(مشهد سكان حي الأنصاري)
حلب 28 يوليو 2017 (شينخوا) تنبض الحياة من جديد في أحياء عدة شرقي حلب بعدما عانت لسنوات من المعارك الى أن أعلن الجيش السوري استعادة المدينة كاملة في ديسمبر من العام 2016.
لا تشبه تلك الأحياء اليوم بالتأكيد نفسها قبل سنوات، وحجم الدمار والخراب الذي خلفته المعارك كان يوحي بأنها ستظل لفترة ليست بالقصيرة مدينة أشباح، لكن اصرار الأهالى على العودة الى منازلهم وممارسة حياتهم الطبيعية أعاد اليها الروح لتبدأ دورة حياتها من جديد.
في حي السكري، وقف عشرات الأشخاص في طابور طويل أمام أحد أفران الخبز وسط أبنية مدمرة بنسب مختلفة فيما كانت تتحرك سيارات القمامة في المكان لنقل النفايات خارجه.
وقال صاحب الفرن الخمسيني اياد، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "عجلة الحياة بدأت تعود إلى معظم احياء حلب الشرقية بعد سنوات من المعارك والاشتباكات".
وعاد اياد الى منزله منذ عدة أسابيع بعد اصلاح الأضرار التي لحقت به.
ووفرت محافظة حلب لاياد آليات ثقيلة لنقل الأنقاض من الطرق المؤدية الى فرنه، وساعدته في الحصول على الوقود، كما قال، لتشغيل الفرن لتأمين احتياجات الناس من مادة الخبز.
وأعلن الجيش السوري في ديسمبر الماضي استعادة السيطرة على مدينة حلب شمالي البلاد بعد خروج آخر دفعة من مسلحي المعارضة من شرقي المدينة.
وجاءت السيطرة على حلب بعد هجوم عسكري بدأه الجيش السوري في نوفمبر الماضي بدعم جوي روسي على كامل الأحياء الشرقية التي ظل مقاتلو المعارضة يسيطرون عليها منذ العام 2012.
وخلال أربع سنوات من الحرب ظلت حلب مقسمة الى شطرين ، الغربي منها بيد الجيش السوري والشرقي بيد مسلحي المعارضة.
وبالرغم من أن اليوم (الجمعة) هو يوم عطلة نهاية الأسبوع في سوريا، إلا أن بعض المحلات التجارية المتخصصة ببيع المواد الغذائية في حيي السكري والأنصاري المتجاورين كانت مفتوحة أمام المواطنين لشراء ما يلزمهم.
وفي أزقة الحيين، انتشر باعة متجولون وأصواتهم تملأ المكان لتعلن عن بضاعتهم من الخضار الطازج والذي يأتي من أرياف حلب الخاضعة لسيطرة الجيش السوري.
وبوجه تغمره السعادة، حكى عبد السلام (43 عاما) كيف قام مع أفراد عائلته بإزالة الأنقاض من داخل محله لبيع الخضار في حي الأنصار الشعبي ليمارس عمله من جديد.
وقال عبد السلام انه فوجىء بأن حركة البيع جيدة وان عائلات كثيرة عادت الى حيه، الامر الذي جعله يفكر بفتح محل آخر في مكان مجاور.
وأضاف "هناك الكثير من الأشخاص في حيي الانصاري والسكري من الذين تشجعوا وفتحوا محلاتهم التجارية، بعد أن شاهدوا اقبال الناس على شراء السلع من محلي".
ولا تقتصر عودة الحياة في شرقي حلب على الأمور المعيشية فقط، فقد شهدت قلعة حلب الشهيرة، قبل عدة أيام حفلة للفنان الحلبي الشهير شادي جميل، والذي قدم العديد من الأغنيات الحلبية التراثية.
وقال الشاب أحمد (33 عاما) من سكان حي الأنصاري لـ ((شينخوا))، "حضرت تلك الأمسية الغنائية الجميلة في قلعة حلب ولم أصدق نفسي وأنا اجلس مع خطيبتي في مدرج القلعة وأرى الأضواء تنبعث منها".
"صوت الغناء يغطي على الدمار ويطوي صفحة مؤلمة من ذاكرة أهالي حلب" ، يقول أحمد.
وخلال جولة في حيي الأنصاري والسكري، شوهدت حواجز تابعة للجيش السوري عند مداخل الحيين، للتدقيق في هوية المواطنين الذين عادوا إلى مناطق سكنهم بواسطة حافلات نقل صغيرة تدخل إلى بعض الشوارع التي ازيلت منها الأنقاض.
ومن بين العائدين، الستيني محمد ديب النايف الذي فقد زوجته وابنه صاحب العشر سنوات بعد سقوط قذائف صاروخية علي منزله في عام 2013.
وفي مشهد مؤثر، وقف النايف أمام صورة لعائلته ظلت صامدة بين الركام والدمار الذي طال منزله في حي الانصاري، وراح يتذكر الأيام الجميلة التي مازالت حية بذاكرته، وهو يقول "حسبنا الله ونعم الوكيل".
وأضاف النايف الذي يلقب بأبي عصام، وعيناها تدمعان "خرجت من منزلي بعد ان تعرض للقصف بسبب العمليات العسكرية العنيفة في عام 2013،وتوفيت زوجتي وابني وعمره عشر سنوات بسقوط قذائف صاروخية عليه عندما كنا نائمين بداخله".
وتابع الرجل "كانت إصابتي كبيرة ، لكن مازال لدي عمر كي أعيش".
وأكد أبو عصام أنه قرر العودة إلى المنزل، والبدء بإصلاح ما يمكن إصلاحه، بالرغم من أن حجم الدمار كبير".
الاصرار على استكمال مسيرة الحياة، دفع بعض الأهالي الى وضع خزانات مياه مخصصة للشرب اعتمادا على الآبار الارتوازية الموجودة في الحارات الضيقة بحي الأنصاري.
وتعرضت محطات ضخ المياه الموجودة في ريف حلب للقصف وخروجها عن الخدمة، فيما تعرضت شبكة المياه للضرر أيضا ، في الفترة الماضية.
وكانت حلب، التي تعد من أكبر المدن في سوريا, هي العاصمة التجارية الأولى لسوريا قبل نشوب الأزمة في مارس 2011.
واعتبرت معركة حلب أكبر تحققه القوات السورية خلال الصراع المستمر في البلاد منذ أكثر من ست سنوات.