دمشق 10 أغسطس 2017 (شينخوا) بعد توقف دام خمس سنوات، يعود معرض دمشق الدولي إلى الواجهة من جديد هذا الشهر كدليل على أن الحرب في سوريا آخذة في الانخفاض وبدأت الحكومة السورية تتحول للتركيز نحو إحياء عجلة الاقتصاد التي تعطلت بسبب أعمال العنف في السنوات الماضية.
وافتتحت الدورة الأولى لمعرض دمشق الدولي في عام 1954، وكانت آخر دوره له هي الدورة 58 والتي كانت في عام 2011، وهي السنة الأولى من الحرب السورية. حيث تم إيقاف إقامة دورات المعرض خلال السنوات اللاحقة، بسبب الحرب قبل أن تقرر الحكومة السورية إقامته هذا العام التي من المقرر أن تفتتح في 17 أغسطس الجاري.
وقال فارس كرتلي مدير المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية لوكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) يوم الخميس أن الرسالة التي تريد الحكومة تقديمها هذا العام هي أن "الحياة تعود مرة أخرى في سوريا بعد سنوات من الصراع الدموي".
وعلى الرغم من أن الحرب لا تزال مستمرة في سوريا، ولكنها ليست فوضوية كما كانت في السنوات الأولى من الحرب.
الآن، أصبح الوضع أفضل بكثير مع دخول مناطق خفض التوتر التي ترعاها روسيا والولايات المتحدة حيز التنفيذ، وخاصة في محيط العاصمة دمشق وما حولها.
ولم تعد تسقط قذائف الهاون التي كانت تطلق من داخل الريف الشرقي التي يسيطر عليه المسلحون شرق دمشق، على أحياء دمشق السكنية، حيث اتفقت الجماعات المسلحة على وقف إطلاق النار، باستثناء الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة التي استبعدت من الاتفاق بين الحكومة والمسلحين.
ويبدو أن الحكومة السورية الآن أكثر انفتاحا لعودة عجلات الاقتصاد والإنتاج التي تعرضت لضربة قوية خلال سنوات الحرب.
ونقلت صحيفة ((الثورة)) الحكومية عن وزير الصناعة أحمد حمو قوله إن عقد الدورة الـ59 من معرض دمشق الدولي هي "مؤشر قوي على بداية انتعاش الاقتصاد السوري".
وأضاف أن عودة الحياة إلى الاقتصاد تتطلب تعبئة طاقات الإنتاج والاستعداد لإطلاق عملية إعادة الإعمار في البلاد وإعادة بناء الصناعة في سوريا.
وقال كرتلي، مدير المعارض إن العمل يجري الآن لإعداد أرض المعارض الواقعة بالقرب من مطار دمشق الدولي جنوب العاصمة لهذا الحدث القادم.
وأشار إلى أنه بالرغم من الأزمة فأن الأراضي التي تشكل مساحة مدينة المعارض والبالغة 1200 ألف متر مربع لم يتم استهدافها أو ضربها بالرغم من أن العديد من القرى المجاورة سقطت بيد المسلحين قبل أن يسيطر عليها الجيش السوري في أوائل عام 2016.
وأضاف كرتلى أنه تم تخصيص أكثر من 70 ألف متر مربع لاستضافة أكثر من 1500 شركة محلية ودولية ستشارك في المعرض.
وتابع يقول إن الشركات الأجنبية المشاركة جاءت من 38 دولة. وستعرض شركات من الصين وروسيا وإيران وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا منتجاتها في المعرض.
وكان العمال في أرض المعرض يعملون كخلية النحل في 49 جناحا وأقسام من أرض المعارض، مع بعض العمال يزرعون الأشجار والورود لتزيين الأجنحة بينما الشاحنات من المواد كانت تتحرك لتفريغ المعدات والسلع لتكون جاهزة للعرض في الوقت المحدد.
وتعكس الاستعدادات الجارية حرص الحكومة على جعل الحدث مثاليا قدر الإمكان.
ليس العمل يجري داخل مدينة المعارض والأسواق الدولية فقط، وإنما هناك أعمال الصيانة التي كانت تجري أيضا في العاصمة، بما في ذلك رصف الطرق وتنظيف الشوارع المؤدية إلى طريق المطار حيث تقع أرض المعرض.
وفيما يتعلق بالمخاوف الأمنية التي تكون تشكلت لدى بعض الشركات الأجنبية تجاه المشاركة في المعرض قال كرتلى إن الوضع آمن الآن.
وأضاف أن "الوضع الأمني في سوريا جيد وإنني بحاجة إلى أن أؤكد لجميع الشركات التي ترغب في المشاركة أن الوضع في سوريا طبيعي".
وحتى على المستوى العسكري، يشن الجيش السوري هجوما واسع النطاق على الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في ريف دمشق الشرقي، مع قصف يومي على منطقتي عين ترما وجوبر.
وتشير التقديرات العسكرية إلى أن القرار قد اتخذ للسيطرة على تلك المناطق لكي لا تشكل أي تهديد، لا سيما بعد اتفاق وقف التصعيد الذي تم الاتفاق عليه دوليا واستبعاد جماعة (جبهة النصرة) المرتبطة بالقاعدة وحلفاء الفيلق الرحمن.
ومن المتوقع أن يستمر هذا القصف الثقيل لمدة أسبوع، وبعد ذلك سيتم القضاء على جميع التهديدات للعاصمة.
وحتى قبل العملية العسكرية في ريف دمشق الشرقي، انخفضت قذائف الهاون والهجمات المتكررة إلى حد كبير.
وتركز الحكومة الآن على إحياء الاقتصاد الراكد وتدفع عملية إعادة الإعمار من خلال تشجيع الشركات الأجنبية على زيارة البلاد والبدء في التخطيط للاستثمارات.
وقال كارتلي "إن معرضنا هذا العام سيكون الأفضل منذ إقامة معرض دمشق الدولي عام 1954".
بعد ست سنوات من الحرب في سوريا، أصبح اقتصاد البلاد معطلا مع العقوبات الأمريكية والأوروبية الواسعة النطاق ضد حكومة بشار الأسد.
وتقدر الخسائر الاقتصادية الإجمالية التي لحقت لحد الآن بحوالي 226 مليار دولار أمريكي وفقا للتقديرات التي نشرها البنك الدولي الشهر الماضي. ووجد التقرير أن الخسائر الإجمالية التراكمية للناتج المحلي منذ اندلاع النزاع في سوريا "قدرت بنحو 226 مليار دولار، أي حوالي أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي السوري في عام 2010."
ويعتقد الخبراء أن التأثيرات ستظهر لعقود، حيث من المتوقع أن يعود الناتج المحلي الإجمالي للفرد السوري إلى مستويات ما قبل النزاع من 10 إلى 15 سنة.