القديمة بالجانب الغربي أجابت سيدة موصلية "العراق شعب يحب الحياة ويريد أن يعيشها بسلام ، أما الإرهابيين فهم أعداء السلام والمحبة ، أنهم أعداء الإنسانية بشكل عام، فلذلك نحتفل رغما عنهم ولكي نثبت للعالم بأننا أصحاب رسالة إنسانية مبنية على المحبة والإخاء والتعاون".
وتابعت "كنا نأمل أن يكون الاحتفال بالعيد مزدوج ، أي الاحتفال بعيد الفطر المبارك والنصر النهائي على أعداء الحياة، لكن ذهب الكثير ولم يبق الا القليل جدا ونحن نثق بقواتنا البطلة وخاصة قوات جهاز مكافحة الإرهاب"، مضيفة "العيد في الموصل أجمل بدون داعش وسوف يكون أجمل عندما تعمر المدينة وخاصة الجانب الغربي ويعود النازحون الى ديارهم".
يذكر أن التنظيم المتطرف احتل الموصل في العاشر من يونيو عام 2014 ، وبدأت القوات العراقية في 17 اكتوبر 2016 عمليات "قادمون يا نينوى" وتمكنت في 24 يناير الماضي من استعادة الجانب الشرقي للموصل والبلدات الواقعة على الضفة الشرقية لنهر دجلة جنوب الموصل، وفي 19 فبراير الماضي بدأت عملية لاستعادة الجانب الغربي للموصل ولم يتبق منه سوى أجزاء من المدينة القديمة، حيث تضاربت الأنباء عن المساحة المتبقية والتي قدرها الفريق الركن عبدالغني الاسدي قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب بأنه لا تتجاوز 750 مترا مربعا، فيما تقدرها قيادة العمليات المشتركة بأقل من كيلومتر ونصر مربع، ورغم هذا فإن ما تبقى من المدينة يشكل أقل من 1 بالمائة.
وكانت الحكومة العراقية قررت منح العراقيين عطلة لمدة أسبوع بمناسبة عيد الفطر المبارك بدأت يوم الأحد الماضي أول أيام عيد الفطر المبارك لدى السنة وتستمر لغاية الأحد المقبل، حيث بدأ الشيعة عيدهم يوم الاثنين، أي بعد يوم واحد من السنة.